الثاني: ذكرت أن هذه الأحاديث الثلاثة مرتبط حكمها بالعلة الواردة فيها وهي مخالفة أهل الكتاب، وبذلك تعود المسألة إلى حكم مخالفة أهل الكتاب.
الثالث: ذكرت أن الصحابة -رضي الله عنهم- اختلفوا في حكم اللحية.
وكذلك التابعين -رضي الله عنهم- اختلفوا في حكم اللحية.
الرابع: منهجك مما قررته وحررته عدم اعتبار «حجية الإجماع»، وكذلك «مذهب الصحابي» سواء انفرد أو خالف، أو اجتمع الصحابة على شيء.
وإليك بيان حقيقة ما حررته وأنه خلاف الواقع مما صحَّ وثبتَ:
أما الأول: وهو دعواك أن الصحيح في حكم اللحية هو ثلاثة أحاديث:
وهي حديث أبي هريرة، وحديث ابن عمر، وحديث أبي أمامة، وما زعمته ليس بصحيح، وإنما الصحيح من الأحاديث في حكم اللحية هو الآتي:
1 - حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
2 - حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.
3 - حديث جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما-.
فجعلت حديث أبي أمامة -رضي الله عنه- -وهو حديث ضعيف- من الأحاديث الثلاثة الصحيحة وتركت حديث جابر -رضي الله عنه- الصحيح، لكونه لم يتوافق مع الحديثين السابقين ولكون حديث أبي أمامة متضمن أمرين:
الأمر الأول: أنه موافق للحديثين السابقين -حديث أبي هريرة، وابن عمر- في العلة، وهي مخالفة أهل الكتاب.
والأمر الثاني: أنه زاد ذكر بعض السنن التي فيها مخالفة أهل الكتاب إضافة للحية، مما يُفهم منه حكم اللحية أنها سنة، وليست واجبة لذكرها مع غيرها من السنن ().
قلت: وأما حديث جابر -رضي الله عنه- وقد صححته في كتابك -فتركته ولم تذكره مع الأحاديث الثلاثة، وإنما ذكرته في الآثار عن الصحابة، فاستبعدته من الأحاديث وجعلته في الآثار!!!
وذلك التصرف منك لكون الحديث تضمن أموراً:
أولها: أنه لم يشترك مع الأحاديث التي ذكرتها في العلة -وهي مخالفة أهل الكتاب- فبهذا سيختلف الحكم، وستبطل دعواك التي أقمت الكتاب كله عليها -وهي مخالفة أهل الكتاب-.
وثانيها: أن هذا الحديث يتضمن حكم الإعفاء صراحة، وأنه واجب لا كما زعمت من أنه مربوط بعلة المخالفة لأهل الكتاب.
وثالثها: أن هذا الحديث أثبت الإعفاء حكماً شاملاً النبي صلى الله عليه وسلم، وجميع الصحابة أنهم لا يأخذون من اللحية إلا في الحج أو العمرة فقط.
فلهذه الأمور الثلاثة التي تنقض الحكم الذي رأيته استبعدت الحديث فجعلته موقوفاً -في الآثار- لا مرفوعاً -في الأحاديث-.
أقول: وهذا خلاف الحقيقة العلمية، وخيانة للأمانة العلمية التي تحملها.
الثاني: ذكرت أن هذه الأحاديث الثلاثة التي صححتها في حكم اللحية مرتبط حكمها بالعلة الواردة فيها، وهي مخالفة أهل الكتاب.
أقول: هذا الحكم -وهو ارتباط علة الأحاديث بالمخالفة- منتقض بحديث جابر المتقدم والذي لم تذكره في الأحاديث التي استدللت بها.
الثالث: منهجك مما قررته وحررته:
1 - عدم اعتبار «الإجماع» حجة في الدين.
2 - عدم اعتبار «مذهب الصحابي» حجة في الدين، سواء انفرد أو خالف، أو اتفق مع غيره من الصحابة.
قلت: وهذا المنهج الذي اعتمدته في كتابك هو منهج المبتدعة أهل الأهواء من المعتزلة وغيرهم.
فلم ينكر «حجية الإجماع» و «مذاهب الصحابة» إلا مبتدع، خلافاً لمنهج أهل السنة والحديث الذين اعتمدوا الإجماع حجة بعد الكتاب والسنة، ومنه مذاهب الصحابة.
كتاب «اللحية»
هذا الكتاب قرأته، وإليك ما فيه:
قرأت الكتاب من أوله لآخره -المرة الأولى- وأنا أقرأ وأقيّد، ففوجئت بأن المنهج العام للكتاب ليس على مناهج أهل السنة والحديث، ولا على منهج أهل الرأي ()، وذلك في الأمرين التاليين:
1 - الخلل في التأصيل:
أ- النص على ترك الاحتجاج بمذاهب الصحابة -رضوان الله عليهم- وكذا من بعدهم وحتى الأئمة الأربعة -رحمة الله عليهم- ...
2 - الخلل في المسائل العلمية والتناقضات الظاهرية:
أ- تناقضات ظاهرة في الكتاب سواء في التقعيد والتأصيل أو في التطبيق والتمثيل.
ب- الأخطاء العلمية المتنوعة في الكتاب.
هذا ما لاحظته في القراءة الأولية للكتاب.
ولا أخفيك أنني صُدِمت بذلك لمعرفتي الشخصية بك وعدم معرفتي بهذه الأصول لديك.
فرجعت للقراءة للكتاب مرة ثانية، فوجدت العجب الذي لم أكن أتصوره يصدر منك، وهو أمر عظيم ليس بأقلَّ خطورة مما ظهر في القراءة الأولى.
وذلك متمثل في التالي:
¥