تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كتاب النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية (أو سيرة صلاح الدين) أهم كتاب أرخ لصلاح الدين الأيوبي ولعصره ولحروبه مع الفرنجة، وانتصاراته عليهم، ولتحريره للقدس، وذلك لأن صاحبه كان من أقرب الناس لصلاح الدين في السنوات الأخيرة، من حياة صلاح الدين، وهي سنوات حاسمة في الصراع العربي الفرنجي.

د. أحمد فوزي الهيب:

كتاب النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية (أو سيرة صلاح الدين) أهم كتاب أرخ لصلاح الدين الأيوبي ولعصره ولحروبه مع الفرنجة، وانتصاراته عليهم، ولتحريره للقدس، وذلك لأن صاحبه كان من أقرب الناس لصلاح الدين في السنوات الأخيرة، من حياة صلاح الدين، وهي سنوات حاسمة في الصراع العربي الفرنجي.

ومثلما أدرك المؤرخون العرب، كابن خلكان وأبي شامة وابن واصل وغيرهم، مكانة الكتاب، فأكثروا من الاقتباس منه، أدرك الغربيون ذلك أيضاً، فعنوا به، وطبعوه وترجموه إلى لغاتهم منذ القرن الثامن عشر، عندما قام المستشرق الهولندي ألبرت شولتنس سنة 1732م بنشره مع ترجمة لاتينية له، ثم أعيد نشر هذه الطبعة بعد وفاة صاحبها شولتنس ثانية عام 1755، ثم ثالثة في ألمانيا عام 1790م، ثم أعاد دي سلان الفرنسي تحقيق الكتاب ليتلافى أخطاء الطبعات السابقة، وكذلك ترجمه أيضاً الإنجليزي كلود كوندر إلى لغته (1).

أما في البلاد العربية فقد طبع الكتاب بمصر عام 1317ه* (1899م) طبعة غير محققة، ثم طبع طبعات ثلاثاً في الأعوام 1903م و1905م و1927م (2)، وبعد ذلك حققه الدكتور جمال الدين الشيال وطبعه في القاهرة عام 1964 (3). وهذه هي التي اعتمدنا عليها في دراستنا هذه.

جعل ابن شداد كتابه في مقدمة وقسمين:

أما المقدمة (4):

فقد وضح فيها هدفه، وهو العبرة لأولي الأفهام، فكل حال لا بد من أن ينقضي، فلا يغتّر صاحب الحال الحسن، ولا ييأس صاحب السقيم (5)

ثم انتقل إلى تبيان هدفه الخاص، وهو أنه عندما رأى انتصارات صلاح الدين وجنده قد صدقت ما وصل إلينا من انتصارات الأجداد في اليرموك والقادسية، وأن جوده قد شهد بصحة ما وصل إلينا من أخبار الكرماء من الأسلاف، وأن ما رأت العين من صبره وصبر جنده على المكاره في سبيل الله، قد قوّى الإيمان لدى الناس، وأن عجائب انتصاراته أعظم من أن تتخيلها الأفكار، أو أن يعبر عنها لسان أو قلم. وعلى الرغم من أنها أعظم من أن تخفى، فلا يستطيع -وهو المطلع عليها المصاحب لصاحبها المعطى من فضله -إلا أن يبدي ما رآه بعينه بعد التحاقه بخدمته منذ عام 584ه* إلى وفاته (أي وفاة صلاح الدين) عام 589ه*، ويروي ما سمعه من ثقة لا يشك في صدقه، وهذا القليل الذي رواه يستدل به على الكثير من الذي رآه وسمعه (6).

وبعد ذلك ذكر ابن شداد عنوان كتابه، وهو النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية (7) نسبة إلى السلطان صلاح الدين وإلى اسمه، وهو يوسف.

ثم بيّن أنه جعله في قسمين:

أحدهما:

في مولده ومنشئه وخصائصه وأوصافه وأخلاقه المرضية وشمائله الراجحة في نظر الشرع الوفية. وهو صغير يبلغ عدد صفحاته تسعاً وعشرين صفحة.

ثانيهما:

في تقلبات الأحوال به ووقائعه وفتوحه وتواريخ ذلك إلى آخر حياته. وهو كبير يبلغ مئتين وأربع عشرة صفحة (8).

وتقسيم ابن شداد هذا، والذي صرّح به في مقدمته، ينفي بما لا يدع مجالاً للشك ما توهمه محمد درويش في مقدمة كتابه (اختيارات من كتاب النوادر السلطانية) (9) من أن ابن شداد قد جعل أول قسمي كتابه منذ ولادة صلاح الدين حتى التحاق ابن شداد به (10)،

والثاني: يبدأ بهذا التحاق وينتهي بوفاة السلطان عام 589ه* (11).

في القسم الأول:

ذكر ابن شداد أن مولد صلاح الدين كان عام 534ه* في قلعة تكريت، وأن والده أيوب بن شاذي كان والياً عليها، وكان كريماً أريحياً حليماً حسن الأخلاق، انتقل بعد ذلك مع ابنه وأخيه أسد الدين شيركوه إلى الموصل مقدّماً عند أتابك زنكي، ثم أعطي بعلبك، فانتقل إليها مع ابنه صلاح الدين الذي كان قد شب وبدت منه أمارات الخير، فأحبه نور الدين محمود وقرّبه حتى أرسله مع عمه إلى مصر (12).

ثم تحدث ابن شداد عن عقيدة صلاح الدين السليمة التي أخذها عن العلماء بالدليل، وأنه كان محافظاً على الصلاة بوقتها جماعة (13).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير