تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعرضها باقتدار:

"إن مقدار هشاشة قشرة الطلاء الإسلامية -التى كانت تغطى حياة الشعب –تأكده الأعياد. كان المسلمون يحتفلون مع المسيحيين بالأعياد الدينية المسيحية إذ أن معظم الأعياد المسيحية كانت تعكس عادات شعبية قديمة، وهكذا فإن كثيرا من أماكن الحج القديمة فى مصر والعراق كانت مراكز لعبادات وثنية، و لم تكن الأيام المخصصة للاحتفال بقديسى الأديرة المسيحية القائمة هناك، سوى أسماء جديدة لاحتفالات تخص الآلهة القديمة. إن مسلمى البلد لم يرفضوا متعة الاحتفال بهذه الأعياد التى أسعدت حياة الجدود من الوثنيين والمسيحيين. لكنهم -على العكس من المسيحيين – رفضوا تأسيس أساطير جديدة واقتصروا على أن تترك للمسيحيين الاحتفال الدينى وأن يشتركوا معهم فقط فى الجانب البهيج كما كان يفعل الآباء" (9)

بالفعل وبرغم التحذير الموجود فى الأحاديث النبوية -أو تلك التى لم تتأكد صحة نسبها للنبى- التى تمنع المسلمين من المشاركة فى الأعياد المسيحية فإن عامة الشعب وأصحاب المناصب العليا بل الخليفة نفسه كانوا يندمجون تماما فى تلك الأعياد التى تخلو-بالنسبة لهم – من المضمون الدينى.

وكانت الأعياد التى يحتفل بها فى الأندلس –بالإضافة إلى رأس السنة الميلادية- تحتفل بمولد اثنين من الأنبياء المعترف بهم فى الإسلام: عيسى بن مريم ويحي بن زكريا. ففى روح الشعب كان هناك شعور بالحب نحوهما وكان المضمون الدينى للاحتفال بهما- باستثناء تغييرات طفيفة حسب ثقافة الأشخاص- متماثلا سواء بالنسبة للمسيحى أو بالنسبة للمسلم. ولم يكن بمقدور العلماء القضاء على هذه الأعياد من جذورها لأن عيسى وزكريا كانا بالنسبة لهم نبيين مبجلين. لكنهما كانا أيضا ابن الله والقديس خوان بالنسبة للمسيحيين. إذا كان عيد النيروز لم يسبب قلقا فى المشرق لأنه كان احتفالا شعبيا يخص كل الأديان والطبقات الشعبية فإنه فى الغرب قد اكتسب عداء الفقهاء لأنه عيد دينى رغم اختلاطه ببعض الأمور الوثنية.

لم يكن المسلمون فى الشرق يشاركون المسيحيين احتفالاتهم بشكل روحى لكنهم كانوا يشتركون معهم فى البهجة والخمر والغناء. فى الغرب كان من الصعب الفصل بين المجالين.

فى الصفحات التالية من هذه الدراسة التى تبدأ سلسلة من المقالات حول الموضوع أحقق وأترجم فقرة مطولة تعتبر أهم وأكبر شاهد وجدته فى هذا الإطار. حول كتاب"الدر المنظم فى مولد النبى المعظم" قدمت دراسة فى جامعة غرناطة فى أكتوبر 1962 فى إطار جلسات عن الثقافة الإسبانية الإسلامية واستخدمت هذه الدراسة أيضا وأنا أتقدم لشغل وظيفة أستاذ للغة العربية والأدب العربى فى جامعة سرقسطة فى ديسمبر عام 1963. منذ ذلك الحين لم أتوقف عن جمع أخبار عن هذا الموضوع، ولا يتناسب الحصاد مع الجهد المبذول، لأنني كنت أهدف إلى نشر كتاب عن الأعياد المسيحية فى الأندلس. ومع ذلك، فمنذ أشهر قليلة عندما سلم أستاذي إيميليو غارثيا غوميث إلى المطبعة كتابا عن ابن قزمان (10) -وهو عمل عظيم بكل المقاييس وسيمثل علامة بارزة فى الدراسات العربية داخل إسبانيا وخارجها- أطلعته على فقرة من كتاب"الدر المنظم" تعتبر شبيهة بالزجل رقم 72 لديوان ابن قزمان القرطبى، وعندما قرأ دراستى شجعنى على نشرها بأسرع ما يمكن.

كتاب "الدر المنظم":

اهتم المثقف العظيم جامع الكتب المقرى بإمدادنا بأخبار عن هذا الكتاب وأصوله وبأن ينقل لنا فقرات من مقدمة العمل الذى ألفه أبو القاسم العزفى الذى انتهى من تحرير الجزء الذى جمعه أبوه الفقيه المحدث أبو العباس (11)

قام أبو القاسم العزفى بدور مهم للغاية فى تاريخ سبته اعتبارا من النصف الثانى من القرن الثالث عشر خلال سنوات الاضطراب التى انسحب فيها الموحدون من الساحة السياسية على جانبى المضيق لكى يتركوا المجال لبنى مرين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير