تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إذا تكرر الاستثناء بغير العطف فانه كان مستغرقا للاستثناء الذي قبله فهو راجع إلى صدر الكلام لما تقدم من بطلان الاستثناء المستغرق. سواء كان الاستثناء المستغرق مساويا لمتلوه كقولك: له علي عشرة إلا أثنين إلا اثنين. أو أكثر قولك: له علي عشرة إلا أثنين إلا ثلاثة ففي كل من المثالين يرجع الاستثناء إلى صدر الكلام فيلزم المقر في المثال الأول ستة وفي المثال الثاني خمسة. أما وان لم يكن مستغرقا وأمكن استثناؤه من متلو فأصح أقوال أهل العلم إن كل استثناء يعود إلى ما قبل لا إلى صدر الكلام, وذلك لأن رجوع الاستثناء إلى متلوه أقرب من رجوعه إلى أصل الكلام, وترجيح القريب على البعيد قاعدة في لسان العرب. وهذا هو قول النحاة البصريين, والكسائي من الكوفيين, وجماعة من الأصوليين, كالرازي وأبي يعلى والقرافي (42).

المسألة الحادية عشرة

استثناء النصف والأكثر

تقدم بيان بطلان الاستثناء المستغرق. وقد اتفق العلماء على جواز استثناء الأقل من النصف, وأما استثناء النصف أو الأكثر فقد اختلفوا فيه إلى ثلاثة مذاهب. والراجح هو جواز ذلك والدليل عليه قوله تعالى: ? إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاويين ? والغاوون أكثر الفريقين لقوله تعالى: ? لكن أكثر الناس لا يؤمنون ? وقوله: ? وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ? فباستثناء الغاوين من العباد, وهم أكثر من نصف العباد بشهادة القرآن على ذلك ثبت وقوع استثناء الأكثر والوقوع دليل الجواز. وهو بدوره يدل على جواز استثناء النصف من باب أولى.

والى هذا ذهب جمهور العلماء من الأصوليين والفقهاء والنحاة الكوفيين (43).

المسألة الثانية عشرة

الاستثناء من الإعداد

الاستثاء من الإعداد إذا لم يكن مستغرقا جائز مطلقا على الصحيح من أقوال أهل العلم في هذه المسألة.

قال القرافي: (ما علمت في لغة العرب لفظا لا يدخله الاستثناء) (44)

قال الاسنوي: (الاستثناء من الإعداد جائز كما جزم به الإمام (45) والامدي وغيرهما ولا فرق بين أن يكون معين أم لا) (46) , ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى: ? فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما ? وقوله (?): (إن لله تسعة وتسعين إسما مائة إلا واحدا) (47).

هذا هو مذهب جمهور العلماء وماعدا ذلك من الأقوال فضعيف (48).

المسألة الثالثة عشرة

قاعدة: الاستثناء من النفي أثبات ومن الإثبات نفي. وذهب الجمهور إلى القول بهذه القاعدة وذهب أبو حنيفة رحمه الله وأكثر أصحابه إلى أن الاستثناء لا يفيد نفيا ولا أثباتا وإنما غاية ما يدل عليه هو أن ما بعد المستثنى غير داخل في المستثنى منه إنما نفي هذا الحكم عنه أو إثبات حكم أخر له فهذا لا يدل عليه الاستثناء.

وهذا الذي نقلناه من مخالفة الحنفية للجمهور في طرفي القاعدة هو الصحيح الموافق لكت الحنفية وأقوال المحققين منهم (49). وبه يظهر لك ما نقله بعض العلماء (50) من إن مذهب الحنفية يخالف في طرف واحد وهو كون الاستثناء من النفي إثبات ويوافق الجمهور في إن الاستثناء من الإثبات نفي, نقل غير محرر.

وبعد هذا كله كان من مقتضى الخلاف بين الجمهور والحنفية أن يقع الخلاف بينهم في جميع الأحكام الشرعية الفرعية التي دخلها الاستثناء لكن شي من ذلك لم يكن سوى مسائل قليلة, والواقع إن الطرفين متفقان في كثير من المسائل وان طال بينهما الجدل (51).

ثم إني أقول إن الأولى أن يكون البحث منصبا على تلك المسائل القليلة التي حصل فيها الاختلاف, وأن يترك البحث في القواعد العامة التي توضع لهذه المسائل القليلة, وذلك لان هذا يحصر الخلاف, ويحدد موضع النزاع, وأيضا فان ذلك أدعى لفهم المسألة بعينها من أن تناقش على صورة قاعدة عامة, وخلاصة القول إن البحث في مثل هذه الأوجه من الاختلافات أن يتم النزول إلى الجزئيات, وتترك الكليات, هذا ما أرى والله أعلم.

المسالة الرابعة عشرة

الاستثناء الوارد عقب جملتين فصاعدا

قبل الخوض في هذه المسالة نذكر شيئا عن ترجمتها.

قال الامدي) الجمل المتعاقبة بالواو إذا تعقبها الاستثناء رجع إلى جميعها). (52)

وكذالك قال كثيرون،وتعقب ذالك القرافي من ثلاثة وجوه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير