وقد اختلف في أي الأقوال يؤخذ:
- فقيل يخير بينها حكاه ابن عبد البر عن القاسم بن محمد وعمر بن عبد العزيز وحكي عن أبي حنيفة كما سبق.
- وقيل يؤخذ بأقربها إلى الكتاب والسنة وهو قول أحمد، وزاد الشافعي الإجماع والقياس.
الثاني: أن الأخذ بقول الخلفاء الأربعة يعتبر أقوى الأقوال في حجية قول الصحابي، لكنه في الغالب مرتبط بالإجماع السكوتي؛ لأن قول الواحد منهم يشتهر بين الصحابة غالباً ضرورة كونه خليفة للمسلمين فيظهر عندئذ المخالف فتكون المسألة خلافية بين الصحابة وهي خارجة عن محل النزاع، أو يكون إجماعاً سكوتياً وهو عندئذٍ حجة كما سبق، وهو خارج عن محل النزاع أيضاً.
الثالث: أن المراد بقول الخلفاء الأربعة قول كل واحد منهم وهو غير ما يذكر في باب الإجماع أن اتفاق الخلفاء الأربعة هل هو إجماع أولا؟
العاشر: آراء المذاهب فيما إذا خالف الصحابي الحديث؟:
مخالفة الصحابي للحديث لها حالتان:
الحالة الأولى: أن يخالف الحديث كلية وله صور:
الصورة الأولى: أن نقطع بعلمه بالحديث وتحته قسمان:
الأول: أن يظهر سبب المخالفة وفيه قولان:
فهذا يعتمد على سبب المخالفة فإن كان سبب المخالفة وجود دليل مخالف فينظر بين الدليلين بطرق الترجيح، وإن كان سبب المخالفة نسيان الصحابي أو تورعه فالمقدم ما رواه لا ما رآه.
الثاني: أن يخفى سبب المخالفة وفيه قولان:
1 – أن العبرة بما رواه لا بما رآه وهو قول الجمهور من المالكية والشافعية والرواية الأصح عن أحمد وهي المذهب عند الحنابلة ورجحه أبو يعلى وأبو الخطاب وابن القيم وهو قول ابن حزم، واختاره الكرخي من الحنفية.
2 – أن العبرة بقول الصحابي فيقدم على روايته وهو قول جمهور الحنفية وهو رواية عن مالك ورواية عن أحمد واختاره الجويني في البرهان.
الصورة الثانية: أن يغلب على الظن علمه بالحديث أو نشك بعلمه به أو يغلب على ظننا عدم علمه به فهذا يقدم فيه الحديث عند الأكثر.
الصورة الثالثة: أن نقطع بعدم علمه بالحديث فهنا يقدم الحديث باتفاق.
الحالة الثانية: أن يخالفه مخالفة جزئية وله صورتان:
الصورة الأولى: أن يخالف عموم الحديث فهنا اختلف هل قول الصحابي يخصص عموم الحديث أولا على قولين:
1 – أنه لا يخصص عموم الحديث ويبقى الحديث على عمومه وهو قول أكثر العلماء من المالكية والشافعية وبه قال بعض الحنفية وهو الأظهر.
2 – أنه يخصص العموم وهو قول أكثر الحنفية ورواية عن مالك وهو المنقول عن الإمام أحمد وجمهور الحنابلة واختاره أبو يعلى وأبو الخطاب وابن قدامة.
الصورة الثانية: أن يخالف الظاهر وفيه قولان:
1 – أن يقدم قول الصحابي على ظاهر الحديث وهو مذهب أكثر الحنفية.
2 – أنه يقدم الحديث على قول الصحابي ويبقى على ظاهره وهو قول الجمهور كما ذكر الزركشي والعلائي وهو الذي نص عليه الشافعي في كتاب الأم.
3 – أن ينظر في الدليل الذي خالف به الصحابي ظاهر الحديث فإن كان يصلح للتأويل أخذ به وإلا فلا وهو قول الآمدي.
هذا ما أردت بيانه في هذه المسألة فيما ظهر لي والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ينظر في حجية قول الصحابي:
أصول السرخسي (2/ 105) كشف الأسرار للبخاري (3/ 217) تيسير التحرير لابن أمير بادشاه (3/ 132) فواتح الرحموت لابن عبد الشكور (2/ 185) مفتاح الوصول للتلمساني (ص 754) شرح تنقيح الفصول للقرافي (ص 445) العضد على ابن الحاجب (2/ 287) نشر البنود (2/ 258) نثر الورود (2/ 572) مذكرة الشنقيطي (ص 165) البرهان للجويني (2/ 1358) المستصفى للغزالي (2/ 450) المنخول للغزالي (ص 318) الكاشف عن المحصول للأصفهاني (5/ 494) الإحكام للآمدي (4/ 149) البحر المحيط للزركشي (6/ 56) التبصرة للشيرازي (ص 395) قواطع الأدلة للسمعاني (3/ 291) العدة لأبي يعلى (4/ 1181) التمهيد لأبي الخطاب (3/ 332) شرح مختصر الروضة للطوفي (3/ 185) شرح الكوكب المنير لابن النجار (4/ 422) أصول مذهب الإمام أحمد للتركي (ص 436) الأحكام لابن حزم (1/ 616) إرشاد الفحول (ص 404)
ـ[حمد بن صالح المري]ــــــــ[23 - 05 - 07, 09:32 ص]ـ
أحسنتَ ... وأفدتَ ... فجزاك الله خير الجزاء ...
¥