قوله: " وإن كان كبيض دجاج رجع بكل الثمن " لأن بيض الدجاج لا ينتفع الناس بقشره، بل يرمى في الزبالة، فإذا كسر بيض الدجاج فوجده فاسداً لا يصلح للأكل، فإن المشتري يرجع بكل الثمن، لأنه تبين أن العقد عليه فاسد، إذ من شرط العقد أن يكون على عين ينتفع بها وهذا لا نفع فيه.
وإذا كان بطيخة ((حبحبة)) فلما شقها وجدها فاسدة، فهل يرجع بكل الثمن؟.
الجواب: لا يرجع بكل الثمن؛ لأن هذه البطيخة يمكن أن تكون علفاً للدواب، فيقال له: لك أن تردها، ولكن ترد أرش الشق الذي حصل منك، والفرق بينها وبين البيض: أن البيض لا ينتفع بقشره بخلاف البطيخة.
وفي مسألة بيض الدجاج لو قال البائع: أعطني القشور إذا كنت تقول: إن العقد فاسد فإنه لا يلزمه؛ لأنه لا قيمة لها عادة، وترمى في الزبالة.
111 - ص (343):
قوله: " السابع: خيار لاختلاف المتبايعين " والخلاف بين المتبايعين من قديم الزمان، فيختلفان في الجنس أو في القدر أو في الصفة أو في العين، والاختلافات لا حصر لها.
والعلماء رحمهم الله ذكروا ما يشبه القواعد في هذا الباب، إذ إن جزئيات المسائل لا يمكن الإحاطة بها، وليس كل اختلاف يوجب الخيار، بل الاختلاف الذي دلت السنة على ثبوت الخيار في مثله، ولهذا يقول في الشرح: ((في الجملة)) والفقهاء إذا قالوا في الجملة فالمعنى أكثر الصور، وإذا قالوا (بالجملة) فالمعنى جميع الصور، هذا مصطلح عندهم، والفرق أن ((في)) للظرفية و ((الباء)) للاستيعاب.
112 - ص (359):
قوله: " وإن أبى كل منهما تسليم ما بيده حتى يقبض العوض " هذه أيضاً من مسائل الخلاف بين المتبايعين، فإذا اختلفا أيهما يسلم أولاً، فقال البائع: لا أسلمك حتى تسلمني الثمن، وقال المشتري: لا أسلمك حتى تسلمني المبيع.
قوله: " والثمن عين " أي معين.
قوله: " نصب عدل يقبض منهما ويسلم المبيع ثم الثمن " ((نُصب)) مبني لما لم يسم فاعله والناصب هو الحاكم هو الحاكم الشرعي يعني أن هذين المتبايعين يختصمان إلى الحاكم، ثم ينصب الحاكم رجلاً يستلم منهما ثم يسلم المبيع أولاً ثم الثمن ثانياً.
مثاله: اشترى رجل من آخر ساعة، فقال المشتري أعطني الساعة وأعطيك الثمن، فقال البائع: أعطني الثمن وأعطيك الساعة تنازعا، فنقول: اذهبا إلى الحاكم في المحكمة الشرعية، ثم الحاكم يجب عليه أن ينصب رجلاً عدلاً موثوقاً، فيأخذ الساعة من البائع، ويأخذ الثمن من المشتري ثم يسلم الساعة للمشتري، ويسلم الثمن للبائع، هذا هو الذي مشى عليه المؤلف.
قوله: " وإن كان ديناً حالاً أجبر بائع، ثم مشتر إن كان الثمن في المجلس " الضمير يعود على الثمن؛ لأنه قال في الأول: ((والثمن عين)) فإذا كان ديناً حالاً أجبر بائع، ثم مشتر إن كان الثمن في المجلس.
وقوله: " إذا كان الثمن ديناً " أي: لم يقع العقد على عينه؛ لأن الثمن المعين هو الذي وقع العقد على عينه، والثمن الذي لم يقع العقد على عينه يسمى ديناً، فإذا قلت: بعني هذه الساعة بهذه الدراهم فالثمن معين. وإذا قلت: بعنيها بعشرة، فقال: بعتكها بعشرة، فالثمن هنا دين لأنه غير معين، والدين عند الفقهاء ليس هو الدين الذي يعرفه العامة، فكل ما لم يعين من ثمن فهو دين.
وقوله: " أجبر " مبني لما لم يسم فاعله والمجبر القاضي (الحاكم)، وعلى هذا نقول: إذا أبى كل واحد منهما أن يسلم ما بيده، والثمن غير معين يذهبان إلى الحاكم، فيقول للبائع: سلم المبيع ويقال للمشتري: سلم الثمن، ولا حاجة إلى نصب عدل يقبض منهما، وهذا هو الفرق بين هذه المسألة والمسالة الأولى.
ووجه الفرق بينهما: أن الثمن في الثانية تعلق بذمة المشتري، وأما في الأولى فحق البائع تعلق بعين الثمن؛ لأنه قد عين له، ولهذا قلنا في الأولى: يُنْصَبُ عدل يقبض منهما، ثم يسلم المبيع ثم الثمن، أما هنا فقلنا يجبر البائع.
فإذا قال: كيف تجبرونني؟ انصبوا عدلاً أنا الآن إذا سلمت المبيع أخشى أن يهرب المشتري فلماذا تجبرونني ولا تنصبوا عدلاً يقبض مني ومنه، ثم يسلم المشتري ويسلمني؟
¥