الضابط الأول: دليله أن الأصل منع مثل هذا الحديث بين الرجل والمرأة, مما يوقع في الافتتان والعشق والغرام, ويفضي إلى الحرام, فلا يجوز إذا إلا إذا انتقلنا عن هذا الأصل بالتحقق من العزم الصادق على الزواج, ولأننا اشترطنا ذلك في النظر, فنشترطه هنا لأن ما هنا أجزناه من باب القياس على النظر.
الضابط الثاني: لأن الأصل منع هذا الحديث كما تقدم في الضابط الأول, فلا ينتقل عن هذا الأصل إلا من تحقق من مناسبة هذه المخطوبة له, وإن لم نشترط هذا الضابط أفضى ذلك لكون الحديث مع المخطوبة هو الأصل, ولا يخفى ما في ذلك من مفسدة وفتنة.
الضابط الثالث: لأن عدم هذا الضابط يفضي لأن يتحدث معها من لا يصلح لها أصلا, وهذا لا يسوغ له الحديث معها, ويفضي لأن يتحدث معها من يقل أدبه ويتحدث في الغرام وغيره مما لا يجوز مع الأجنبية.
الضابط الرابع: لأن الحديث في مصلحة الزواج هو الذي تدعو إليه الحاجة التي نقلتنا من الحظر للإباحة, وما سوى موضع الحاجة يبقى على الأصل, ولأن فيه مفسدة الافتتان.
الضابط الخامس: وهو واضح لأنه من الفساد ومقدمات الزنا.
الضابط السادس: لأن الحاجة هي علة الإباحة, إذا زالت زالت الإباحة.
الضابط السابع: حتى يتحقق من توفر الضوابط, ولكي يضبط العملية ويحدها بوقت وتكون تحت نظره وإشرافه درءا للمفاسد.
هذه هي أهم الضوابط, فإذا تخلف شيء منها حرم التحدث, فليتق الله الخاطبين وأولياء الأمور فإن هذا الحديث كم تسبب في فساد عريض, ومن عرف أحوال الناس وعايش من له تجربة في مثل هذا فزع منه, ولذا يمنع كثير من الأولياء هذه المحادثات, بل أن ذلك هو القول الثاني في المسألة.
القول الثاني:
جاء في فتوى للشيخ ابن عثيمين: " لا يجوز له أن يتصل بها هاتفيا لأن ذلك فتنة يزينها الشيطان في قلب الخاطب والمخطوبة " والقول بسد هذا الباب له وجه, والله أعلم الصواب في ذلك, لكن لو قيل بالجواز فهو مقيد بالضوابط السابقة لا بدونها, والله أعلم.
قال الشيخ عمرو تحت عنوان (منكرات تقع في فترة الخطوبة): " ... ومن ذلك أيضا: الكلام بين المخطوبين لغير داع, لا سيما عبر الهاتف, فإنه غالبا ما يكون فيما لا يحل الكلام فيه من العشق والحب ونحوه, وقد ترقق المرأة صوتها بحيث يشتهيها الرجل, ولربما زاد الأمر عن هذا الحد, ولذلك فد قال الله تعالى وهو أحسن القائلين: ((فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا)) ولم يأذن النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة في التسبيح في الصلاة إذا نابها شيء, لأن قد يكون في صوتها فتنة, فهذا من باب سد الذرائع, وإنما أباح لها التصفيق للتنبيه ... ".
انتهى النقل