تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3 - من هؤلاء المتكلمين فقهاء برزوا في علم الفقه (على الأقل في مذاهبهم) فكانت آراءهم الأصولية أكثر واقعية في الغالب ممن لم يعتن بالفقه من المتكلمين ذلك أن اشتغالهم بالفقه أتاح لهم الممارسة التطبيقية للقواعد الأصولية على النصوص الشرعية ففهموا أحسن من غيرهم مغزى علم الأصول كما أن ارتباطهم في الفقه غالبا ما يكون بإمام المذهب وأئمة المذاهب الأربعة من أئمة السلف فكان لهذا الانتساب وهذا السبب أثر في تقليل شرهم وزيغهم وعلماؤهم بالفقه أسعد بهذه النسبة بخلاف العقيدة فهم ينتسبون غالبا إلى من خالف مذهب السلف في الاعتقاد كالأشعري والماتريدي

ومن هذا الباب –أي بركة الانتساب إلى السلف والتعلق منهم بسبب - ما قاله شيخ الإسلام رحمه الله تعالى مجموع الفتاوى ج: 4 ص: 17 – 19:" .... ولهذا كان الشيخ أبو إسحق يقول إنما نفقت الأشعرية عند الناس بانتسابهم إلى الحنابلة وهذا ظاهر عليه وعلى أئمة أصحابه في كتبهم ومصنفاتهم قبل وقوع الفتنة القشيرية ببغداد ولهذا قال أبو القاسم بن عساكر في مناقبه ما زالت الحنابلة والأشاعرة في قديم الدهر متفقين غير مفترقين حتى حدثت فتنة ابن القشيري ثم بعد حدوث الفتنة وقبلها لا تجد من يمدح الأشعري بمدحة إلا إذا وافق السنة والحديث ولا يذمه من يذمه إلا بمخالفة السنة والحديث وهذا إجماع من جميع هذه الطوائف على تعظيم السنة والحديث واتفاق شهاداتهم على أن الحق في ذلك ولهذا تجد أعظمهم موافقة لأئمة السنة والحديث أعظم عند جميعهم ممن هو دونه فالأشعري نفسه لما كان أقرب إلى قول الإمام أحمد ومن قبله من أئمة السنة كان عندهم أعظم من أتباعه والقاضي أبو بكر بن الباقلاني لما كان أقربهم إلى ذلك كان أعظم عندهم من غيره وأما مثل الأستاذ أبي المعالي وأبي حامد ونحوهما ممن خالفوا أصوله في مواضع فلا تجدهم يعظمون إلا بما وافقوا فيه السنة والحديث وأكثر ذلك تقلدوه من مذهب الشافعي في الفقه الموافق للسنة والحديث ومما ذكروه في الأصول مما يوافق السنة والحديث وما ردوه مما يخالف السنة والحديث وبهذا القدر ينتحلون السنة وينحلونها وإلا لم يصح ذلك وكانت الرافضة والقرامطة علماؤها وأمراؤها قد استظهرت في أوائل الدولة السلجوقية حتى غلبت على الشام والعراق وأخرجت الخليفة القائم ببغداد إلى تكريت وحبسوه بها في فتنة البساسيري المشهورة فجاءت بعد ذلك السلجوقية حتى هزموهم وفتحوا الشام والعراق وقهروهم بخراسان وحجروهم بمصر وكان في وقتهم من الوزراء مثل نظام الملك ومن العلماء مثل أبي المعالي الجويني فصاروا بما يقيمونه من السنة ويردونه من بدعة هؤلاء ونحوهم لهم من المكانة عند الأمة بحسب ذلك وكذلك المتأخرون من أصحاب مالك الذين وافقوه كأبي الوليد الباجي والقاضي أبي بكر بن العربي ونحوهما لا يعظمون إلا بموافقة السنة والحديث وأما الأكابر مثل ابن حبيب وابن سحنون ونحوهما فلون آخر"

فقوله رحمه الله:" وأما مثل الأستاذ أبي المعالي وأبي حامد ونحوهما ممن خالفوا أصوله في مواضع فلا تجدهم يعظمون إلا بما وافقوا فيه السنة والحديث وأكثر ذلك تقلدوه من مذهب الشافعي في الفقه الموافق للسنة والحديث ومما ذكروه في الأصول مما يوافق السنة والحديث وما ردوه مما يخالف السنة والحديث وبهذا القدر ينتحلون السنة وينحلونها وإلا لم يصح ذلك" أي أن ما وجد من حق في كلام المتكلمين كالغزالي والجويني فهو ببركة انتسابهم إلى مذهب إمام من أئمة السلف وهو الشافعي رحمه الله وكلما كان ارتباطهم بإمامهم في الفقه أوثق كان الحق في كلامهم أكثر والمشتغلون بالفقه منهم ولا شك أكثر ارتباطا بكلام الإمام

4 - تميز الحنفية في الجملة في منهجهم الأصولي بأنهم يتعصبون لآراء أبي حنيفة رحمه الله ويهتمون بفروعه بل ربما بنوا أصولهم على فروعه هذا ما جعلهم في كثير من الأحيان يشذون عن جمهور الأصوليين بآراء انفردوا بها

5 - مع ذلك عصمهم هذا الربط بين الأصول والفروع من بعض ما وقع فيه المتكلمون في أصول الفقه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير