ثانياً: سرعان ما تنسون! أحمد البدوي الذي لقيه الرفاعي بدمشق (حسيني مغربي)! والذي ترجم له السيوطي (مقدسي) ولم يقل إنه حسيني!! والذي ذكره ابن الملقن (معروف بالسطوحي، اصله من بني برى، من عرب الشام).
فما لكم تبادرون إلى تلفيق النصوص وتطبيقها على الرجل المدفون بطنطا؟!
ثالثاً: ابن الملقن عالم معروف، ولكن كتابه طبقات الأولياء لا يعتبر من كتب التاريخ، بل من كتب الأساطير الصوفية!
ولا زلنا بانتظار ترجمة المقريزي للبدوي، وترجمة ابن حجر العسقلاني التي يقولون إنها محفوظة ببرلين.
وقد خطر لي أن أنظر في ترجمة البدوي في أعلام الزركلي، فوجدت فيها فوائد إضافية، وإليك الترجمة:
السيد البدوي (596 - 675 ه == 1200 - 1276 م)
أحمد بن علي بن ابراهيم الحسيني، أبو العباس البدوي، المتصوف، صاحب الشهرة في الديار المصرية. أصله من المغرب، ولد بفاس، وطاف البلاد وأقام بمكة والمدينة. ودخل مصر في أيام الملك الظاهر بيبرس، فخرج لاستقباله هو وعسكره، وأنزله في دار ضيافته. وزار سورية والعراق سنة 634 ه وعظم شأنه في بلاد مصر فانتسب إلى طريقته جمهور كبير هم الملك الظاهر. وتوفي ودفن في طنطا حيث تقام في كل عام سوق عظيمة يفد إليها الناس من جميع أنحاء القطر المصري احتفاءا بمولده. لم يذكر له مترجموه تصنيفا غير (حزب - خ) و (وصايا) و (صلوات - ط) وقد أفرد بعضهم سيرته في كتب، منها كتاب (السيد البدوي - ط) لمحمد فهمي عبد اللطيف.
الهامش: شذرات الذهب 5: 345 والشعراني 1: 158 والنجوم الزاهرة 7: 252 وهو فيه (أبو الفتيان. ويعرف بأبي اللثامين السطوحي) لانه مكث على السطوح مدة 12 سنة. وفولرز K. Vollers في دائرة المعارف الاسلامية 1: 465 - 472. (انتهى)
فهذه هدية مني لكم! وهي أن ابن تغري بردي المتوفى سنة 874 أكبر سناً من السيوطي المتوفى سنة 911
الذي لفت نظري في كلام الزركلي هو حادثة خروج بيبرس لاستقبال البدوي، فهذه حادثة تاريخية مهمة تثبت وجود البدوي (إن صحَّت). وقد بدا لي أن الزركلي أخذها من النجوم أو الشذرات لأنهما كتابا تاريخ، ولكن اتضح أن مصدرها طبقات الشعراني!
وإليك نصّ كلام ابن تغري بردي من النجوم الزاهرة 7/ 252:
السنة السابعة عشرة من سلطنة الظاهر بيبرس، وهي سنة خمس وسبعين وستمائة.
... وفيها توفي الشيخ المعتقد الصالح أبو الفتيان أحمد بن علي بن إبراهيم بن أبي بكر المقدسي الأصل البدوي المعروف بأبي اللثامين السطوحي. مولده سنة ست وتسعين وخمسمائة وتوفي في سنة خمس وسبعين في شهر ربيع الأول ودفن بطندتا وقبره يقصد للزيارة هناك وكان من الأولياء المشهورين وسمي بأبي اللثامين لملازمته اللثامين صيفًا وشتاء وكان له كرامات ومناقب جمة رحمه الله تعالى ونفعنا ببركاته. (انتهى)
فهذا المؤرخ المصري المشهور يؤرخ سنة وفاته بأنها (السنة السابعة عشرة من سلطنة الظاهر بيبرس)، ولكنه لا يذكر الحادثة الكبرى وهي خروج الظاهر بيبرس بعساكره لاستقبال البدوي وإنزاله في دار ضيافته!
وكذلك لم يذكرها ابن العماد، وإليك ترجمته للبدوي في شذرات الذهب 5/ 345
345 سنة خمس وسبعين وستمائة
وفيها [توفي] السيد الجليل الشيخ أحمد بن علي بن محمد بن أبي بكر البدوي الشريف الحسيب النسيب قال الشيخ عبد الرؤوف المناوي في طبقاته أصله من بني بري قبيلة من غرب الشام ثم سكن والده المغرب فولد له صاحب الترجمة بفاس سنة ست وتسعين وخمسمائة ونشأ بها وحفظ القرآن وقرأ شيئا من فقه الشافعي وحج أبوه به وبأخويه سنة ست وستمائة وأقاموا بمكة ومات أبوه سنة سبع وعشرين وستمائة ودفن بالمعلى وعرف بالبدوي للزومه اللثام لأنه كان يلبس لثامين ولا يفارقهما ولم يتزوج قط واشتهر بالعطاب لكثرة عطب من يؤذيه وكان عظيم الفتوة قال المتبولي قال لي رسول الله ما في أولياء مصر بعد محمد بن إدريس أكب رفتوة منه ثم نفيسة ثم شرف الدين الكردي ثم المنوفي انتهى وكان يمكث أربعين يوما لا يأكل ولا يشرب ولا ينام وأكثر أوقاته شاخصا ببصره نحو السماء وعيناه كالجمرتين ثم سمع هاتفا يقول ثلاثا قم واطلب مطلع الشمس فإذا وصلته فاطلب مغربها وسر إلى طندتا فإن فيها مقامك أيها الفتى فسار إلى العراق فتلقاه العارفان الكيلاني والرفاعي أي بروحانيتهما فقالا يا أحمد مفاتيح العراق والهند واليمن والمشرق والمغرب بيدنا فاختر
¥