تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كما يَكثُر اليوم الحديث بخلط ممجوج بين المهدي المنتظر والمجددين انطلاقا من الحديث الذي رواه أبو داود والحاكم والطبراني بإسناد صحيح عن أبي هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله عز وجل يبعث لهذه الأُمة على رأس كل مائة سنة من يُجدد لها دينها)، واستنادًا على الفهم الخاطئ لمثل هذا النص النبوي، وقلة العلم، وترأس الجهال في الفتوى، وحب الرياسة والحظوة أصبح كل حزب وكل جماعة تعد شيخها ومؤسسها هو المهدي المنتظر والمجدد الموعود، حتى أُصيبت الأُمة بتخمة المجددين والمهديين .. !!! [5] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn5).

وفي المقابل هناك موقف آخر يحرف الكلم عن مواضعه، وممن يمثل هذا التيار الدكتور المغربي المسمى محمد عمراني حنشي الذي ألف كتابه "المهدي اللامنتظر لا عند اليهود ولا عند الشيعة ولا عند السنة ولا عند البرتغال"؛ ليثبت -حسب زعمه استنادًا إلى مغالطات سياسية وعقائدية-أن المهدوية أسطورة غارقة في الموروث الوثني! تعود إلى ديانة "زرادشت" في التراث الإيراني، ويضيف "أسطورة أو خرافة المهدي المنتظر لا تثير الدهشة؛ لأنها أمر طبيعي ومتوقع في العديد من المنعطفات التاريخية، وخاصة المنعطفات المرتبطة بالتأزم واليأس .. ! ".

ومن النقط الأخرى الأساسية التي وجهتني لكتابة هذه المقالة المتواضعة: التفكير في الاستعداد لقيام الساعة دون الاقتصار فقط على الدنيا وملذاتها؛ يدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل: متى الساعة؟ فقال: "ماذا أعددت لها" [رواه البخاري 3688]، أضف إلى ذلك إثبات أن خبر المهدي المنتظر من دلائل النبوة البعيدة عن التأويلات والتحريفات والتخريفات ..

باب مهم للولوج:

بادئ بدء أشير في ضوء دراستي لهذا الموضوع الشائك؛ أنه إن كانت هناك فجوات أو ثغرات تحدث في حياة الأمم وفي حياة المجتمعات، وهي تحدث ولا شك في حياة كل أمة .. وإن لم يسجل تاريخها تسجيلا أمينا مفصلا موثوقا، فذلك بالفعل من طبيعة البشر؛ إن هو زاغ عن المنهج القويم منهج الحق الذي ارتضاه الله لعباده الله الصالحين .. ؛ لأن الإنسان كما قال أبو الحسن الندوي رحمه الله: "صاحب شعور، وصاحب عقلية، وصاحب تجارب، وصاحب أهواء وميول وشهوات، وصاحب غايات وأهداف، يواجه معارضات وصراعًا نفسيًّا، وفي بعض الأوقات صراعًا سياسيًّا وصراعًا اجتماعيًّا .. ، فإنه لا بد أن تحدث في كل مجتمع مهما بلغ من العلم الديني، والصلاح العلمي، ومن الفضيلة الخلقية مكانا ساميا -والفترة النبوية خير شاهد على ذلك- من هنا لملء تلك الثغرات لا بد من الاستنجاد بالعقيدة السليمة وحكمةِ حاملِيهِ وشارحيه" [6] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn6).

وإذا تتبعنا فكرة المهدوية [7] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn7) في تاريخ الغرب الإسلامي في العصر الوسيط، وجدنا أنها كانت الطور النهائي والمرحلة الأخيرة، والتمهيد لـ"الانقلاب" السري ضد السلطة القائمة .. بعبارة أخرى: "المهدوية" -حسب المصادر التاريخية وليس المصادر الشرعية- العملاق المستعد ليخرج من قمقمه ليمحو أثر الظلم الذي يمارسه النظام القائم ليملأ الأرض عدلا بعدما ملئت جورًا!! من هنا نزلت على بني جنس العصر الوسيط المغربي قبعات متعددة من ألوان المهدوية يلبسها كل من يرفض أن يرى الإسلام -عقيدة وشريعة- عرضة للإهانة من قبل مؤسسات الدولة ويسعى أن ينتشل المجتمع من الغرق المحقق .. وأن المهدي المنتظر المغربي يتحين أي فرصة تكون فيها الأزمة السياسية خانقة متفلتة من الضوابط وخارقة للقوانين .. !!

وتأسيسا لإشكالية الموضوع -الذي لا أقلل من قدره في هذا العصر كما ذكرت ذلك آنفا- لا بد من طرح الأسئلة التالية: هل المهدي يدخل في خانة المعتقدات الشرعية المسلم بها؟

أم هو صنيع الفرق الكلامية السياسية؟ أم المهدي المنتظر خاص بكل وطن من الأوطان ويظهر على إثر كل مرحلة عصيبة؟

أم هو إرث العقيدة الشيعية والصوفية خاصة وأنهما يسيران في خط متطابق والأقرب إلى الاندماج؟

أم هو بطل من أبطال التاريخ؛ الذي يقف حجر عثرة وعقبة كأداء أمام استمرار نفوذ الدولة القائمة وإحداث مجموعة من القلاقل والاضطرابات السياسية التي تؤدي في نهاية الأمر إلى انهيارها (كما فعل المهدي بن تومرت مع الدولة المرابطية)؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير