تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قوله " ولا القيام لهم " أي: إذا أقبلوا فلا تقم لهم؛ لأن ذلك إكرام لهم، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه))، فإن القيام لهم ينافي ذلك تمام المنافاة؛ لأنه إكرام لهم، وعُلِمَ من قول المؤلف: " ولا القيام لهم " أنه يجوز القيام للمسلمين، فإذا دخَل إنسان ذو شرف وجاه فإنه لا بأس بالقيام له، لكن هو نفسه لا يحب ولا يتمنى أن يقوم الناس له، إنما إذا قاموا له فإنه لا حرج عليهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم: ((يكره أن يُقام له)) فتركه الصحابة استجابة لرغبة النبي صلى الله عليه وسلم، لكنه لا بأس أن يقوم الإنسان لذي الشرف والجاه إكراماً لهم.

وليعلم أن القيام ينقسم إلى ثلاثة أقسام: قيام للشخص، وقيام عليه، وقيام إليه.

فالقيام له: أي: أنه إذا دخل قمت إجلالاً وإكراماً له، ثم إن شئت فقل: اجلس في مكاني وإن شئت جلست.

والقيام إليه: أن يتقدم الإنسان إلى القادم ويخطو خطوات وهذا جائز قال النبي صلى الله عليه وسلم لما أقبل سعد بن معاذ رضي الله عنه للتحكيم: ((قوموا إلى سيدكم)) فأمر بالقيام إليه إكراماً له.

وأما القيام على الشخص: فإنه لا يجوز إلا إذا كان في ذلك إغاظة للمشركين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ((نهى أن نقوم على غيرنا كما تقوم الأعاجم على ملوكها)) بل في الصلاة ((لما صلى جالساً وصلوا خلفه قياماً أمرهم أن يجلسوا))؛ لئلا تظهر صورة المشابهة حتى في الصلاة فإن كان في ذلك إغاظة للمشركين فإنه لا بأس به، بل قد يكون محموداً ومأموراً به كما فعل المغيرة بن شعبة حين قام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقريش تراسله في صلح الحديبية فهذا لا شك أنه محمود؛ ليتبين لهؤلاء الكفار أن المسلمين يعظمون زعماءهم وعظماءهم.

إذاً القيام لأهل الذمة حرام، ولا يجوز ولو كان كبيراً، بأن كان وزيراً، أو كان رئيساً، لكن إذا لم يكن من أهل الذمة وقدم إلى بلد الإسلام فهل يقام له؛ لأنه من ذوي الشرف والجاه في قومه، ولأن ذلك مما جرت به العادة بين الناس ورؤساء الدول أو لا يقام له؟

الجواب: هذا محل نظر، وفرق بين هذه المسألة وبين مسألة أهل الذمة؛ لأن أهل الذمة تحت ولايتنا، ونحن لنا الولاية عليهم فلا يمكن أن نكرمهم بالقيام لهم.

95 - ص (85):

قوله " ولا بداءتهم بالسلام " ...

مسألة: هل يجوز أن نهنئهم، أو نعزيهم، أو نعود مرضاهم أو نشهد جنائزهم؟

الجواب: أما التهنئة: بالأعياد فهذه حرام بلا شك، وربما لا يسلم الإنسان من الكفر؛ لأن تهنئتهم بأعياد الكفر رضا بها، والرضا بالكفر كفر، ومن ذلك تهنئتهم بما يسمى بعيد الكرسمس أو عيد الفُصْح أو ما أشبه ذلك، فهذا لا يجوز إطلاقاً، حتى وإن كانوا يهنئونا بأعيادنا فإننا لا نهنئهم بأعيادهم، والفرق أن تهنئتهم إيانا بأعيادنا تهنئة بحق، وأن تهنئتنا إياهم بأعيادهم تهنئة بباطل، فلا نقول إننا نعاملهم بالمثل إذا هنؤونا بأعيادنا فإننا نهنئهم بأعيادهم للفرق الذي علمتم ...

96 - ص (87):

قوله: " ويمنعون من إحداث كنائس، وبيع، وبناء ما انهدم منها ولو ظلماً "

يمنعون: الضمير يعود على أهل الذمة الذين في بلادنا – فيمنعون من الأمور الآتية:

أولاً: إحداث كنائس. . .

ثانياً: إحداث بيع: يمنعون من إحداثها وهي متعبد اليهود، كما يمنعون من إحداث الكنائس.

فإن قال قائل: إذا كانوا لا يمنعوننا من إحداث المساجد في بلادهم فهل لنا أن نمنعهم من إحداث الكنائس في بلادنا؟.

الجواب: نعم، وليس هذا من باب المكافأة أو المماثلة؛ لأن الكنائس دور الكفر والشرك والمساجد دور الإيمان والإخلاص، فنحن إذا بنينا المسجد في أرض الله فقد بنيناه بحق، فالأرض لله، والمساجد لله، والعبادة التي تقام فيها كلها إخلاص لله، واتباع لرسوله صلى الله عليه وسلم بخلاف الكنائس والبيع.

ومن سفه بعض الناس أنه يقول: لماذا لم نمكنهم من بناء الكنائس في بلادنا كما يمكنونا من بناء المساجد في بلادهم؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير