تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولعل ما يهمنا ذكره من أئمة الرسيين الزيدية (المنصور! عبدالله بن حمزة) إمام الزيدية من عام 596 - 614هـ " 1199 - 1217م تقريباً"، وهو بهذا التاريخ مزامن للشريف قتادة الذي حكم مكة من عام 597 - 617هـ" 1200 - 1220م تقريباً"، وقد قضى هذا الإمام الشيعي الزيدي فترة حكمه في صراع مع الأيوبيين لتثبيت الدعوة الزيدية في اليمن، وهو أول من فرض الضرائب من الأئمة الزيدية، واضطهد وقتل العدد الكبير من مخالفيه من أتباع فرقة المطرفية وكفرهم واستباح حرماتهم، وجعل حكمهم حكم الكفار المحاربين، وقد ذكر ذلك في كتاب صغير كتبه إجابة على عدة مسائل من بينها مسألة المطرفية وانتهاك حرماتهم وسبيهم لأن أكثرهم عوام لا يعرفون إلا جملة الإسلام، وأجاب بأنهم كفار طبايعية.

وقد جرت بينه وبين أبي القبائل من فقهاء الشافعية في ذي جبلة مراسلات طويلة، حتى أن أبا القبائل ألف كتاب الخارقة في مجلد يفند فيه آراء هذا الإمام الشيعي الزيدي. [2]

وينقل سنوك رأياً متحيزاً لأحد المؤرخين اليمنيين يفسر سبب رفض الشريف قتادة الذهاب إلى بغداد لملاقاة الخليفة الناصر العباسي، بزعم اهتمامه بالعائلة الزيدية بزعامة المنصور عبدالله بن حمزة في اليمن، وبدعوى المعاضدة للأسرة الحاكمة في اليمن، لكن سنوك يفند هذا الرأي بقوله:" يبالغ الكتاب اليمنيون في بعض الأحيان بأهمية تاريخ بلادهم السياسي على المسرح الخارجي. لدي مخطوطة عن تاريخ اليمن في القرن العاشر الهجري تحتوي على ملحق من اثنتين من العديد من رسائل الإمام المؤيد: إحداهما أرسلها إلى الشاه الفارسي عباس، والثانية أرسلها إلى الأشراف في مكة. وفي كلتي الرسالتين يطلب الإمام مساعدته ضد الأتراك. ويستطيع المرء أن يتصور أنه لم يقم أحد من هؤلاء بمد يد العون للإمام".بل وينقل سنوك وصية سجلها الفاسي ومن تلاه من مؤرخي مكة للشريف قتادة يوصي بني عمه الأشراف في محنته مع الخليفة العباسي وخشيته من معاقبته له على رفض القدوم عليه؛ بالتزام مكة قائلاً: " يا بني الزهراء عزكم إلى آخر الدهر مجاورة هذه البنية {الكعبة} والاجتماع في بطحائها، واعتمدوا بعد اليوم، أن تعاملوا هؤلاء القوم بالشر يوهنوكم من طريق الدنيا والآخرة، ولا يرغبوكم {أو يروعوكم، أو يرعبوكم} بالأموال والعَدد والعُدد، فإن الله قد عصم أرضكم بانقطاعها، وإنها لا تبلغ إلا بشق الأنفس"، ويعتبرها سنوك تفسر حقيقة موقف الشريف قتادة، وأنه لم يفكر في دعم أو التعاطف مع الإمام الشيعي الزيدي، بل يفكر في مصالحه هو وبني عمه في مكة فقط. [3]

كما أن المصادر التاريخية المكية لم تشر لهذا الإمام الشيعي الزيدي بصلة تستحق الذكر بمكة وأمرائها إطلاقاً. وبذلك تنصرم الأقوال والمزاعم لبعض مؤرخي الزيدية في علاقة الشريف قتادة بالإمام الشيعي الزيدي عبدالله بن حمزة، التي لا تقوم على دليل قاطع، ولا تعدو كونها تخرصات وأوهاماً لا تصمد أمام النقد العلمي.

و ما تردده كتب مؤرخي الزيدية مشكوك فيه وقائم على المبالغة والتضخيم لأدوار أئمة المذهب الزيدي، كعبد الله بن حمزة، وأنه إمام للشريف قتادة وبايعه الشريف على ذلك، ولكني أتساءل لماذا لم يكن الشريف قتادة هو إمام لعبد الله بن حمزة، خاصة وأن الأخير أصغر سنا في فترة تزامنهما في الحكم، وكليهما شريف حسني، ومكة أفضل وأولى بالقيادة والإمامة من صعدة أو صنعاء ... أليس كذلك؟!

ولكن لا غرابة في ذلك؛ فمن المعلوم بداهة والمسلم به لدى المؤرخين عامة ومؤرخي الفرق خاصة أن: (كل أقلية مذهبية أو دينية) تستميت في تضخيم دورها خشية الذوبان والزوال!

وقد تطابقت أيضاً أقوال المؤرخين مع قول التجيبي (الرحالة المغربي القاسم بن يوسف السبتي التجيبي المتوفى عام 730هـ) في رحلته المسماة: (مستفاد الرحلة والاغتراب) عند تحدثهم عن حاجة مكة وأمرائها للدعم الاقتصادي خلال حوادث سنة696هـ"1296م تقريبا". وقد أشار الفاسي إلى هذه الناحية بقوله: إن الدافع لأبي نمي، في الدعاء لصاحب اليمن على منابر المسجد الحرام عِظم صلته، وهو أمر لا يقدم عليه أمير لمكة المكرمة إلا بعد معرفة عميقة بمدى الفائدة العائدة عليه من ذلك. وهو أمر ليس بجديد في علاقاتهم مع الدول المجاورة لهم وخصوصاً أن مكة المكرمة عانت من تنافس الدولتين العباسية والفاطمية في بسط نفوذهما على الحجاز لصبغ حكمها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير