تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الجماعة وأن الإمام الراتب هو إمام المقام ولا أثر لأمر الخليفة في رفع الكراهة الحاصلة في جمع جماعة بعد جماعة واستدل على ذلك بأدلة كثيرة وألف في ذلك تأليفا, ولم يحضرني الآن اسم مؤلفه - رحم الله الجميع - انتهى.

قلت: قد وقفت على تأليفين في هذه المسألة: أحدهما - للشيخ الإمام أبي القاسم عبد الرحمن بن الحسين بن عبد الله بن الحباب السعدي المالكي, والثاني منهما للشيخ الإمام أبي إبراهيم الغساني المالكي فأما الإمام العلامة أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسين بن الحباب فذكر أنه أفتى في سنة خمسين وخمسمائة بمنع الصلاة بأئمة متعددة وجماعات مترتبة بالمسجد الحرام على مذاهب العلماء الأربعة. وذكر أن بعض علماء الإسكندرية أفتى بخلاف ذلك وهم شداد بن المقدم وعبد السلام بن عتيق وأبو الطاهر بن عوف ثم رد عليهم وبالغ في الرد عليهم, وذكر أن بعضهم رجع عما أفتى به لما وقف على كلامه, وقال في الرد عليهم: قولهم " إن هذه الصلاة جائزة لا كراهة فيها " خلاف الإجماع فإن الأمة مجمعة على أن هذه الصلاة لا تجوز, وإن أقل أحوالها أن تكون مكروهة ; لأن الذي اختلف العلماء فيه إنما هو في مسجد ليس له إمام راتب أو له إمام راتب وأقيمت الصلاة فيه جماعة ثم جاء آخرون فأرادوا إقامة تلك الصلاة جماعة فهذا موضع الخلاف فأما حضور جماعتين أو أكثر في مسجد واحد ثم تقام الصلاة فيتقدم الإمام الراتب فيصلي وأولئك عكوف من غير ضرورة تدعوهم إلى ذلك تاركون لإقامة الصلاة مع الإمام الراتب متشاغلون بالنوافل والحديث حتى تنقضي صلاة الأول. ثم يقوم الذي يليه وتبقى الجماعة الأخرى على نحو ما ذكرنا ثم يصلون أو تحضر الصلاة الواحدة كالمغرب فيقيم كل إمام الصلاة جهرا يسمعها الكافة ووجوههم مترائية والمقتدون بهم مختلطون في الصفوف ويسمع كل واحد من الأئمة قراءة الآخرين ويركعون ويسجدون فيكون أحدهم في الركوع والآخر في الرفع منه والآخر في السجود فالأمة مجمعة على أن هذه الصلاة لا تجوز وأقل أحوالها أن تكون مكروهة فقول القائل إنها جائزة ولا كراهة فيها " خرق لإجماع الصحابة والقرن الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس إلى حين ظهور هذه البدعة, ثم قال في موضع آخر بعد أن تكلم على المسألة: وإنها ممنوعة على مذهب مالك وغيره, ورد على من أفتى بخلافه. فأما أحمد فكفانا في المسألة مهمة فإنه منع من إقامة صلاة واحدة بجماعتين في المسجد الحرام الذي الكلام فيه ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وقد حكي لك أن مذهب مالك والشافعي وأصحاب الرأي الذين منهم أبو حنيفة إنهم لا يرون إقامة صلاة بإمامين في مسجد واحد, فأما إقامة صلاة واحدة بإمامين راتبين يحضر كل واحد من الإمامين فيتقدم أحدهما, وهو الذي رتب ليصلي أول وتجلس الجماعة الأخرى وإمامهم عكوفا حتى يفرغ الأول ثم يقيمون صلاتهم فهذا مما لم يقل به أحد. ولا يمكن أحد أن يحكي مثل هذا القول عن أحد من الفقهاء لا فعلا ولا قولا فكيف بإمامين يقيمان الصلاة في وقت واحد يقول كل واحد منهما حي على الصلاة ويكبر كل واحد منهما وأهل القدوة مختلطون ويسمع كل واحد قراءة الآخر فهؤلاء زادوا على الخلاف الذي لسلف الأمة وخلفها ومخالفة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن" (1) والله لم يرض هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لمتنفلين تنفلا في المسجد, بل لم يرضه لمقتد اقتدى به فصلى خلفه فكيف يرضى ذلك لإمامين منفردين هذا مما لا نعلم له نظيرا في قديم ولا حديث.

ثم قال في موضع آخر: فأما إقامة صلاة المغرب وصلاة العشاء في شهر رمضان في وقت واحد فلم يستحسنها أحد من العلماء بل استقبحها كل من سئل عنها ومنهم من بادر بالإنكار من غير سؤال, ثم قال: وأما إذن الإمام في ذلك فلا يصيره جائزا كما لو أذن الإمام للمالكي في بيع النبيذ أو التوضؤ به أو في أن يؤم قوما ولا يقرأ " الحمد لله رب العالمين " أو في النكاح بغير ولي وأطال في ذلك, وذكر أن الشيخ أبا بكر الطرطوشي والشيخ يحيى الزناتي أنكرا هذه الصلاة, وإنهما لم يصليا خلف إمام المالكية في الحرم الشريف ركعة واحدة, قال وكان إمام المالكية في ذلك الوقت غير مغموص عليه بوجه من وجوه الفساد, وهو رزين في أيام الزناتي والقابسي في أيام الطرطوشي, ثم قال وحال هذين الرجلين مشهور عن أقراننا ومن قبلنا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير