و دنيا معتكفا على الاقراء و التدريس، و كان إماما بالجامع الأعظم و خطيبه، و ممن يرجع إلى قوله في النوازل و الأحكام و كانت الولاية اغلب عليه، مواظبا على الأذكار و قيام الليل إلى أن مات ".
و منهم والده الذي تولى جميع وظائف أبيه من إمامة و خطابة بالجامع الكبير بقسنطينة و قد توفي أثناء رجوعه من الحج في مكان بين الحجاز و مصر سنة 1045 هـ " و كان فقيها صوفيا، و ربما يرجع إليه في المسائل و الافتاء، و كان ذا سمت و تعفف و أوراد و قيام الليل "
و قد استطاعت عائلة الفكون خلال العهد العثماني أن تتحصل على امتيازات كثيرة وان تحتل مكانة اجتماعية مرموقة بسب سمعتها الدينية و العلمية، و ثروتها الطائلة، و وقد نوه به وبأسرته ـ نظماً ونثراً ـ معاصره العلامة الأديب أحمد المقري التلمساني نزيل فاس ثم القاهرة (ت 1041 هـ). يقول: " فهو العالم الذي ورث المجد لا عن كلالة، وتحقق الكل أن بيته شهير الجلالة، بيت بني الفكُّون، هضاب العلم والوقار والسكون، لا زال الخلف منهم يحيون مآثر السلف.
ودام عبد الكريم فردا ... في العلم والزهد والولاية
فهو الذي حاز فضل سبق ... وصار في الزمان آية "
طلبه العلم وشيوخه:
نشأ الفكون في كنف والده الذي هو كان أول شيوخه فحفظ على يديه القرآن الكريم و تلقى المبادئ الأولية للعلوم في زاوية العائلة، ثم عكف على تحصيل مختلف العلوم الشرعية و اللغوية، ثم تولاه كبار شيوخ عصره من امثال:
- سليمان القشي الذي قال عنه في " منشور الهداية " ص 60: " ومن اشياخنا في البداءة الشيخ البركة ابو الربيع سليمان بن أحمد القشي نسبا، أصله من بلدة نقاوس [تابعة لولاية باتنة و هي مشهورة بفاكهة المشمش،و منها العصير الذي يباع بكثرة في الجزائر] وانتقل الى قسنطينة مراهقا بعد موت والده سنة ثلاث وستين ... ورحل الى مصر يقصد الحجاز فعاقه عائق تخلف في الجامع الازهر فقرأ على شيخ عصره العلامة البحر الفهامة ابي النجاة سالم السنهوري المختصر و الرسالة و الألفية و ألفية العراقي، و اقام بها مدة ثم رجع الى قسنطينة ... و قد انتفع به خلق كثير لقرب عبارته و وسع صدره، فلا تجد المبتدئ يقرأ الا اليه لبساطة كلامه و حسن نيته و كثرة توفيره، وحلو الفكاهة و المحادثة، منبسطا يداعب الصغار و الكبار، ملازما للذكر كثير التلاوة، قرأت عليه أوائل الرسالة وحضرت باقيها، وقرأت شرح الصغرى و القطر [قطر الندى و بل الصدى لابن هشام النحوي] و الجرومية بشرحها جبريل [لعله زين الدين جبريل وقد نشر هذا الشرح المستشرق الفرنسي دولفان سنة 1886م بمطبعة ارنست لورو في وهران – الجزائر]، وبعض اوائل الألفية".
- عبد العزيز النفاتي الذي قرأ عليه الحساب و بعض الفرائض،،
- أبو عبد الله محمد الفاسي المغربي الذي قرأ عليه الاصطرلاب و بعض الفرائض.
- محمد التواتي المغربي: الذي ترجم له في " منشور الهداية" ص 55 فقال عنه: " ... وممن لقيناه وقرأنا عليه الشيخ الاستاذ النحريرالنحوي، آخر المتكلمين لسان حجة المسلمين، ابو عبد الله محمد بن مزيان التواتي ,,, قرأت عليه المرادي [يقصد شرح ألفية ابن مالك للمرادي، الحسن بن قاسم] سنة احدى و ثلاثين و ألف مرارا، و عقائد السنوسي [الكبرى و الوسطى و الصغرى] بشراحها، وابن الحاجب بمطالعة التوضيح عليه، والتذكرة للقرطبي، و حضرته [كذا] للتفسير نحو العشرة أحزاب، وكتاب مسلم بن الحجاج بقراءة الأبي [يقصد الشرح المسمى ب: " إكمال الإكمال في شرح صحيح مسلم " بشرح الأبي، أبو عبد الله محمد بن خلفة بن عمر الوشتاتي المتوفي سنة 828 هـ] و كان رحمه الله يسر بمباحثتي معه، و لي معه كلام في إعراب السيوطي {عدد خلقه} و {رضي نفسه} و {زنة عرشه} ".
و محمد بن راشد الزواوي، وقد كان لهذين العالمين الأخيرين تأثير كبير في اتجاهه نحو دراسة النحو و التضلع فيه.
¥