تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما المتفردون بأصول الفقه، فإن وافقوا الفقهاء في ترتيب الأصول، وطرق الأدلة، كان خلافهم مؤثرا يمنع من انعقاد الإجماع، وإن خالفوهم فيما يقتضيه استنباط المعاني، وعلل الأحكام، وغلبة الأشباه لم يؤثر خلافهم، وانعقد الإجماع بدونهم، والله أعلم).

[قواطع الأدلة في الأصول (1/ 480) ط: دار الكتب العلمية]

وقال أيضا في مقدمة القواطع في نقد طريقتهم: (ورأيت بعضهم قد أوغل، وحلل، وداخل. غير أنه حاد عن محجّة الفقهاء في كثير من المسائل، وسلك طريق المتكلمين الذين هم أجانب عن الفقه ومعانيه، بل لا قبيل لهم فيه ولا دبير، ولا نقير ولا قطمير، ومن تشبع بما لم يعط فقد لبس ثوبي زور).

بهذا يتضح معنى مدرسة المتكلمين، وهي لا تختص بمذهب دون غيره، فقد انتسب إلى طريقتهم ثلة من أصحاب أئمة المذاهب، كما تبين من خلال التطبيق والمقارنة، فمن وافقهم في طريقتهم فهو منهم وإن كان فقيها حنفيًّا، كما هو الحال في مجمل كتب الأصول المتأخرة.

[أشير هنا للفائدة: إلى بحث يتعلق بهذه المدرسة بعنوان: "أثر الأصول الكلامية على القواعد الأصولية" للباحث/ سلطان العميري.

فقد خصص جزء منه لمفهوم هذه المدرسة، وضابط من ينتسب إليها، ومعالمها، ثم ختم البحث بأثر علم الكلام على الأصول، وعزز ذلك بتميز ابن تيمية في علم الأصول].

ثانيًا: من هم الفقهاء؟

من هم أعيان تلك المدرسة؟ وما هي مناهجهم؟ وما هي مميزات وخصائص هذه المدرسة؟

وحرف مسألتنا هل الأحناف لهم اختصاص بمدرسة الفقهاء أم لا؟ وإن لم يكن، فهل يتميزون على من سواهم؟

أزعم هنا بأن ما شاع حول هذه المدرسة وتسميتها بمدرسة الأحناف فقط هو قول عارٍ عن الصحة والبرهان، أشبه ما يكون بالقول المفتعل، ففقهاء الأحناف كغيرهم من فقهاء المذاهب ليس لهم اختصاص بهذه المدرسة دون من سواهم.

فكل من استنبط القاعدة الأصولية من النص الشرعي، أو الفرع الفقهي، أو من نص إمام المذهب، فهو من مدرسة الفقهاء.

وقلة الفروع وكثرتها لا تصلح أن تكون معياراً لهذه المدرسة، لأنها لا تنضبط وتختلف من عالم لآخر، ومن مسألة إلى أخرى، وعليه فإن من قال: بأن مدرسة الفقهاء هم الأحناف فقط، أو قال: بأن لهم مزيد عناية، أو اختصاص، بناء على كثرة الفروع = نقول: الزيادة في ذكر الفروع غير مؤثرة هنا تماما، بل ينظر إلى الغرض الذي سيقت لأجله فحسب، فمن ذكر فرعا واحدا لاستنباط القاعدة، أو نصا واحدا لإمامه في ذلك لا فرق بينه وبين من سواه، إذا انطلقا من أصل واحد: استنباط القاعدة الكلية من النص الشرعي، أو من فروع المذهب، أو من نص إمامه.

إذا كان ذلك كذلك علم بأن مدرسة الفقهاء لا تختص بالأحناف ألبتة، وهذا ما أثبته لك من طريقين:

الأول: من جهة النص:

أي من جهة نصوص الأئمة، ومرادهم بهذا المصطلح.

والاعتماد على هذه الطريقة قليل جدا، بل قد لا يوجد، وذلك لخفاء النصوص، وقلة وجودها في غير مظانها، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى الاكتفاء بالسائد، وعدم البحث عن غيره، أو تقليب النظر فيه.

فقد نص عدد غير قليل من الأصوليين بأن الفقهاء هم كل من غاير طريقة المتكلمين في التأليف من أصحاب أئمة المذاهب.

وهذه المغايرة تتبين بأمرين:

- بالمقابلة، وهذا في غاية الكثرة، أي: ذكر الفقهاء مقابل المتكلمين، والمتكلمين مقابل الفقهاء.

- الأمر الثاني: بالتطبيق، وبيان الفروق بين المدرستين والطريقتين.

وفي هذه العجالة أقتصر على بعض النصوص دون بعض.

قال ابن أمير الحاج: (واعلم أن نقل الحنفية عن الفقهاء والمتكلمين في الأصل .. ).

[التقرير والتحبير (2/ 208)]

فإذا كان الحنفية هم الفقهاء دون غيرهم، فكيف ينقلون عن أنفسهم؟!

قال ابن أمير الحاج: (وهو قول أكثر الفقهاء من أصحاب الأئمة الأربعة، وكثير من المتكلمين). [التقرير والتحبير (3/ 409)]

تنبه: إلى قوله: "أكثر الفقهاء من أصحاب الأئمة الأربعة"، وليس الأحناف فقط، وقوله: "وكثير من المتكلمين" يزيد الأمر جلاء.

وقال أيضا: (أكثر الفقهاء ومنهم الحنفية و المحدثين لا يقبل الجرح إلا مبينا).

[التقرير والتحبير (2/ 344)]

وقال البخاري: (وأشار بقوله: ((على هذا أجمع الفقهاء)) إلى الدليل، وإلى خلاف غير الفقهاء، فإنه أراد بالفقهاء: مثل أبي حنيفة، والشافعي، ومالك، والأوزاعي، وأمثالهم من فقهاء الأمصار). [كشف الأسرار (3/ 178)]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير