تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[30 - 03 - 08, 12:28 ص]ـ

ولقد ازدادت الطرق الصوفية انتشاراً وتفريعاً في ظل الحكم العثماني , حتى بلغ عددها نحو ست عشرة طريقة , يرجع معظمها إلى الشاذلية , وقد كان لها وللطريقة القادرية السيطرة في الجزائر , وبلغ من انتشار التصوف في هذه المرحلة أن أصبح تصوفاً شعبياً كما يقال.

وهذا الانتشار منح الطريقة تأثيراً كبيراً على الحياة السياسية والعلمية , أما السياسية فلأن شيوخ الطرق كانوا وسيلة العثمانيين لاكتساب ود الناس وطاعتهم , فأبدوا الاحتفاء بهم أحياء , وبقبورهم أموتاً , وهذا ليس بالأمر الجديد , فقد كان معمولاً به من قبل , عند الزيانيين , والحفصيين , والمرينيين.

وقد نتج عن ذلك الانتشار الأفقي والعمودي للتصوف تدني مستواه , وابتعاده عن تصوف المشايخ المتقدمين , فانتشر بناء الضرائح والمشاهد والقبب على قبور مشايخ الطرق , وترسخ أمر زيارة الناس لها , وشد الرحال إليها , وتقديم النذور لأصحابها , والاعتزاز بالنتساب إليهم , واللهاث وراء استرضائهم , كما عمت أحزاب المتصوفة , وأورادهم , وفشا الرقص و (الحضرة) وفشا الغلو في مشايخ الطرق وأتباعهم , وتنافس الناس في ذلك , حتى أصبح لكل محلة (رجالها).

أفضى هذا الوضع إلى جمود العلم الشرعي واقتصاره على الفروع و الشروح والتعاليق ,ورغم طغيان الفكر الصوفي ,فقد كان من الفقهاء من يرفض بعض توجهات المتصوفة كما في رسالة الشيخ محمد بن عبد الله الجيلالي إلى أحمد التيجاني منشئ الطريقة التيجانية , وكتاب منشور الهداية للفكون من قبل.

ـ[عبد الرحمن البوصيري]ــــــــ[05 - 04 - 08, 02:38 م]ـ

كلامك هذا اخي الباحث فيه ما فيه من الخطأ وربما يكون التجاهل، فليس التصوف كله غلواً وبدعاً، ولا تحسب ممارسات العامة الخاطئة على التصوف .. لا أدري لماذا تجاهلت أعلاماً في الفترة الزمنية التي درستها كمولاي العربي الدرقاوي ومدرسته العظيمة التي لو درست في إطارها الزمني التي نشأت وولدت فيه وما تفرع عنها من طرق تربوية عظيمة، لرأينا فيها منهاج النبوة التي يركز على تربية الإنسان والإعلاء من شأنه حتى سماه المتصوفة رضوان الله عليهم (هيكل الله)، أين محمد البوزيدي؟ أين العلامة ابن عجيبة؟ اين سيدي المقراني وسيدي الحداد أبطال معركة (وادي المخازن) الشهيرة ولا أظن أنك تجهلها؟ أليس لهؤلاء من أثر في الحياة في هذه الفترة المدروسة من قبلك؟ يبدو أن الاحكام المسبقة التي أصدرتها المدرسة الوهابية على التصوف ورجاله ورسختها في أذهانهم لها أثرها على اقلامهم وكتاباتهم ..

نريد إنصافاً لأجل الحق سيدي الباحث ..

جزاكم الله خيراً

ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[05 - 04 - 08, 10:49 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لا حاجة بي إلى الخوض في تعريف التصوف واشتقاقه وكيفية حدوثه , فإنّ هذا ليس من اهتمامنا الآن , وإنما المراد ذكر ما يمكن أن يكون شبهة في الحاجة إليه لتزكية النفس , فأقول: إن من أعدل ما يقال فيه أن ماكان منه موافقاً لما في كتاب الله , وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهدي السلف , من الاهتمام بتزكية النفس , واعتبار أعمال القلب كالإخلاص لله والخشية والخوف منه , والرجاء والصبر والشكر والمحبة والتوكل والتوبة والإنابة والرغبة وسلامة السريرة , اعتبارها أصلاً للأعمال الظاهرة وأساساً لها , دون القول بالاستغناء بالأولى عن الثانية , فهذا حق , وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم , ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " (رواه مسلم عن أبي هريرة في كتاب البر والصلةوالآداب).

وهكذا الموقف من الدنيا باعتبارها معبراً ومطية للآخرة , فلا يركن إليها , ولا يتزيد من ملاذها وزينتها , فإن النصوص في هذه الأمور كتاباً وسنة لا يجهلها عوام المسلمين , فمن اعتمد عليها , وأعطى الاستدلال بها حقه من النظر على ما فهمه السلف منها , واعتمد على ما ورد في ذلك عن الأنبياء والمرسلين وأقوال الصحابة وأئمة الهدى , كما فعل الإمام أحمد رحمه الله وغيره , فهذا حق , وقد كان العلماء فيما مضى كما قال سفيان بن عيينة يكتب بعضهم إلى بعض: أن من اصلح سريرته أصلح الله علا نيته , ومن أصلح بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس , ومن عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه " (المجموع لابن تيمية 7/ 9 - 7

لكن يقال لم نحدث لهذه الأمور اسماء خاصة لسنا في حاجة إليها , فإنه إن كان هذا المذكور شيئاً زائداً على الشرع فهو مرفوض بإجماع المسلمين , والمتصوفة مع هذا , كما كان متقدموهم يرددون , وكما يقوله كثير من المتأخرين , وقد يكون هذا منهم جهلاً , أو مجرد تلبيس وتدليس , وإن لم يكن الأمر كذلك , فما الداعي إلى هذه الأسماء والمصطلحات التي جرت ما جرّت على المسلمين , مع ما فيها من استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير؟.

لكن من المعلوم أن في التصوف أموراً مخالفة للشرع , كالقول بأن الشريعة ظاهراً وباطنا , وأن الشريعة غير الحقيقة , والقول بالعلم اللدني الذي كثيراً ما عتمد لمخالفة الشرع , وإطلاق العبارات الموهمة للإتحاد والحلول , أو التي يريد ه مطلقوها , كما هو الحال مع ابن عجيبة الذي استشهدت به في مشاركتك يقول أحمد ابن عجيبة الدوريس الشاذلي الفاسي، توفي سنة (1224هـ في شرحه لحكم ابن عطاء الله السكندري "

واعلم أن هذه الأوصاف البشرية التي احتجبت بها الحضرة، إنما جعلها الله منديلاً لمسح أقذار القدر (كالنفس والشيطان والدنيا)، فجعل الله النفس والشيطان منديلاً للأفعال المذمومة، وجعل البشرية منديلاً للأخلاق الدنيئة، وما ثم إلا مظاهر الحق وتجليات الحق، وما ثم سواه"

فإن كان الذين قالوا بشيئ مما له صلة بالتصوف من أهل العلم على وجه الإجتهاد مما هو من موارده , فهم مخطئون معذورون , لكن لا ينبغي أن يتابعهم أحد على شيئ مما تقدم , وإن كانوا حين قولهم أو فعلهم لبعض ذلك في حالة غياب أو اصطلام فهؤلاء لا اعتبار بأقوالهم وأفعالهم , فإن القلم مرفوع عن المعتوهين والصبيان والنائمين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير