الفصل السابع يتحدث –استنادا إلى مصادر برتغالية وقشتالية- عن محاولة ملك إسبانيا غزو فاس. يذكر المؤلف أن البرتغال كانت تعارض دائما أى تدخل إسبانى فى فاس، ولهذا أخفى الملك الكاثوليكى نيته عن الجميع تقريبا وأراد أن يقود الحملة بنفسه. يسوق المؤلف أدلة على أن الحملة كانت موجهة إلى فاس رغم أن المصادر الإسبانية لا تكاد تذكر شيئا عن هذا الموضوع.
الفصل الثامن يتحدث عن السنوات الأخيرة التى عاشها المنظرى ثم وفاته. يفرد المؤلف صفحات للحديث عن صداقة جمعت بين القائد الغرناطى والراهب كونتريراس. يتحدث بعد ذلك عن ست الحرة التى حكمت تطوان بعد وفاة المنظرى.
الفصل التاسع يتحدث عن آثار عائلة المنظرى فى غرناطة بعد سقوط دولة بنى نصر، فيعرض وثائق تتحدث عن أملاك عائلة المنظرى وعن أن أحد أفراد العائلة استطاع تهدئة ثورة أقرانه من الموريسكيين.
الفصل العاشر يتحدث عن آثار المنظرى فى تطوان ومن بينها برج أو قلعة المنظرى، وبوابات سور مدينة تطوان، وضريح القائد الغرناطى.
يتضمن الكتاب عدة ملاحق وثائقية: وثيقة برتغالية تتحدث عن انهيار مدينة تطوان قبل أن يعيد المنظرى تأسيسها، ووثيقة ثانية تتحدث عن زوجة المنظرى، فاطمة الغرناطية، ووثيقة ثالثة تؤكد وفاة المنظرى فى أواخر عام 1540 أو أوائل عام 1541، أما الملاحق من الرابع إلى السادس فهى تعرض وثائق خاصة بممتلكات عائلة المنظرى فى إسبانيا وتعود إلى الفترة ما بين عامى 1544 و 1576.
********
هناك عامل مهم يضفى على هذا الكتاب أهمية خاصة، وهو يتمثل فى الوثائق البرتغالية التى يعرضها، والتى تتناول العلاقة مع تطوان فى القرن السادس عشر. لا نظن أن هذه الوثائق قد ترجمت إلى العربية، ونأمل أن تؤدى الفقرات المترجمة منها فى هذا الكتاب إلى إدراك أهميتها و –بالتالى- إلى ترجمة الكتاب كله من البرتغالية إلى العربية مباشرة.
هذا الكتاب يثير قضية مهمة إلى أقصى حد. إن أصحاب النفوذ فى المغرب العربى –طبقا لرواية المؤلف- قد تعاونوا مع الملك فيرناندو مما أسهم فى التعجيل بسقوط غرناطة، والأمر هنا شديد الوطأة على النفس، ويبقى أن يتسلح مؤرخونا بالوثائق لدحض هذا الرأى أو الاعتراف بصحته وإعادة كتابة تاريخ سقوط غرناطة. (إن صدق ما يرويه المؤلف فسيكون لدى مؤرخينا سبب آخر لكيلا يتحدثوا عن خيانة أبى عبد الله الصغير. يحضرنى هنا أن صديقنا غوثالبيس بوستو كان يرى أن الكتابات التأريخية العربية قد ظلمت آخر ملوك غرناطة ظلما واضحا، فقد حمّلته مسئولية ضياع غرناطة، فى حين أن سقوط المملكة الإسلامية لم يكن سوى محصلة لعقود طويلة من الضعف والتهاون من جانب أسلافه) (5).
يذكر المؤلف -فى الملحق الوثائقى الثالث- أن المؤرخين المغاربة لم يتمكنوا من رصد تاريخ وفاة المنظرى وأنهم –لهذا السبب- حاولوا ملء الفراغات بأحداث بعيدة الاحتمال، وهذا ما أثر على الكتابات التأريخية المتعلقة بالمغرب. والمؤلف يعتمد على مصادر إسبانية وبرتغالية لترتيب الأحداث.
نستطيع أن نقول –بناء على هذا الكتاب (الفصل السابع) - إن الحرب التى أعلنتها فرنسا وفينيسيا ضد إسبانيا هى التى منعت فيرناندو الكاثوليكى من الاستيلاء على مملكة فاس.
إذن فهذا الكتاب مهم لتصحيح بعض الأخطاء الواردة فى الكتب التى تتعرض لتاريخ المغرب، أو يسد فراغات يمكن أن توجد فى هذه الكتب.
يطرح الكتاب الذى نقدم له قضية ينبغى التوقف عندها. هل كان مسلمو الأندلس يقدمون "جنسيتهم الإسبانية" على هويتهم الإسلامية؟ هل كان أبو على المنظرى مؤسس تطوان على استعداد لتسليم المدينة لفيرناندو الكاثوليكى؟ يقول المؤلف إن تسليم المدن والقلاع لم يكن شيئا غريبا على القادة المسلمين فى شبه جزيرة إيبيريا، وبالتالى فهو مستعد لقبول فكرة أن المنظرى كان بصدد تسليم تطوان للملك الإسبانى.
على المؤرخ العربى أن يدلى بدلوه فى هذه القضية، وإن كان هذا لا يمنع من أن نتساءل: إذا كان المنظرى ممن يبيعون أنفسهم بهذا الشكل المخزى، فلماذا هاجر إلى شمال إفريقيا حيث المعيشة الصعبة؟ ألم يكن من الأنسب له أن يعرض خدماته على الملك فيرناندو وينضم إلى حاشيته؟
*******
لعل المشكلة الأولى التى يصادفها من يتصدى لهذا الكتاب الذى نقدم له تتمثل فى قلة المصادر العربية التى كان يمكن أن تحل قضية كتابة أسماء الأعلام، وقد حاولنا التغلب علي المشكلة كما حدث فى كتاب غوثالبيس بوستو الأول، فاجتهدنا قدر الإمكان فى التعرف على الاسم الصحيح لكل شخصية تاريخية بارزة، أما أسماء الأعلام الأقل أهمية فلم يكن التعرف عليها بالأمر اليسير، لكننا اجتهدنا على أية حال، ونحسب أننا وفقنا فى بعض محاولاتنا، بل نحسب أننا فى هذا الكتاب الثانى كنا أوفر حظا من هذه الناحية، فقد رجعنا إلى مصادر لم تكن متاحة عند ترجمة الكتاب الأول، وهكذا تمكنا الآن من كتابة كثير من أسماء الأعلام بشكل صحيح.
الكتاب مفيد بلا شك، ونحسب أنه يمثل إضافة إلى مكتبتنا العربية الخاصة بتاريخ المغرب العربى وبالنتائج التى ترتبت على سقوط غرناطة الإسلامية.
لست فى حاجة إلى إعادة تقديم الدكتور غوثالبيس بوستو إلى القارئ العربى، لكننى أكرر هنا أنه كان يرسل إلىَّ أبحاثه أولا بأول ومعها كلمات طيبة كإهداء، وحدث أن سمعت عن هذا الكتاب الذى نقدم له اليوم، وأدهشنى أنه لم يرسل إلى نسخة كعادته، فكتبت إليه أعاتبه، وحمل إلى البريد نسخة بدون إهداء ففهمت أن الأسرة هى التى أرسلت الكتاب وأن صديقى قد رحل عن عالمنا مأسوفا عليه.
لا يسعنى فى النهاية سوى أن أعبر عن جزيل الشكر والامتنان مرة أخرى لكل من أرملة المؤلف وابنه الدكتور إنريكى غوثالبيس أستاذ التاريخ بجامعة غرناطة على تعاونهما فى إصدار هذا الكتاب
والحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات
جمال عبد الرحمن
القاهرة فى الثانى عشر من رجب عام 1428 هـ