تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و الصواب أن يقال: ((شُدّا بقرَن ٍ)) وهو ما يُجمع به بينهما من حبل ونحوه فهما يُشدّان به لا إليه وإنما بعضهما يُشدّ إلى الآخر أو كلاهما إلى عود النير مثلاً ونحو ذلك. والعجب أن يخفى هذا على مثل صاحبنا. وإذا احتجّ بضرورة الوزن فهي لا تبيح شيئاً إلا بشرط بقاء المعنى صحيحاً، فإن أدّى ذلك إلى فساده كان مردوداً عند العلماء وعُدّ غلطاً قبيحاً. على أن البيت كله سخيفٌ. وفي قوله: ((أقنى))، ما لا يخفى على كل ذي بصيرةٍ.

وأما تخطئته لي في قولي: ((على أن غلط الوهم لا يخلو منه أحد كما أشار) وزعمه أن الصواب أن يقال: ((كما أشار إليه))، فما لم أسمع به إلا منه ولا خطر لي وجه الخطأ في عبارتي ولا الصحّة في عبارته. و الظاهر أن الأمرين لا وجود لهما في الموضعين. وهذه إحدى خطرات وساوسه المعهودة. لأن مرادي في العبارة مجرّد الإشارة فقط دون قصد المشار إليه بها، إنما ينبغي أن يُعقد الكلام على قدر الحاجة فإن تجاوزها كان مخلاً كما تقرّر في علم البيان. و العبارة على حدّ قوله: (فَاَدَعُ وَاَستَقِم كَمَآ أُمِرتَ) [سورة الشورى، رقم 42، الآية 15] اقتصر على ذكر الأمر دون المأمور به لأنه هو المراد مجَّرداً. ومثله قوله: (لَيَستَخلِفَنَّهُم فى ِ الأَرض ِ كَمَا اَستَخلَف الَّذِينَ مِن قَبلِهِم) [سورة النور رقم 24، الآية 55].

وقوله: (مَا يَعبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعبُدُ ءَابَآؤُهُم مِّن قَبلُ) [سورة هود رقم 11، الآية 109].

وقوله: (قُل لَّو كَانَ مَعَهُ ءَالهِةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذَا لاَّبتَغَواْ إِلَى ذِى العَرش ِ سَبِيلاً) [سورة الإسراء رقم 17، الآية 42]. وهو كثيرٌ مستفيض وما نرى له من نكير. فإن قُصد المتعلَّق هناك أو كان المعنى لا يستقلّ بدونه، وجب ذكره كقوله (وَأَحسِن كَمَآ أَحسَنَ اللهُ إِلَيكَ) [سورة القصص رقم 28، الآية 77]. وقد جمع الأمرين كما ترى.

وقوله: (وَيُتِمُّ نِعمَتَهُ عَلَيكَ وَعَلَى ءَال ِ يَعقُوبَ كَمَاَ أَتَمَّهَا عَلَى أَبَويكَ) [سورة يوسف رقم 12، الآية 6].ونحو ذلك فتأمل.

وبقي هذا النظر في ما وقع من الخطأ في عبارة ردّه. فمن ذلك قوله: ((كما يصحّ أن يقال مثلاً عظم جدّه وطال جهده. كذلك يصح أن يقال جادّة وجاهدة)). فقوله كذلك بعد قوله كما، زيادةٌ مخلّة وهي أشبه بالوجه القبيح المبرقع. لأن قولك مثلاً، ((كما تزورني كذلك أزورك)) يكون تقديره ((أزورك كما تزورني كذلك)) فتأمّله.

ومثل هذه العبارة قوله في كتابه سر الليال صفحة 11: ((وكما جاءت الهمزةُ بهذا المعنى كذلك جاء التشديد)). وقوله في صفحة 67 منه ((وكما أنه يتوهم في البعثقة زيادة ((العين ((كذلك يتوهم)). وفي صفحة 83: ((كما توافق المُبهم و المُصمَت كذلك جاء المُصمَت)) وهو كثيرٌ.

ومن ذلك قوله: ((ولا عجب من أن هذا المتبلتع يقول مثل [هذا] الكلام)). وهو أوضح من أن ينبَّه عليه ولعله غلط طبع إن كان يسلّم بأن صفاف الحروف يغلط.

ومن أغلاطه الفاضحة قوله (ولم يكن لي همّ سوى في إظهار أصل معاني الألفاظ)) إلى آخره. وهو من التراكيب الغريبة و لعله ناشئ عن شدّة التعمق في العلم، على أنه تجاوز الحدّ وأفرط. و الصواب أن يُقال: لم يكن لي همٌ في سوى إظهار. أو إلا في إظهار. لأن إقحام في ما بين سوى وما يليها وهما متضايفان خطأ قبيح كما قرّرت النحاة. والظاهر أنه يتوهم الحرفيّة في ((سوى)) فيجريها مجرى ((إلا)) وهو لا يفرق بينهما. وأنت ترى أنهم في كتبهم يفردون ((إلا)) في باب الاستثناء فيعطونها حكمها ثم ينتقلون إلى ((سوى)) و ((غير)) فيجعلونها في حكم آخر. وفي باب الإضافة يدرجون ((سوى)) و ((غير)) بين الأسماء الملازمة للإضافة. وفي كتب اللغة يفسّرون ((سوى)) بغير، وربما صرّحوا باسميتها أيضاً. على أن مراده في العبارة الحصر وإلا نصٌ فيه، بخلاف ((سوى)) كما لا يخفى، فعدوله إليها معيبٌ لفظاً ومعنى. قلت و مقتضى قوله هذا أنه كان مهتماً بإظهار أصل معاني الألفاظ فقط وترك سائر الأحكام لإغضاء المطالع وتساهله لو ترك لذلك سبيلاً. ومثل هذه العبارة قوله في سر الليال صفحة 13 (لم يكن له همّ سوى بمجرّد جمع الألفاظ)). وينبغي أن تنتبه هنا إلى أنه جرّ ما بعد ((سوى))

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير