أما قضية التزوير هنا هي أنك أوردت أثر الحسن -رحمه الله- عقب أثر عطاء الصحيح -مع أنه مخالف له- لكي يثبّت هذا الأثر بموضوع التقوية، دون أن ينتبه القارئ للأمرين السابق ذكرهما. ومن ثم تأتي في خلاصتك -التي تعقدها نهاية كل فصل- فتحيل على ما هنا.
3 - جعلك حديث أبي أمامة حاكماً على الأحاديث الثلاثة:
حديث أبي أمامة -رضي الله عنه- حكمت عليه بأن إسناده حسن، وهو أحد الأحاديث الثلاثة- التي أثبت أنها المدار في حكم اللحية-. مع حديث ابن عمر وأبي هريرة -رضي الله عنهما-.
وحديث ابن عمر في الصحيحين، وحديث أبي هريرة أخرجه مسلم وغيره.
قلت: حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- وحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- صحيحان مشهوران رواهما كثرة كاثرة من الرواة والمصنفين بينما حديث أبي أمامة -رضي الله عنه- وقد حسَّنَت إسناده -هو حديث غريب لم يروه عن أبي أمامة غير القاسم ولا عن القاسم غير ابن زبر ولا عن ابن زبر غير زيد بن يحيى-.
إلا أنك لماَّ رأيت أن حديثي ابن عمر وأبي هريرة لم يذكرا سوى «اللحية» بينما حديث أبي أمامة ذكر «اللحية» وذكر معها بعض السنن المستحبة جعلت حديث أبي أمامة مفسراً لهما وحاكماً عليهما. للهدف الذي تريده وهو أن «اللحية» هي سنة من السنن- أي إعفاءها- كالسنن التي ذكرت معها في حديث أبي أمامة. مما يجعلك تحكم على صيغ الأوامر التي في حديثي ابن عمر وأبي هريرة أنها أوامر للندب وليست للوجوب!!!
قلت: وأيضاً فإن من المفترض أن تجعل بدل حديث أبي أمامة -الضعيف- حديث جابر الصحيح، والذي مقتضاه أن يجعل الأوامر التي في حديثي ابن عمر وأبي هريرة للوجوب لا للندب.
ب- الأخطاء العلمية في الكتاب:
وقع في الكتاب أخطاء علمية في مواضع غير قليلة منه، ومن أمثله ذلك:
أ- تصحيحك لأثر أبي هريرة -رضي الله عنه-.
هذا الحديث في حقيقته لا يقبل التصحيح بحسب القواعد العلمية في التصحيح والتضعيف ...
لكن أثبت صحته ...
وقبل بيان ضعف هذا الأثر، أنقل إليك ما قررته في تصحيح هذا الأثر:
قلت: عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير قال: كان أبو هريرة يقبض على لحيته ثم يأخذ ما فضل عن القبضة.
قال: إسناده صحيح.
أخرجه ابن أبي شيبة عن وكيع عن شعبة عن عمرو بن أيوب من ولد جرير عن أبي زرعة به.
ثم ذكرت تخريج الخلال له في «الترجل» من طريق شعبة.
ثم قلت: وإسناده صحيح، رجاله مشهورون بالثقة، سوى عمرو بن أيوب، ووقع عند الخلال «عمر» وهكذا ترجم له ابن أبي حاتم ونقل عن أبيه قوله: «شيخ كوفي»، وذكره ابن حبان في الثقات، ولم يُجرح، والوجه أنه ثقة لأنه قد تواتر أن شعبة بن الحجاج لا يروي إلا عن ثقة عنده فروايته عنه توثيق منه له.
ثم ذكرت إسناداً آخر لهذا الأثر بلفظ مغاير للفظ السابق.
وقلتَ: وإسناده ضعيف لجهالة الشيخ المدني، ولين أبي هلال كما تقدم ذكره في الكلام على رواية جابر (133 - 134).
قلت: والوقفات هنا حيال ما ذكرت كالتالي:
أولاً: تصحيحك للإسناد، وفيه عمرو بن أيوب. فوثقته، وهذا خلل في الحكم، لأمور:
1 - عمرو بن أيوب لم يذكر له راوياً غير واحد، وهو شعبة بن الحجاج، فيكون هذا الراوي مجهولاً جهالة عين.
2 - رواية شعبة عنه ترفعه من الجهالة العينية إلى أن يكون في المرتبة التي تلي مرتبة الجهالة، وهي أدنى مراتب التعديل. ولهذا حكم عليه أبو حاتم بأنه «شيخ»، وهذه اللفظة وضعها ابن أبي حاتم في المرتبة الثالثة من مراتب التعديل الأربع. (الجرح والتعديل 2/ 37).
فحقه أن ينظر في حديثه فإن وافق الثقات قُبل وإلا رُدَّ. وتبع ابن أبي حاتم على هذا ابن الصلاح (308 - 310 - )، وأما الذهبي (الميزان 1/ 4)، فجعلها في أدنى مراتب التعديل وهي المرتبة الرابعة، وتبعه، العراقي (شرح التبصرة 2/ 2 - 12)، وكذا السخاوي جعلها في أدنى مراتب التعديل الست (فتح المغيث 2/ 109 - 116)، وقال: وضابط هذه المرتبة: كل ما أشعر بالقرب من أسهل التجريح. أ هـ.
قلت: فهل بعد هذا يجعل هذا الراوي (ثقة)!!!
3 - هذا الرواي مما يؤكد أحقية وضعه في المرتبة السابق ذكرها عدة أمور:
أولاً: هذا الراوي لم يذكره أحد بجرح ولا تعديل -سوى ما تقدم- مما يدل على عدم شهرته بالعلم والرواية.
ثانياً: لم يذكره البخاري في تاريخه مع ذكره لأمثاله.
ثالثاً: لم يذكره أحد ممن صنّف في الرواة.
رابعاً: تفرد بذكره ابن حبان في كتابه «الثقات»، وشرطه معروف فيه.
¥