تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

في حكم السكون فلا يجب معها الإدغام بخلاف ما هناك كما تقرّر، وعليه قوله: (لاَ يَغُرَّنَكَ تَقَلُّبُ اُلَّذِينَ كَفَرُواْ) [سورة آل عمران، رقم 3، الآية 196]. وقال الشاعر:

لايَغُرَّن امرءاً عيشهُ كلّ عيش ٍ صائرٌ للزوال

وهو مستغن عن البيان. ولعله يحتجّ بضرورة الوزن كما في قول بعضهم: الحمد الله العلي الأجلل. على أنه ما زال عرضة للانتقاد ومثالاً عند الصرفيين للشذوذ و عند البيانيين للخروج عن الفصاحة يحذّرون من ارتكاب مثله. فلا بأس أن أورد له شيئاً من ذلك في النثر أيضاً. فمنه قوله في صفحة 200 من هذا الكتاب: ((إن قوماً من الهُككاء)) والصواب الأهكاء كالصحيح و الأصحاء، لأن صيغة فُعلاء لا تُستَعمَل في المضاعَف. وقوله في صفحة 221: ((ويتطالل إلى بعض استعارات باردة)). مع أن الفعل منصوب. وفي صفحة 550: ((وإذا تطالل واشرأبّ)) وأمثاله كثيرة، وكلّ ذلك مقرّر في علم الصرف ولكنه لم يدخل في علمه. ومن كان هذا مبلغ ما عنده فلينتدب لتخطئة العلماء ومعارضة أولي الفضل، بل ليعتمد على القذف و التنديد في موضع الحجّة و البرهان. فيا لله.

ومما خطّأني به قولي: وشهد الله أني مذ اليوم لم أكن أتوقّع مثل ذلك قال: والصواب إلى هذا اليوم، انتهى. وكأني به لو وقعت له هذه المسألة لم يفتر أن يورد عليها عبارة صاحب القاموس في أثناء الكلام على منذ ومذ حيث يقول: ويليها اسمٌ مرفوع كمنذ يومان وحينئذٍ مبتدآن ما بعدهما خبر. ومعناهما الأمد في الحاضر و المعدود وأول المدة في الماضي. انتهى.

ومثلها عبارة الكليات و المغني وغيرهما. فإن ثبت أن اليوم حاضرٌ كانت مُذ أمداً لمتعلقها، أي غاية له. ولم يكن في العبارة خطأ سوى سوء الفهم أو التعنت في غير محله. والظاهر أن صاحبنا يذهب إلى أن ما وافق ومفهومه كان صحيحاً، وما ليس كذلك فهو خطأ وإن نصّت عليه العلماء. والذي عندي أن متابعة آرائهم أَولى من متابعة رأيه وإن كان ذلك يوجب غيظه مني.

ومن ذلك قولي: فإنه قد حفظ له ذلك زمناً ينيف عن ستين سنة. قال: و الصواب على ستين، انتهى. وهنا تعسّف أيضاً وأشطّ. فإن قصره الصواب على تعدية الفعل بعلى خطأ. والصواب سواغية كليهما جميعاً لأنك إن أردت معنى الاستعلاء استعملت ((على)) أو المجاوزة استعملتَ ((عن)) بلا لاف، وكلاهما محتملان هنا كما لا يخفى. على أن ((عن)) قد تأتي لمعنى الاستعلاء أيضاً نحو فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي، أي عليه كما في قوله: (فَاَسَتَحَبُّواْ اَلَعَمَى عَلَى اَلَهُدَى) [سورة فصلت، رقم 41، الآية 17].

وجاء في كليّات أبي البقاء رحمه الله: و ((الزيادة تلزم وقد تتعدّى بعن كما تتعدّى بعلى لأن نقَص يتعدَّى به وهو نظيره))،اهـ. فحمل زاد على نقص وهما نقيضان فما رأيك في أناف وزاد وهما نظيران مترادفان. ولعمري، ما يعترض في مثل هذا مَن له إلمامٌ بالعربية واطّلاع على ما ورد في أسفارها. وإنما صاحبنا يرى عبارة في أحد التعريفات فيستمسك بها ويظنّ أن اللغة مقصورةٌ هناك. ولو كانت كتب متن اللغة مستغرقة لجميع أحكامها مغنيةً عن غيرها لاقتصر القوم عليها ولكان كلّ من حصل منها على كلمات يعيها في صدره أو يكتبها إمامه قد ملك عنان العربيّة وعرف جميع ضوابطها ودقائقها وما يظنّ ذلك إلا القوم الغافلون.

واعلم أن هذا الباب، أي باب التعدية بالحرف، هو من أدقّ الأبواب. فطالما ترى الكتّاب يغلطون فيه فيبدلون بين حرفٍ وآخر على غير هُدًى، وربما عُدّيَ فعلٌ بحرفين أو أكثر على اعتبارات هناك فخلطوا بينها فما لبث أن جاء المعنى مختلطاً. وقد وقع الأمران لصاحبنا كما سترى.

فمن الأول نحو قوله في كتابه الساق على الساق صفحة 90: ((فهل سول إليك الخنّاس أن تتغزَّل)). والصواب ((سوّل لك)) كما في قوله: (اَلشَيَطَنُ سَوَلَ لَهُمَ وَأَملَى لَهُم) [سورة محمد،رقم 47، الآية 25]. وفي صفحة 110: ((وصحو بالي واستعداده إلى ما يروق)).

والصواب ((لما يروق)). وهو كثيرٌ.ومن الثاني قوله في صدر هذا الكتاب تحت العنوان:

ودرس ثورين قد شُدّا إلى قَرَن ٍ أقنى وأنفع من تدريس حبرَين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير