" اما بعد فقد كنت مدرسا بمعهد سيدي عبد الرحمن اليلولي فطلب مني الطلبة ان ادرس لهم الانشاء فاجبت طلبهم بعد الالحاح ثم فكرت في اختيار المادة التي تعود عليهم بالنجاح، فلم اجد من بين الكتب المتداولة بغيتهم، و ما يناسب احوالهم، و خصوصا ان هذا العلم احدث في هذا المعهد وليدا جديدا ينبغي ان اسلك بهم لاجل ذلك طريقا مفيدا، لذلك لم ار بدا من رجوعي الى ما كتبته من الدروس حين تلقيت هذا العلم عن مشايخي بالازهر الشريف، و ضممت الى تلك الدروس ما رايته صالحا لافادة الطلبة فالقيت ذلك عليهم دروسا مفرقة ثم جمعتها ... فجاءت بحمد الله تزهو بمحاسنها بين الرسائل، و الله هو المسؤول ان يجعلها في هذا لافن من خير الوسائل".
ثم يعرف الانشاء فيقول عنه: " فن جليل المقدار، جميل الاثار، روضته وريقة الأفنان، أنيقة الاغصان ذكبة الروح و الريحان، فيها من كل فاكهة زوجان، به ارتفعت الاقلام الى مناصب الوزارة، و مراتب الصدارة و الامارة، فكانوا اهل الحل و العقد، بيدهم زمام الصرف و العقد، و لهم هيمنة على الاعمال، و السيطرة على العمال ... الخ"
4 - كتاب: ((بغية الطلاب في علم الآداب))
هذا الكتاب صغير الحجم – فيما يبدو – كبير الفائدة، رأيته عند الشيخ في صغري ثم رأيت اوراقا منه عند بعض الطلبة، و هو يعرف الأدب بانه ثمرة من ثمار قريحة الانسان و عقله و نفسه.
5 - ((الرسالة الفتحية في الاعمال الجيبية)) و لم نعثر من هذا الكتاب الا على ورقة عند شيخ يناهز عمره المائة سنة، و كان بالورقة ضنينا لانه يتبرك بها – حسب قوله – و لم يسمح بتصويرها الا بعد محاضرة طويلة القيناها عليه فيما ينتظره من الاجر العظيم عند الله تبارك و تعالى اذا سمح بها و ضممناها الى الكتاب".أ. هـ.
مقالاته:
يتعذر استقصاء ما نشره في الصحف المصرية او الجزائرية لقلة المراجع (منها النجاح، الصديق، مجلة الاسلام الازهرية، الثبات، الامة لابي اليقضان).
اما أكثر المقالات فقد نشرها في البصائر لسان حال جمعية العلماء المسلمين ففي سنة 1936 م نشر سلسلة من المقالات حول اثبات هلال ومضان بالطريقتين الشرعية و الفلكية.
وفي سنة 1938 م نشر سلسلة مقالات اختار لها عنوانا هذه الآية الكريمة من قوله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} النحل125.
بين فيها شروط الدعوة إلى الإصلاح، و أن للإصلاح فروعا كثيرة و مسالك متشعبة – و هي مقالات رائعة ماتعة سأنقل لكم مقتطفات منها إن شاء الله -
شخصيته و صفاته:
عرفنا من خلال سردنا لترجمة الشيخ الشرفاوي - رحمه الله - قوة العزيمة و الصمود و الكفاح من اجل طلب العلم و المعرفة منذ صغره، و أفسح المجال مرة ثانية لتلميذه محمد الصالح الصديق – حفظه الله – يحدثنا عن شخصية شيخه فيقول: (( ... كان رحمه الله ثابت العقيدة لا يتذبذب، صادق الإيمان لا يشك، رزين الطبع لا يستخفه طرب، و لا يستفزه غضب، عفيف لا يفتح فمه لهجر، و لا أذنه للغو ... وكانت حياته منذ الطفولة سلسلة متصلة الحلقات من متاعب و مشاق و حرمان
و حتى بعد عودته من مصر إلى الجزائر و استقراره بمسقط رأسه بين أهله و خلانه لم يذق طعم الحياة أو طعم الراحة النفسية، اذ كان أعداء العلم و الإصلاح يكدرون عليه صفو حياته، فعوض ان يقابلوه بالتكريم و التقدير و الاعتزاز و يحاولون أن ينتفعوا بعلمه قابلوه بالجحود و التنكر و بالإعراض و الهجران، و بالمكائد و الدسائس و ما كل ذلك لم يهن عزمه، و لم تلن قناته، و لم يضعف يوما او يتخل عن نضاله الفكري و الإصلاحي و دعوته إلى الكتاب و السنة و لسان خاله يقول:
مناي من الدنيا علوم أبثها ... و انشرها في كل باد و حاضر
دعاء إلى الكتاب و السنة التي ... تناسى رجال ذكرها في المحاضر
يراه من لا يعرفه فيهابه لأول وهلة و يحسبه خشن الطبع مما يوحي به مظهره من المهابة و الجلال، و ينطق به وجهه من التحدي، و لكنه لا يلبث أن يغير رأيه فيه عندما يفاتحه بالحديث فيجده طيب النفس، رقيق المزاح، مرهف الحس، متدفق الشعور، يعجب بالخبر الطريف، و يرتاح للفكاهة المسلية، و يميل إلى النوادر الحلوة، كما يهتز للبطولة، و يطرب للمنظر الجميل، و يرتاع للمشهد البائس
و كان درسه لا يمل بالرغم من مستوى الطلبة العلمي لأنه كلما أحس بفتور يغزو أو يهدد حلقة الدرس استأنس بنادرة من نوادر الظرفاء، أو طرفة من طرف النبلاء، فتنشط العقول و تنتعش النفوس، فتعود إلى مواكبة الدرس بعزيمة و عناية، و قد لاحظ فيه هذا الطبع حتى حساده و الذين عجزوا عن ملاحقته فذكروه و سجلوه، يضاف إلى ذلك كله ذوقه في ميدان التقى و الورع، فهو يواظب على تلاوة القرآن الكريم بقلب خاشع و نفس متهدلة، و عقل بصير، و تدمع عيناه إذا مرت به آية في عظمة الله تعالى او في رحمته و عذابه حتى تخضل الدموع ثوبه و كان في شهر رمضان يعني بالقرآن الكريم عناية خاصة و يتوافر توافرا جديا على تدبر معانيه، و استنتاج أسراره و الغوص على جواهره ... و تذكر زوجته أنها إذا طهت طعاما خاصا في مناسبة او في موسم أوصاها أن تكثر منه و تذيق الجيران الفقراء و كان يقول لها ما معناه ومؤداه: " للمسلم عيد يوم الجمعة و للنصراني يوم الأحد و لليهودي يوم السبت، أما عيد الفقير فهو يوم يسرُ فيه."
و إذا أرسلت إليه هدية مما يؤكل أوصى زوجته بأن لا تنس الجيران)).
المصادر و المراجع:
- " الشيخ الرزقي الشرفاوي حياة و آثار، شهادات و مواقف " لمحمد الصالح الصديق - دار الأمة، الطبعة الأولى 1998م [و من هذا الكتاب كانت معظم مادة هذه الترجمة].
- " اعلام من منطقة القبائل " لمحمد الصالح الصديق - ديوان المطبوعات الجامعية طبعة 2007م.
- " الأعلام " خير الدين الزركلي - دار العلم للملايين - بيروت لبنان- الطبعة الخامسة أيار (مايو) 1980 م.
- " الجزائر أرض عقيدة و ثقافة" (باللغة الفرنسية) تأليف الوزير السابق كمال بوشامة – طبع دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع – الجزائر 2007 م.
- مجلة الثقافة الجزائرية - العدد 22 – شهر سبتمبر 1996م.
¥