تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأمر الرابع: ان القول بحجية قول الصحابي قول مضطرب فطائفة ترى قول الجميع حجة وطائفة ترى قول الفقهاء والعلماء منهم حجة وطائفة تخص الخلفاء الأربعة وطائفة تخص ابا بكر وعمر رضي الله عنهما وهذا الاضطراب دليل على أنه ليس هناك دليل واضح جلي يلزم بالأخذ بأقوالهم رضي الله عنهم.

الأمر الخامس: أن الصحابة لم ينكروا على التابعين حينما خالفوهم ولو كان قولهم حجة لأوجبوا على التابعين الأخذ باقوالهم ولحرموا عليهم المخالفة لكن هذا لم يقع بل كانوا يحيلون السائل للمجتهد من التابعين وربما تابعوه على فتياه ورجعوا عن أقوالهم لقوله.

الأمر السادس: أن الصحابة يختلفون في أقوالهم في بعض المسائل فكيف يكون قول كل واحد منهم حجة وهم مختلفون فإن قيل إنهم إذا اختلفوا لم يكن قول الواحد منهم حجة باتفاق قيل كيف يكون الدليل حجة في وقت وليس بحجة في وقت آخر؟

الأمر السابع: أنا وجدنا الأئمة أبا حنيفة ومالك والشافعي وأحمد خالفوا قول الصحابي في مسائل ولم يروا الإلزام بقول الصحابي فيها وقد ذكرنا بعض الأمثلة في ذكر آراء الأئمة فنحن نراهم يأخذون به تارة ويتركونه تارة وهذا يدل على أنه ليس على سبيل الإلزام وقد نقل هذا الشافعي عن اهل العلم فقال: (ولقد وجدنا أهل العلم يأخذون بقول واحدهم مرة ويتركونه أخرى ويتفرقوا في بعض ما أخذوا به منهم)

الثامن:النظر في أقوال الأئمة الأربعة المذكورة سابقاً:

لو تدبرنا أقوال الئمة الأربعة السابقة لوجدناها تدور حول مسائل:

1 - أنهم يذكرون اقوال الصحابة جميعاً والتخيير بينها ومن ذلك:

- قول أبي حنيفة: (إني آخذ بكتاب الله إذا وجدته، فما لم أجده فيه أخذت بسنة رسول الله والآثار الصحاح عنه التي فشت في أيدي الثقات عن الثقات، فإذا لم أجد في كتاب الله ولا سنة رسول الله أخذت بقول أصحابه من شئت وأدع قول من شئت ثم لا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم .. )

- قال ابن المبارك سمعت أبا حنيفة يقول: (إذا جاء عن النبي فعلى الرأس والعين، وإذا جاء عن الصحابة نختار من قولهم، وإذا جاء عن التابعين زاحمناهم)

2 - أنهم أحيانا يقرنون الأخذ بأقوال الصحابة بالأخذ بأقوال التابعين ومعلوم أن أقوال التابعين ليست حجة باتفاق ومن ذلك:

- قال الفضيل بن عياض عن أبي حنيفة: (كان إذا وردت عليه مسألة فيها حديث صحيح اتبعه، و إن كان عن الصحابة والتابعين، وإلا قاس وأحسن القياس)

بل أحيانا يحتج بفتوى التابعي إذا كان مجتهداً في عصر الصحابة مع أن قوله ليس حجة باتفاق وفي هذا يقول: (من كان من أئمة التابعين وأفتى في زمن الصحابة وزاحمهم في الفتوى و سوغوا له الاجتهاد، فأنا أقلده، مثل شريح، و الحسن، ومسروق بن الأجدع، وعلقمة)

3 - أن الشافعي وبعض الأئمة يرون ضعف الاعتماد على قول الصحابي وحده وانه يحتاج إلى ما يسنده من قياس او غيره ولذلك يقول: (إلى اتباع قول واحد إذا لم أجد كتاباً ولا سنة ولا إجماعاً ولا شيئاً في معناه ُيحكم له بحكمه أو وُجد معه قياس.وقلَّ ما يُوجَد من قول الواحد منهم لا يخالفه غيره من هذا)

4 - أن ما يفعله الأئمة تجاه أقوال الصحابة إنما هو من باب التقليد السائغ لا أنه دليل واجب الاتباع ولذلك نراهم يأخذون بقول صحابي تارة وبقول آخر تارة اخرى وتارة يتركون قول الصحابي ويعارضونه بالقياس ونحوه.

ولذلك يقول الشاطبي في الموافقات (4/ 129): (فالمراد أنه حجة على انفراد كل واحد منهم أي أن من استند إلى قول أحدهم فمصيب من حيث قلد أحد المجتهدين لا أن كل واحد منهم حجة في نفس الأمر بالنسبة إلى كل واحد)

ولا شك أن تقليد قول الصحابي عند عدم وجود الدليل هو الأفضل لما علم من حال الصحابة رضي الله عنهم من سعة العلم وقلة التكلف وحضور نزول القرآن وشهود تأويله بين يدي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ومعرفتهم بمقاصد الشريعة واللغة إضافة إلى تقواهم وورعهم وخوفهم من الله تعالى.

التاسع: تنبيهات:

الأول: أن الصحابة إذا اختلفوا في مسألة على أقوال فلا يخرج عن أقوالهم؛ لأن هذا إجماع منهم على أن هذه المسألة لا يوجد فيها غير القوال المذكورة ولأن الخروج عن أقوالهم يلزم منهم أنهم جميعاً لم يصيبوا وهذا باطل ويلزم منه أن تجمع الأمة على خطأ وأن لا يكون هناك قائم لله بالحجة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير