فقد مضت الأعوام من سنة 1936 إلى سنة 1958، ............
.........................
أما المفاجأة التي ملأت نفس لأخي [يقصد: الأستاذ أحمد راتب النفاخ] بشرًا، وأنارت أساريره بشاشة، والتي هزتني فأيقظت ما مات بالإهمال من أمر المتنبي، فهو ما نقله ابن عساكر عن أبي الحسن الرَّبعِيِّ صاحب أبي الطيب فقال: (الذي أعرفه من نسب المتنبي أنه: أحمد بن الحسين بن مرة بن عبد الجبار الجعفي، وكان مولده بالكوفة سنة ثلاث وثلثمئة، وأرضعته امرأة علوية من آل عبيد الله)
وكانت مفاجأة مذهلة! ومضت أعوام بعد ذلك، وفي سنة 1962، فيما أذكر، تلقيت من أخي الكريم أحمد أوراقًا مصورة من كتاب ابن العديم (558 - 660هـ) (بغية الطلب) من نسخة بخط ابن العديم نفسه، ........
......................
فكانت لي في هذه الورقات مفاجأة أخرى، بل مفاجآت أخرى كثيرة، لأنها تتضمن، قبل كل شيء، توثيق ما جاء في ترجمة ابن عساكر المسطورة على ظهر كتاب، توثيقًا يرفع كل ريبة! قال ابن العديم:
(أخبرني صديقنا أبو الدر ياقوت بن عبد الله الرومي، مولى الحموي البغدادي قال: رأيت ديوان المتنبي بخط أبي الحسن علي بن عيسى الربعي، قال في أوله: الذي أعرفه عن أبي الطيب أنه: أحمد بن الحسين بن مرة بن عبد الجبار الجعفي، وكان يكتم نسبه، وسألته عن سبب طيه فقال ..... وهذا الذي صح عندي من نسبه، قال: واجتزت أنا وأبو الحسن محمد بن عبيد الله السلامي الشاعر، على الجسر ببغداد، وعله من جملة السُّؤَّال رجل مكفوف. فقال لي السلامي: هذا المكفوف أخو المتنبي! فدنوت منه فسألته عن ذلك فصدقه، وانتسب هذا النسب وقال: (ومن هنا انقطع نسبُنا) وكان مولده بالكوفة سنة ثلاثٍ وثلاثمئة، وأرضعته امراة (علوية) من آل عبيد الله)
وإذن فالفرض الذي افترضته، والذي استثاره خبر لا يعين ظاهر لفظه، إذا انفرد، على هذا الفرض ولا يوجه إليه، وهو قول الأصفهاني: (واختلف [يعني أبا الطيب] إلى كتاب فيه أولاد أشراف الكوفة، =لم يكن جُزافًا محضًا .........
..........................
أما هذا النص المفاجئ، فهو صريح الدلالة على عمق علائق أبي الطيب بالعلويين منذ كان رضيعًا بين حرائر نسائهم اللواتي أرضعنهن أو أرضعته إحداهن، إلى أن نشأ وتعلم في كتاب فيه أولاد العلويين الأشراف، إلى أن صار فتًى في الخامسة عشرة، يمدح علويًّا، من آل عبيد الله أيضًا، كما رأيت. هذا النص هو الذي نصر فرضي نصرًا مؤزَّرًا، وألحقه بالحقيقة المقررة، كما توقع الأستاذ فؤاد صروف في مقدمته.
وإذن، فالمتنبي، الذي ولد بالكوفة، دار العلويين، واختلف إلى كتاب فيه أولاد أشرافها العلويين =إلا يكن (علوي) النسب من أنفسهم صَليبة، فهو (علوي)، رَضاعًا، أي هو أخوهم من الرضاع، والرضاع لحمة كلحمة النسب، ولذلك حرم الله به ما يحرم النسب.
..............................
وهذه كلها أدلة متظاهرة جاءت من وراء الغيب، لكي تدلني على أن منهجي في (التذوق) يفضي إلى كشف الحجب عما طمره غبار السنين، وما يستره تكذُّبُ الرواة ذوي الأهواء =وأني كنت، بتوفيق الله، مصيبًا في فرضي (علوية) أبي الطيب، مستهديًا بهذا التذوق ................. ))) اهـ. [المتنبي: 51 - 59]
وأما قولك: (أي الشعور الحدسي)، فيدل على أنك -أيضًا- لا تعلم شيئًا عما يقصده الشيخ رحمه الله بـ (التذوق).
ولتعلم ما يقصده الشيخ رحمه الله بـ (التذوق)، فاقرأ مقالات الشيخ: (المتنبي ليتني ما عرفته)، في (جمهرة مقالاته: 1093 - 1189)، واقرأ كذلك (مراجعات في أصول الدرس البلاغي) للشيخ محمد محمد أبي موسى.
ـ[سعد بن ثقل العجمي]ــــــــ[08 - 09 - 08, 04:21 م]ـ
أحسن الله إليك أبافهر السكندري
وقد وافقت كنيتك كنية من دافعت عن منهجه الأدبي غير غال ولا جاف
كتاب المتنبي , كان قد نصحني بقراءته شيخي حاكم المطيري
فلما قرأته أحسست أنني وقعت على كنز
فما تركت صديقاً إلا وذكرت له الكتاب وعجائبه ودعوته لقراءته
وكل الشكر لصاحب الموضوع الأخ خزانة الأدب فقد اجتهد وليس كل مجتهد مصيب
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[08 - 09 - 08, 05:12 م]ـ
ظنك أيها الأخ الكريم في غير محله!! فقد قرأت كتاب المتنبي مراراً، وراجعته مئات المرات!
ومن غير الإنصاف أن تركِّز على تاريخ مقدمات الطبعة الثانية وتتجاهل أن متن الكتاب منشور في يناير 1936!!
¥