تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و الأن فلننقل قصة فرار الشهاب من إسبانيا إلى المغرب حسبما نقلها إلينا من رحلته صاحب " زهر البستان" في أواخر كتابه قال:

" ففي رحلة شهاب الدين الحجري المعروف بأفوقاي قال: لما تغلب العدو على جزيرة الأندلس و استولى على من بها من المسلمين و بقوا تحت عقد النصارى, و فتنوهم في دينهم, خرج متخفيا مجاهدا بدينه يطلب النجاة من بلاد النصارى إلى بلاد المسلمين, و ذكر ما جرى في طريقه إلى أن ركب في سفينة بمرسى شنتمري (بالبرتغال) جاءت بالزرع للبريجة فرحل إليها. قال وصلنا إلى البريجة في يومين.

قال , دخلنا عند القبطان, و سألنا من أين جئتم. و أخبروه بأنهم من نصارى أشبيلية, و أنهم وقع لهم ما أوجب الخوف على رقابهم فهربوا إلى البريجة (مدينة الجديدة بالمغرب حاليا) قال , و طلبنا منه الإذن في الرجوع إلى بلادنا متى أردنا ذلك, و كنا عزمنا على الهروب منها لبلاد المسلمين – و هنا نود أن نلاحظ أن قول الشهاب أنهم وصلوا من شنتمرية إلى البريجة في يومين هو قول لا يعتد به لأن المسافة بين البلدين لا تقل عن 600 كيلومتر في البحر, وهذه المسافة يقتضي لقطعها بالسفيتة البطيئة أسبوعين على الأقل لا يومين, و لا بد أن هناك تحريفا في النص-.

يقول الشهاب: " فلما رأينا منعتها " أي البريجة", بالسور الذي عرضه ثلاثة عشر ذراعا و البحر دايرها من جهتين, و خندقوا عليها من الجانبين الأخرين, قال استعملنا الحيلة في التخلص منها , بقينا في استعمال الحيلة من الإقامة بها حتى جاءت سفينة من بلاد الأندلس و عزمت على الرجوع و قلت للقبطان , أحب أن أرجع إلى بلادي في هذه السفينة, و إذا احتجت شيئا في بلاد الأندلس, أعطني زماما أبعث به إليها, قال فخرجت مع صاحباي عشية النهار بجميع ما نحتاج إليه من الطعام في السفر, ووجدنا قاربا صغيرا بالمرسى ينتظر من يركب فيه ليمشي إلى الفينة, فأعطيته الطعام و حوايج اللباس, و بقينا ننتظر التاجر صاحب السفينة إلى أن خرج من البريجة ستة من النصارى عيونا يتجسسون ليلا .. و يرجعون صبحا, فمروا بنا و مضوا إلى سبيلهم, و نحن ننتظر التاجر حتى أظلم الليل, فصلينا العشاء و قلت لصاحبي هذا وقت خير, ننجو فيه بأنفسنا, من .... إلى بلاد المسلمين, فعدلنا عن الطريق التي نمشي فيها لأزمور مخافة أن تلحقنا خيل النصارى, إذا أحسوا بهروبنا, و مشينا على حاشية البحر من جهة اليمين. ثم رأينا صومعة بلاد المسلمين في رابطة تسمى طيط خالية من أهلها.

و لما بدأ انشقاق الفجر أخلوا في البريجة النفض الكبير, و خرج النصارى عن أخرهم في طلبنا, فدخلنا شجرة من الدروا, وظللنا النهار كله حتى رجعوا, و بقينا يوما نسمع حس البارود, حتى أيسوا منا. و لما سمع قايد أزمور, وهو القائد محمد بن القايد ابراهيم الشعياني حس النفض الكبير, علم أنه حدث في البريجة شيء عند النصارى, وأمر الفكاك أن يمشي عندهم ليتكلم في بعض الأسارى, و يعرف ما حدث عندهم. فلقيهم بالفحص و سألوه عن نصرانيين هربا من إشبيلية إلى البريجة ثم هربا من البريجة إلى بلاد المسلمين فقال لهم الفكاك بلغوا عندنا صبحا. و إنما قال لهم الفكاك ذلك ليقنطهم .. و بقينا في الشجر إلى الليل و سرنا قاصدين أزمور, و بسبب الغيم لم نر نجوما نهتدي بها بجهة أزمور و بقينا جل الليل سايرين في الفحص إلى أن وصلنا عين ماء و شربنا منها, و جلسنا هناك إلى أن صلينا الصبح.

ثم سرنا لجهة أزمور, و بسبب الغيم لم نر الشمس إلى أن كانت في وسط السماء. و كنا نطلب الماء من شدة الحر, فوجدنا هنالك أبارا يابسة, و رأينا شجرة كبيرة, فمشينا إليها, وصلينا العصر, و استرحنا بظلها من حرحرة الشمس. فلما استرحنا سمعنا موج البحر ففرحنا, لأنا إذا كنا في حاشيته, نعرف الطريق, فوصلنا إليه عند المغرب, و علمنا أننا بين طيط و البريجة.

فقال لي صاحبي نمشي إلى طيط لنشرب من أبارها, فقفلت إن مشينا إلى طيط لم تبق لنا القوة على المشي من هناك, لما لحقنا من الجوع فخالفني ثم رجع إلى رأيي , وولينا على طيط ووجدنا طريقا متسعة, وصرنا إلى نصف الليل, فتحققنا أنها طريق البريجة. ووقفنا على الموضع الذي تقف فيه طلائع النصارى. و جزنا من ذلك الموضع و تركنا البريجة عن شمالنا, ووصلنا إلى حاشية البحر, و مشينا إلى جهة أزمور و طلعنا جبل راينا المسلمين مشغولين فيه بالحصاد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير