تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يأتى بعد ذلك موضوع اللعب علي تقسيم العالم الإسلامي على أسس طائفية وسياسية، فقد كانت المغرب هى البلد المسلم المتوسطى الوحيد غير الخاضع للامبراطورية العثمانية، وكان المغرب يخشى من احتلال العثمانيين له، وقد استغل الساسة الإسبان ذلك لمصلحتهم. استغلوا كذلك التنازع على العرش المغربى، وكانوا يؤيدون بالتأكيد من يرونه أقرب إلى تحقيق مصالحهم ... كانت هناك مفاوضات وتنازلات وتسهيلات. فى كل هذه الأمور كان يبرز دور اليهودى صمويل باياتشى.

10 - الأهمية الاستراتيجية:

تعرض وثائق الكتاب أهمية مدينتي العرائش والمعمورة المغربيتين وتأثيرهما علي أمن الطرق المؤدية إلى بلاد العالم الجديد، وكيف أن كلا من هولندا وانجلترا كانتا تنافسان إسبانيا الرغبة في السيطرة علي المدينتين. كان وضع صمويل باياتشي يؤهله للعب دور بارز في المفاوضات التي جرت في هذا الشأن بين المغرب ودول أوروبية.

11 - متفرقات:

الكتاب يلقى الضوء وان كان بشكل عابر على نهج اليهود فى المحافظة على أصلهم و التزاوج فيما بينهم والمحافظة على شعائرهم الدينية و تفضيل الإقامة فى المشرق - الذى يحترم الخصوصيات الثقافية على المخاطرة بالإقامة فى بلاد الغرب الكاثوليكى الذى لا يحترم العقائد الأخرى- و تقديم مساعدات اجتماعية للفقراء اليهود

يتحدث الفصل الثالث من الكتاب علي أن كلا من الكاثوليك والبروتستانت في أواخر القرن السادس عشر قد أدركوا أن النزاع بينهما لا يمكن أن يحسم فقط بالسلاح وأن ذلك أدى إلى وجود نمط سياسي في العلاقة بين الطرفين يسمح بتواجد اليهود في أوروبا بل وبقيامهم بدورهم.

ونظن أن من حق القارئ المسلم أن يتساءل: لماذا لم يستفد المسلمون من جو الحرية الدينية؟

يبرز الكتاب أن أعضاء العائلة اليهودية الواحدة يتظاهرون بالانقسام والاختلاف فى العلن، بينما هم فى السر يتعاطفون فيما بينهم ويعاون بعضهم بعضا. على أن هذا لا ينفى وقوع خلافات فعلية بين اليهود أحيانا.

الطريف أن الكتاب يشرح الفرق بين القرصان الحكومى و القرصان الخاص، فالأول يبحر فى سفينة يملكها لكنها حاصلة على ترخيص من الحكومة و كانت تحمل علم الدولة التى منحته " رخصة قرصنة حكومية "، و كان عمل القرصان الحكومى يقتصر على مهاجمة السفن التى رخّص له بمهاجمتها، وهى سفن الدول التى لم توقع معاهدة مع حكومته، أما القرصان الخاص فلم يكن يهمه سوى الربح وكان يهاجم كل ما يقابله.الجدير بالذكر أن القرصنة الحكومية كان معترفا بها وكان من يقوم بها لا يقع تحت طائلة القانون.

الكتاب يشير -ربما لأول مرة -إلى أن عددا من اليهود الإسبان قد استقر بمصر.

ما أشبه اليوم بالبارحة، فرغم العلاقات الطيبة وعلاقات المصالح التى كانت تربط بين المغرب وهولندا، إلا أن هولندا كانت تكتفى بإمداد المغرب بالسلاح وكانت ترفض تماما أن يكون له أسطول بحرى.

وبعد:

رأينا أن صمويل باياتشى كان بارعا فى استغلال أى شئ لصالحه ولصالح أسرته، فهو قد استطاع الوصول إلى القصر المغربى، ووصل إلى قصور إسبانيا وفرنسا وأصحاب السلطة فى هولندا .... الخ. وعندما نتصفح الكتاب نجد أنه لم يكن هو الشخص اليهودى الوحيد الذى قام بهذا الدور، بل كان هناك يهود كثيرون ساروا على هذا النهج ووصلوا إلى مواقع السلطة هنا وهناك.

لم تكن هذه التصرفات إذن حكرا على شخص معين، بل كانت تمارسها عائلة يهودية بأكملها و لمدة أجيال عديدة.إذا كنا نتحدث عن صمويل باياتشى فليس ذلك إلا لأنه مؤسس العائلة.

المهم هو أن صمويل لم يكن اليهودي الوحيد الذى اتسمت حياته بتعدد الانتماءات واستخدام علاقاته الخاصة بأصحاب السلطة فى العالمين الإسلامي و المسيحى لتحقيق مصالح لنفسه و لليهود بشكل عام.

كان هذا الكتاب فرصة للتعرف على أحد جوانب الحياة فى مغربنا العربى خلال القرنين السادس عشروالسابع عشر، ونحسب أنه أضاف بيانات مهمة لمن يريد دراسة القضية الموريسكية بكل أبعادها. لا يسعنا فى النهاية إلا أن نقدم جزيل شكرنا مرة أخرى للزميلين غارثيا أرينال وجيرارد ويغرس على تعاونهما فى سبيل صدور هذه الترجمة العربية للكتاب فى مصر، وشكرنا للمجلس الأعلى للثقافة لا ينقطع، فهذا واحد من كتب كثيرة تتعلق بمسلمى الأندلس يصدرها المشروع القومى للترجمة.

والحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات

جمال عبد الرحمن

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير