" أما المدارك التي شاركناهم فيها من دلالات الألفاظ و الأقيسة فلا ريب أنهم كانوا أبر قلوباً، وأعمق علماً، وأقل تكلفاً، وأقرب إلى أن يوفقوا فيها لما لم نوفق له نحن لما خصهم الله تعالى به من توقد الأذهان، وفصاحة اللسان، وسعة العلم، وسهولة الأخذ، وحسن الإدراك، وسرعته، وقلة المعارض أو عدمه، وحسن القصد، وتقوى الرب تعالى.
فالعربية:- طبيعتهم وسليقتهم.والمعاني الصحيحة:- مركوزة في فطرهم وعقولهم.
ولا حاجة بهم إلى النظر في الإسناد وأحوال الرواة وعلل الحديث والجرح والتعديل.ولا إلى النظر في قواعد الأصول وأوضاع الأصوليين.بل قد غنوا عن ذلك كله.
فليس في حقهم إلا أمران:-
أحدهما:- قال الله تعالى كذا، وقال رسوله كذا.
والثاني:- معناه كذا وكذا.
وهم أسعد الناس بهاتين المقدمتين وأحظى الأمة بهما. فقواهم متوفرة مجتمعة عليهما" [69] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=626502#_ftn69)
أدلة القول الثاني: الذين قالوا إنه ليس حجة:
1. قال تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء: 59]
وجه الدلالة: أن الله أمرنا عند النزاع أن نرد الأمر إلى الكتاب والسنة وليس فيه مذهب الصحابي ولو كان حجة لأمرنا بالرد إليه والرد إلى مذاهب الصحابي،وبناء على هذه الآية يكون تركا لهذا الواجب.
2. قال تعالى {اعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: 2]
وجه الدلالة: أمر الله سبحانه وتعالى أولى الأبصار بالاعتبار، يعني الاجتهاد وهو ينافي التقليد،لان الاجتهاد هو البحث عن الدليل والتقليد هو الاخذ بقول العالم من غير دليل، فلو كان يجب اتباع مذهب الصحابي لوجب تقديمه على القياس، لأنه معتمد على النقل والسماع،والأصل أن المعتمد على النقل والسماع مقدم على القياس، لكن أهل العلم يقدمون القياس على مذهب الصحابي. [70] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=626502#_ftn70)
3. قالوا أجمع الصحابة على جواز مخالفة بعضهم بعضا حتى لم ينكر أحد من الخلفاء الراشدين على من خالفه وقد تقدم نبذة من ذلك فلو كان مذهب الصحابي حجة لما كان كذلك ولكان ينكر كل منهم على من خالفه.
4. أن الصحابي من أهل الإجتهاد والخطأ جائز عليه لكونه غير معصوم وفاقا وقد وجد من أفراد منهم أقوال على خلاف ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يكن الأخذ بقوله واجبا كغيره من المجتهدين وكما لا يجب على غيره من مجتهدي الصحابة الأخذ بقوله أيضا.
5. أن الصحابة رضي الله عنهم اختلفوا في مسائل (أنت علي حرام) وميراث الجد مع الإخوة إلى غير ذلك من المسائل الكبيرة فلو كان مذهب الصحابي حجة لزم أن تكون حجج الله تعالى مختلفة متناقضة ولم يكن اتباع التابع للبعض أولى من اتباع الآخر
6. أن التابعي المجتهد متمكن من إدراك الحكم بطريقة ولا يجوز له التقليد فيه كما في مسائل أصول الدين.
7. أن القياس أصل من أصول الدين وحجة من الحجج الشرعية والعمل به عند عدم النص واجب فلا يترك لقول الصحابي.
أدلة الفرق الثالث: الذين قالوا ان قول الصحابي حجة إذا كان مما لا يدرك بالقياس:
واحتج القائلون بأن قول الصحابي إنما يكون حجة إذا خالف القياس بأنه في هذه الحالة لا يكون قوله إلا عن توقيف إذ لا مجال للعقل في ذلك وإن كان له فيه مجال لكنه عدل عما يقتضيه القياس فعدوله عنه إنما يكون لخبر عنده فيه وإلا يلزم أن يكون قائلا في الدين بالتشهي من غير مستند، وذلك يقدح في دينه وعلمه وذلك حملا لقوله في هذا الباب على التوقف والسماع والتنصيص من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لا يظن بهم المجازفة في القول بهذا الدين بالتشهي ولا يجوز أن يحمل قولهم على الكذب؛فإن طريق الدين من النصوص إنما انتقل إلينا بروايتهم. [71] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=626502#_ftn71)
أدلة الفريق الذين قالوا إن الحجة في قول أبي بكر وعمر فقط:
¥