تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بطل عاقل يخلفني في قيادتكم [6] ( http://www.alukah.net/articles/1/4776.aspx#_ftn6).

2- الخطبة بين الشك واليقين:

لقد شكَّ بعض المؤرخينَ في صحَّة هذه الخطبة ونسبتها إلى طارق بن زياد - رحمه الله، ويبدو أنَّ هذا الشَّكَّ جاء أولاً من بعض المستشرقين [7] ( http://www.alukah.net/articles/1/4776.aspx#_ftn7) الذين يشك في نياتِهم؛ لأن "الاستشراق" و"الاستخراب" و"التنصير" ثلاثة أسماء لشيء واحد، ثم حذا حذوهم بعض الأمازيغ المعاصرين وبعض المؤرخين العرب، فشكوا هم بدورهم في نسبة الخطبة، ومن هؤلاء: الدكتور أحمد هيكل في كتابه الأدب الأندلسي من الفتح إلى سقوط الخلافة، والأستاذ محمد عبدالله عنان في كتابه دولة الإسلام في الأندلس من الفتح إلى بداية عهد الناصر.

أ- الشك في الخطبة من حيث اللغة:

وقد شكَّ بعض المؤرخين المحدثين في نسبة هذه الخطبة إلى طارق، على اعتبار أنَّها قطعة أدبيَّة فريدة لا يقدر طارق على صياغتها، كما لا يقدر جنوده على فهمها لأنهم جَميعًا - القائد وجنوده - من البربر، على أن هذا التعليل وإن كان يبدو منطقيََّا ومعقولاً، إلاَّ أنَّه لا يمنع من أنَّ طارقًا قد خطب جنده على عادة القواد الفاتحين في مختلف العصور، وإن كنَّا نعتقد في هذه الحالة أنَّ الخطبة لم تكن باللغة العربية، وإنَّما كانت باللسان البربري كما يُسميه المؤرخون القدامى. ثم جاء الكتاب العرب بعد ذلك، فنقلوها إلى العربية في شيء كثير من الخيال والإضافة والتغيير على عادتهم. ومن هذا نرى أنَّه ليس بعيدًا بالمرة أن يكون طارق قد خطب جنوده البربر بلسانهم، إذ إنه من غير المعقول أن يخاطبوا في ساعات الوغى وفي مقام الجد بلغة لم يتعلَّموها أو يفهموها، فكان استعمال اللسان البربري في هذا الموقف ضرورة لإحراز التأثير المطلوب والفائدة العاجلة [8] ( http://www.alukah.net/articles/1/4776.aspx#_ftn8).

ب- الشك في الخطبة أصلاً:

ويُمَثل هذا الاتّجاه المُؤَرخ عبدالله عنان بقوله: "إنَّه يسوغ لنا أن نرتاب في نسبة هذه الخطبة إلى طارق، فإنَّ معظم المؤرخين ولا سيما المُتقدمين منهم لا يشير إليها، ولم يذكرها ابن عبدالحكم ولا البلاذري، وهما أقدم رواة الفتوحات الإسلاميَّة، ولم تُشِر إليها المصادر الأندلسية الأولى، ولم يشر إليها ابن الأثير وابن خلدون، ونقلها المقري عن مؤرخ لم يذكر اسمه، وهي على العموم أكثر ظهورًا في كتب المؤرخين والأدباء المُتَأخرين، وليس بعيدًا أن يكون طارق قد خطب جنده قبل الموقعة، فنحن نعرف أن كثيرًا من قادة الغزوات الإسلامية الأولى كانوا يخطبون جندهم في الميدان؛ ولكن في لغة هذه الخطبة وروعة أسلوبها وعبارتها ما يحمل على الشك في نسبتها إلى طارق، وهو بربري لم يكن عريقًا في الإسلام والعروبة، والظاهر أنها من إنشاء بعض المتأخرين، صاغها على لسان طارق مع مراعاة ظروف الزمان والمكان [9] ( http://www.alukah.net/articles/1/4776.aspx#_ftn9).

ج- إثبات صحة الخطبة لطارق:

ويمثل هذا الموقف العلامة المغربي عبدالله كنون الذي ذهب مذهبًا آخر، مؤكّدًا أنَّ هذه الخطبة صحيحة، وربط هذا بسرعة انتشار العربيَّة والإسلام في المغرب في آن، يقول - رحمه الله -: "أثرت فيه تأثيرها البليغ المشهود في اندفاعه إلى حومة الوغى، وتهافته على الموت بإيمان وحماس، فكيف يفسر هذا بغير سرعة انتشار العربيَّة، كالسرعة التي انتشر بها الإسلام؟ " [10] ( http://www.alukah.net/articles/1/4776.aspx#_ftn10)، بل أكثر من هذا؛ أوْرَد أدلة أخرى تعاضد موقفه هذا:

أ- الدَّليل الأول: طارق بن زياد إن كان أصله بربريًّا فقد نشأ في حجر العروبة والإسلام بالمشرق، ولم يكن هو الذي أسلم أولاً بل والده، بدليل اسمه زياد فإنَّه ليس من أسماء البربر، ولا شكَّ أنَّه كان من مسلمي الفتح المغربي الأوَّل، وأنَّه انتقل إلى المشرق حيث تولاه موسى بن نصير، ونشأ ولده في هذا الوسط العربي الذي كونه وثقفه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير