تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لقد استخدم ابن تومرت الأسلوب التلفيقي وسيلة مباشرة لإثبات فكره النظري على أرض الواقع، ومع تنوع المصادر والمناهل التي استقى منها ابن تومرت آراءه، ووضوح الطابع الانتقائي -إن لم نقل التلفيقي- الذي يطبع تلك الآراء، إلاّ أنه لم يأت بجديد، ولم يمتلك فلسفة خاصة في نظرته إلى المبادئ التي حاول أن يضع لها حلولاً، فإن مجمل آرائه هي مجموعة منتقاة من فلسفة الفرق الكلامية المختلفة والمتناقضة أحيانا، فتجد بينها آراء اعتزالية وبجانبها أفكار أشعرية تأويلية وشيعية، على أن تنوّع مصادر علمه أعطى لعقيدته الاستهجان المذهبي! فقد وافق ابن تومرت الأشعرية في مسألة تأويل الأسماء والصفات ومسائل أخرى كثيرة دفعت بابن خلدون إلى القول: "وحملهم (أي قوله) على القول بالتأويل، والأخذ بمذهب الأشعرية في كافة العقائد" [25] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn25).. فليس غريبًا لمن كان هدفه الرياسة أن يسلك مسلكا ممجوجًا إذا خاف البطش وإيقاع الفعل به، فخلّط في كلامه فينسب إلى الجنون [26] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn26). وقد وصفه بعض من ترجم له بأنه: (كان صارماً سفاكاً للدماء؛ يستبيح دم أعدائه ودم أصدقائه إذا لم يصدعوا في الحال بأمره، وكان إذا أراد المبالغة في عتاب أحد أمر بدفنه حياً، وكان يذكي حماسة جنده بما يعدهم به من عظيم الثواب في جنات الخلد التي تنتظرهم إذا استشهدوا في سبيل الدين الصحيح، وكان يلقنهم صلاة صغيرة يتلونها في الحرب في الذهاب والوقوف والقتال اقتصادًا في الوقت، ولكي لا يضطروا إلى الركوع والسجود كما يحدث في الصلوات المعتادة [27] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn27).

ويتضح من خلال ذلك أن ابن تومرت كان يحاول استغلال سذاجة المجتمع البربري القائم، وبدائية معارفه العلمية والدينية التي وجد فيها مرتعاً خصباً لتمرير سياسة الإصلاح الديني، مستهدفاً التغيير السياسي لضعضعة دولة المرابطين.

المهدي المنتظر .. حجج واهية .. وردود مفحمة للعلماء:

أ- عدم ورود ذكره في الصحيحين:

للرد على هذه الشبهة يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: "إن البخاري ومسلمًا لم يلتزما بإخراج جميع ما يحكم بصحته من الأحاديث، فإنهما قد صححا أحاديث ليست في كتابيهما؛ كما ينقل الترمذي وغيره عن البخاري تصحيح أحاديث ليست عنده، بل في السنن وغيرها" [28] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn28).

ب- تعدد من ادعى المهدوية:

في هذا الباب يقول الشيخ حمود بن عبدالله التويجري رحمه الله: "من ادعى من المفتونين أنه المهدي المنتظر، ولم يخرج الدجال في زمانه، فإنه دجال كذاب، وكذلك من ادعى أنه المسيح ابن مريم، ولم يكن الدجال قد خرج قبله، فإنه دجال كاذب، وللمسيح ابن مريم علامتان لا تكونان لغيره من الناس، إحداهما: أنه يقتل الدجال كما تواترت بذلك الأحاديث، والثانية: أنه لا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات ... ) [إقامة البرهان في الرد على من أنكر المهدي والدجال].

جـ- إنكار المهدي بالكلية:

في هذا الباب قال الشيخ العلامة ابن باز رحمه الله: "أما إنكار المهدي المنتظر بالكلية -كما زعم ذلك بعض المتأخرين- فهو قول باطل؛ لأن أحاديث خروجه آخر الزمان .. قد تواترت تواترًا معنويا .. ولكن لا يجوز الجزم بأن فلانًا هو المهدي، إلا بعد توفر العلامات التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الثابتة، وأعظمها وأوضحها: يملأ الأرض قسطًا وعدلا كما ملئت جورًا وظلمًا".

خاتمة:

ومما يؤكد غموض هوية المهدي المنتظر، حتى عند أهل السنة؛ هو تكرر دعوات المهدوية هنا وهناك .. حتى كانت معظم الروايات التاريخية عن "المهدوية" في القرون الوسطى والمعاصرة، مرتبطة ومنبثقة من حركات سياسية ثورية تتصدى لرفع الظلم والاضطهاد، وتلتف حول زعيم من الزعماء، وعادة ما يدعي نسبه لأهل البيت (كما فعل ذلك ابن تومرت في العصر الوسيط، والجيلالي بن إدريس الزرهوني المعروف ببو حمارة إبان الاستعمار الفرنسي للمغرب، وما يفعله الزعيم الروحي لجماعة العدل والإحسان المغربية عبدالسلام ياسين الصوفي مع أنه لم يدع المهدية ولكنه يشتغل بالرؤى والمنامات ويعلق عليها آمالا لتحقيق أهدافه السياسية، وأنه تتوفر فيه –على حد زعم مرشدهم- كل الشروط لتولي الخلافة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير