ـ[أبو الفرج مهدي]ــــــــ[23 - 01 - 07, 06:46 م]ـ
الرد:
(1) قال الشافعي:" فألزمنا قاتل كل واحد من هؤلاء الأقل مما اجتمع عليه", هذا هو مستند من نسب "الأخذ بأقل ما قيل" إلى الشافعي, ولا دليل فيه بل فيه ما يرده, فقوله:"مما اجتمع عليه" دليل على أن الإجماع لم يقع على الأقل فقط, فيكون الأقل الذي ألزم به بعض ما أجمعوا عليه, ولو أراد الاستدلال بأقل ما قيل لقال:" فألزمنا قاتل كل واحد من هؤلاء الأقل المجمع عليه", فالإجماع هنا أوسع من أقل ما قيل, ولهذا فالصحيح أن الشافعي هنا يبين أمرا آخر وهو أنه لما قال:" ولم نعلم أحدا قال في دياتهم أقل من هذا وقد قيل: إن دياتهم أكثر من هذا", بين أن القول الذي ألزم به القاتل لا يخرج عن أقاويلهم, فهم مع اختلافهم على تلك الأقوال أجمعوا على ثبوتها وانتفاء غيرها, ويكون أقل ما قيل مما اجتمع عليه.
ـ[أبو الفرج مهدي]ــــــــ[23 - 01 - 07, 06:46 م]ـ
(2) ولهذا فالقول الذي رجحه الشافعي لم يبنه على أقل ما قيل بل الصحيح أنه بناه على قضاء عمر وعثمان رضي الله عنهما الذي ذكره قبل الترجيح, وما كان للشافعي أن يصير إلى الأخذ بأقل ما قيل وعنده قول الصحابي, ويؤيد ما قلته أنه في موضع آخر بين أنه احتج في هذه المسألة بقضاء عمر وعثمان رضي الله عنهما ولم يذكر "أقل ما قيل", حيث قال: «لا يقتل مؤمن بكافر ودية اليهودي والنصراني ثلث دية المسلم ودية المجوسي ثمانمائة درهم وقد خالفنا في هذا غير واحد» , ثم استدل على المخالف لما ذهب إليه بأثرين عن الصحابة فقال:
- «قلت: أخبرنا فضيل بن عياض عن منصور بن المعتمر عن ثابت الحداد عن ابن المسيب أن عمر بن الخطاب ? قضى في دية اليهودي والنصراني بأربعة آلاف وفي دية المجوسي بثمانمائة درهم.
- قال الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن صدقة بن يسار قال: أرسلنا إلى سعيد المسيب نسأله عن دية المعاهد فقال: قضى فيه عثمان بن عفان ? بأربعة آلاف قال: فقلنا: فمن قتله؟ قال: فحصبنا.
قال الشافعي: هم الذي سألوه آخرا, قال (أي المخالف): سعيد بن المسيب عن عمر منقطع قلنا: إنه ليزعم أنه قد حفظ عنه ثم تزعمونه أنتم أنه خاصة, وهو عن عثمان غير منقطع قال: أفبهذا قلت؟ قلت: نعم وبغيره» , ثم بين للمخالف أن عدد دية المعاهد لم يأت موضحا في القرآن ولا السنة فوجب الأخذ عن الصحابة فقال: «الدية جملة لا دلالة على عددها في تنزيل الوحي فإنما قبلت الدلالة على عددها عن النبي ? بأمر الله ? بطاعته أو عمن بعده (أي الصحابة) إذا لم يكن موجودا عنه (أي النبي ?) , قال: ما في كتاب الله عدد الدية, قلنا: ففي سنة رسول الله ? عدد دية المسلم: مائة من الإبل, وعن عمر: من الذهب والورق, فقبلنا نحن وأنت عن النبي ? الإبل وعن عمر الذهب والورق إذا لم يكن فيه عن النبي ? شيء؟ قال: نعم, قلنا: فهكذا قبلنا عن النبي ? عدد دية المسلم وعن عمر عدد دية غيره ممن خالف الإسلام إذا لم يكن فيه عن النبي ? شيء نعرفه» (6).
ـ[أبو الفرج مهدي]ــــــــ[23 - 01 - 07, 06:47 م]ـ
القول الثالث: في العدد الذي تجب فيهم الجمعة
قال الشافعي رحمه الله تعالى: «لما كانت الجمعة واجبة واحتملت أن تكون تجب على كل مصل بلا وقت عدد مصلين وأين كان المصلى من منزل مقام وظعن فلم نعلم خلافا في أن لا جمعة عليه إلا في دار مقام ولم أحفظ أن الجمعة تجب على أقل من أربعين رجلا وقد قال غيرنا: لا تجب إلا على أهل مصر جامع قال الشافعي: وسمعت عددا من أصحابنا يقولون: تجب الجمعة على أهل دار مقام إذا كانوا أربعين رجلا وكانوا أهل قرية فقلنا به وكان أقل ما علمناه قيل به ولم يجز عندي أن أدع القول به وليس خبر لازم يخالفه وقد يروى من حيث لا يثبت أهل الحديث: [أن رسول الله ? جمع حين قدم المدينة بأربعين رجلا] وروي [أنه كتب إلى أهل قرى عربية أن يصلوا الجمعة والعيدين] وروي [أنه أمر عمرو بن حزم أن يصلي العيدين بأهل نجران] قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: أخبرنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: [كل قرية فيها أربعون رجلا فعليهم الجمعة] قال الشافعي: أخبرنا الثقة عن سليمان بن موسى أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أهل المياه فيما بين الشام إلى مكة جمعوا إذا بلغتم أربعين رجلا» (7)
ـ[أبو الفرج مهدي]ــــــــ[23 - 01 - 07, 06:48 م]ـ
الرد:
(1) ذهب الشافعي إلى أن أقل من تجب عليهم الجمعة أربعون رجلا, ثم بين دليله في هذه المسألة حين قال:"وسمعت عددا من أصحابنا يقولون: تجب الجمعة على أهل دار مقام إذا كانوا أربعين رجلا وكانوا أهل قرية فقلنا به", أي أنه قال بأنها تجب على أربعين استنادا إلى آثار عن السلف, وقد ذكرها بعد ذلك حيث نقل عن عمر بن عبد العزيز و عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنهما قالا إنها تجب على أربعين رجلا.
(2) وبين الشافعي أنه لم يحدث قولا جديدا فيما ذهب إليه, فنقل إجماع السلف أن الجمعة لا تجب على أقل من أربعين فقال:"ولم أحفظ أن الجمعة تجب على أقل من أربعين رجلا", ثم بين أن ما ذهب إليه قال به السلف فقال:"وكان أقل ما علمناه قيل به", وهذا دليل آخر على أنه اعتمد في هذه المسألة على آثار السلف.
(3) لم يذكر الشافعي في هذه المسألة ما يدل على أخذه بدليل "أقل ما قيل", فلم يذكر أنه رجح وجوبها على أربعين لأنه الأقل ولا لأنهم أجمعوا عليه, وإنما ذكر أنهم أجمعوا أن أقل ما قيل هو أربعين, ثم رجحه وهذا ليس فيه دليل على أخذه بدليل "أقل ما قيل", فقد بينا في سبب الغلط على الشافعي الفرق بين "أجمعوا على أن أربعين هو الأقل" وبين"الأقل هو أربعين فيكون إجماعا يجب العمل به".والله أعلم
¥