تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الباطنة ولا يصحّ العكس)).

وأن يقال: ((تصديي بياءين مخففتين ومن شَدَّد عليه)). وإن قال: ((أناف عليه ومن قال أناف عنه فقد أخطأ)) إلى غير ذلك مما مرّ بيانه. فما حاجتي بعد كل هذا بالمنقحين وسيدي الإمام متصدّر في مجلس العلماء تُرفع أقوالهم إلى مسامعه الشريفة فيخطّئ بعلمه كلَّ صحيح ويقتصّ منهم لحق اللغة. والأمر لله والله خير المنصفين.

و العجب إنه قبل ذلك قد لام صاحب الجنان على نشره كلامي في جريدته على ما فيه من الخلل، فما أدري كيف يكون هو المنقح لكلامي وكيف يلام بعد ذلك على نشره له في الجنان مختلاً. لأنه إن ثبت أنه قد نقحه فقد ثبتت عنده صحّته فلم يبق عليه للملام سبيل. وإن ثبت أنه قد عرف أغلاطه كما عرفها الأستاذ ونشره في الحنان على غلطه فكيف يّدعي أنه قد نقّحه. ولكن ما زال ذلك شأن المولى فقلما تراه بتَّ حكماً إلا تراه بعد حين بتّ عكسه فتدافعا فأسقط أحدهما الآخر. ولله درّه.

وأما ذلك الأديب الذي أشار إليه وقال: ((إن هذه المناقشة لا تلبث أن تغريه بتخطئة المقامات من أولها إلى آخرها)). فليشفعنّ في جنايته كلها إذا كان ذلك يتمّ عن يده. لأنني عازمٌ إن شاء الله على إعادة طبعها، فلعلّ أبي رحمه الله قد فاته شيءٌ من ذلك فينبهني كل ذي علم عليم، ويحق له عليّ الثناء الجميل. والمأمول أنه إذا تعمد ذلك يعاملني باللطف و الرفق كما يليق بمثله،لا كما فعل صاحب المناقشة وبذلك يُخلص إحسانه وما على المحسنين من سبيل.

هذا وإنني لأعلم أن المطالع قد ضجر مني وربّما تغيّظ لسبب هذه الإطالة فأقول هنا إن الرد قد آذن بالنهاية، و الحمد لله لا ينتهي. وأسأله الإغضاء عما لعله طغى به القلم. وإن أذن لي أطرفته بشيء آخر أحسبه لا يخلو من فكاهةٍ لعلها تشفع في ما أشرتُ إليه، وأظن أني إن لم أفعل الآن ربما فاتتني وإياه. وذلك إنه قد خرجت في هذه الأثناء قصيدة من نظم صاحبنا في وقائع الحرب الأخيرة، نشرها في العدد 558 من الجوائب. ولما كان هذا الباب لم يزل مفتوحاً ولا أحبّ أن أقرعه بعد أن يُغلق كما علمت، وكان لا يغرب عنك أن لكلّ جديد طلاوة، لم أجد بداً من أن أُلحق بهذا الرد شيئاً منها لكي تعلم أن الإمام لم يزل مراعياً لحقوق العربية كما ذكر في رده وأنه لا يضيع مثقال ذرةٍ منها إن شاء الله. فمن ذلك قوله نفعنا الله به:

فهذه جيوشي وهو فيها محكّمٌ رئيسٌ عليها آمرٌ أمر مزيال ِ

((المزيال)) الخفيف الظريف فهو منافٍ أو مباعد للمقام، و المعنى يقتضي نحو الحاذق أو المحنك ولا محل فيه للخفة و الظرافة فتأمّله. وقوله:

وأكثرهم صخباً وشغباً وأحنةً غرامون شيخٌ ذو هياج وتصهال ِ

فقوله ((صخباً)) يقتضي الوزن إسكان ((خائه)) و اللغة تقتضي تحريكها فكل واحدةٍ من الحالتين خطأ من وجهٍ. وقوله ((تصهال)) الأظهر فيه أنه من قولهم رجل ذو صاهل، أي شديد الصيال و الهياج. ولكنهم قالوا ذو صاهل ولم يسمع ذو تصهال. وسائر معاني المادة لا يناسب المقام. وقوله:

ويا يوم فلّوا في بروت وأدبروا شماطيط فلا عز عن كل منوال ِ

فقوله ((عزّ عن كلّ منوال)) لا معنى له. وقوله:

وسار إلى حصن ٍ يسمّى بفردن ٍ يظنّ به أمناً وإرجاء إفشال

ففي قوله ((إرجاء إفشال)) نظر والأظهر أنه يريد بالإفشال أن يكون مصدراً من معنى الفشل، وبالإرجاء التأخير. إلا أن ((أَفشَل)) الرباعي لا يأتي بمعنى الثلاثي. وقوله:

وأكثر من هذا إبادتهم الوغى وذلك من بعد اقتحام وقيتال ِ

ولا يخفى ما في قوله ((قيتال))، من الكراهة و الغرابة وإن أجازه القياس. وقوله:

وقد حصلا في كفّ جرمانيا معاً كمثل لجام ٍ للفرنسيس تلاّل ِ

الأظهر هنا أنه يربد بقوله ((تلاّل) أن يكون فعّالاً من قولهم: أتلّ الدابّة. إذا ارتبطها وقادها. جعله صفةً للّجام وفيه نظر. على أن في صيغته خطأ فاحشاً لأن فعله رباعي لا ثلاثي كما تستعمله العامة فيقال أتلَّ الدابّة كما تقدّم ولا يقال تلّها. وصيغة فعّال لا تبنَى من أفعَل الرباعيّ إلا في ألفاظ شاذّة تسمَع ولا يقاس عليها، على إنها في غاية الندور. قال الشيخ أبو زكرياء التبريزيّ في شرح ديوان الحماسة لأبي تمام الطائي رحمهما الله: ليس في الكلام أَفعَل فهو فعّال إلا أحرف يسيرة وهي أسأر فهو سأار وأدرك فهو درّاك وأجبر فلاناً

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير