تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- رواية المؤرخ والجغرافي السبتي الإدريسي: المُتَوفَّى 562 هجرية الذي وضع أوَّل خريطة رسم فيها العالم: "وإنَّما سُمّي بجبل طارق لأن طارق بن عبدالله بن ونمو الزناتي لَمَّا جاز بمن معه من البربر وتَحَصَّنوا بهذا الجبل، أحسَّ في نفسه أنَّ العرب لا تثق به، فأراد أن يزيحَ ذلك عنه، فأمر بإحراق المراكب التي جاز بها فتَبَرَّأَ بذلك عمَّا اتهم به) [15] ( http://www.alukah.net/articles/1/4776.aspx#_ftn15)".

- رواية الحميري: "وإنَّما سُمّي بجبل طارق؛ لأنَّ طارق بن عبدالله لما جاز بالبربر الذين معه، تحصن بهذا الجبل، وقدر أنَّ العرب لا ينزلونه، فأراد أن ينفيَ عن نفسه التُّهمة فأمر بإحراق المراكب التي جاز فيها، فتبرأ بذلك مما اتّهم به) [16] ( http://www.alukah.net/articles/1/4776.aspx#_ftn16).

- أدلة الشَّاكين والنَّافين لقصة إحراق السفن:

لقد وقفت عند ردود عديدة لكن أشدها إقناعًا ما سطره - أحد الباحثين - بقوله: الحقُّ أنَّ هذه الرِّواية لا يجب أبدًا أن تستقيم، وهي من الرِّوايات الباطلة التي أدخلت إدخالاً على تاريخ المسلمين، وذلك للأسباب الآتية:

أولاً: أنَّ هذه الرِّواية ليس لها سند صحيح في التاريخ الإسلامي؛ لأن عندنا علم الرجال وعلم الجرح والتعديل، ولابدَّ أن تكونَ الرِّواية منقولة عن طريق أناس موثوق فيهم، فهذه الرواية لم ترِدْ أبدًا في روايات المسلمين الموثوق في تأريخها، إنَّما جاءت فقط في الرِّوايات الأوروبيّة.

ثانيًا: أنَّه لو حدَث فعلاً حرقٌ لِهذه السّفن كان لا بدَّ أن يَحدثَ رد فعل من موسى بن نصير أو الوليد بن عبدالملك سؤالاً عن هذه الواقعة؛ فلا بدَّ أن يكون هناك حوار بين موسى بن نصير وبين طارق بن زياد حول هذه القضية. ولا بدَّ أن يكون هناك تعليق من الوليد بن عبدالملك، ولا بدَّ أن يكون هناك تعليق من علماء المسلمين: هل يجوز هذا الفعل أم لا يجوز؟ ولذلك فإنَّ الكتب اختفى منها ردّ الفعل تَمامًا ممَّا يعطي شكًّا كبيرًا في حدوثها.

ثالثًا: أنَّ المصادر الأوروبيَّة قد أشاعتْ هذا الأمر؛ لأنَّ الأوروبيين لا يستطيعون تفسير كيف انتصر 12 ألف منَ الرجال الرجّالة على 100 ألف فارس في بلادهم وعقر دارهم وفي أرض عرفوها، وهم من الخيالية. فقالوا: إنَّ طارق بن زياد حرق سفنه ليجبر الجنود على القتال فانتصروا؛ لأنَّ الأوروبيين لا يستطيعون فهم القاعدة القرآنية: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 249]؛ بل إنَّ الأصل المُتَكرر في معظم المعارك الإسلاميّة أن يكون المسلمون قلَّة، وأن يكون الكافرون كثرة وأن ينتصر المسلمون بهذا العدد القليل؛ بل إنَّه منَ العَجَب العُجاب أنَّه لو زادَ أعداد المسلمين انهزموا كما حدث في حنين: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} [التوبة: 25].

رابعًا: أنَّ المسلمين لا يحتاجون إلى تحميس بحرق السفن، فقد جاؤوا إلى هذه الأماكن راغبين في الجهاد في سبيل الله طالبين الموت في سبيل الله، فلا حاجة للقائد أن يحمس المسلمين بحرق السفن.

خامسًا: ليس منَ المعقول أنَّ قائدًا مُحَنَّكًا مثل طارق بن زياد - رحمه الله - يحرق سفنه ويحرق خط الرجعة عليه، ماذا لو انهزم المسلمون في معركة منَ المعارك، يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال: 15، 16].

أي إنَّ هناك احتمال أن ينسحبَ المسلمون من ميدان المعركة؛ إمَّا تحيزًا إلى فئة وفئة المسلمين كانت في المغرب في الشمال الإفريقي، فكيف يقطع طارق بن زياد على نفسه طريق الانحياز إلى فئة المسلمين أو يقطع على نفسه التَّحَرُّف إلى قتال جديد والاستعداد إلى قتال جديد.

فإنَّ مسألة الحرق هذه فيها تَجاوز شرعي كبير لا يقدم عليه رجل في ورع وتقوى وعلم وجهاد طارق بن زياد - رحمه الله، وما كان علماء المسلمين وحُكَّامهم ليسكتوا على هذا الفعل إن حدث.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير