تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فأبِيت بها مسروراً قد سلا عني ما أجد، يعني جميع التعب والنصب يذهب بهذه الحكمة لأنه يحفظ لأمة محمداً- r- دينها، فالذي يستشعر أنه يتعامل مع هذا العلم لكي ينفع أمة محمد- r- ، ولكي يبلغ الرسالة، ويؤدي الأمانة، ويكون منه الخير، يجد ويجتهد.

كذلك - أيضاً - إذا جلس في مجالس العلم يرتب وضعه، طالب العلم المبتدئ له طريقة، وطالب العلم المتوسط وطالب العلم المتمكن كلً منهم له منهج معين وطريقة معينة، طالب العلم المبتدئ يأخذ القول الراجح ودليله، ولا يدخل في التفصيلات ولا الخلافات، ويفهم العبارات بالشرح المختصر، طالب العلم المتوسط يتوسع، ويعتني بالقول المخالف، دليله الجواب عن الدليل، طالب العلم المتمكن يمحص في هذا كله، ويراجع كل هذا، وإذا أشكل عليه شيء يعرضه ويكتب الأسئلة المفيدة، إذا حضر طالب العلم حرص على أنه يسمع أكثر من أنه يتكلم، لأن الله- U - يبارك لطالب العلم متى ما أنصت للعلم، ومفتاح العلم الإنصات له، ولذلك قال بعض الحكماء يوصي ابنه: يا بني إذا جلست في مجالس العلماء، فلتكن حريصا على السكوت منك على الكلام، فيحرص طالب العلم على أن يكون منصتاً مستفيداً.

كذلك - أيضاً - بعد الانتهاء من الجلوس في مجالس العلم، يراجع العلم الذي يقرأه، يختار طالب علم أو طالبين أو ثلاثة بالأكثر يذاكر معهم الدرس الذي يأخذه، فهذا كله خيرً له وبركة، ثم بعد ذلك يستشعر من قرارة قلبه، أن كل آية، وكل حديث، وكل حكم سمعه وعلمه، أنه مسؤول أمام الله عن العمل به وتبليغه للأمة، أن يعلم أنه مسؤول أمام الله، وأن يعلم أن جلوسه في مجالس العلم ليس لعبث ولا لإضاعة الأوقات، تتعلم وتسأل الله أن يبارك لك فتعمل، وتسأل الله أن يبارك فتعلم غيرك، ولا تقل من أنا هناك علماء أصبحوا أئمة وعلماء بعد سنة الخمسين، بعد أن بلغوا خمسين سنة طلبوا العلم ففتح الله- U - عليهم وأصبحوا من الأئمة والعلماء العاملين، والنبوة تأتي النبي نبوته بعد الأربعين، ولا يبعث إلا بعد الأربعين، وهذه سن متأخرة، ولا يقل الإنسان من أنا فلا أبي ولا أخي لا والله، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}، العلم ليس حكراً على قوم، لا على لون، ولا على جنس، ولا على مال، ولا على قبيلة، ولا على جماعة، ولكنه فضل الله يؤتيه من يشاء، فتحرص على ضبط هذا العلم وتعلم أنك مسؤول عنه وعن تبليغه للأمة - نسأل الله العظيم، رب العرش الكريم، أن يجعل ما تعلمناه وعلمناه خالصاً لوجهه الكريم، موجباً لرضوانه العظيم-.

السؤال الثاني:

ما توجيهكم-حفظكم الله تعالى- للوالدين اللذين يتدخلان في حياة ابنتهما الزوجية ويشترطون على الزوج فعل أمور تصعب عليه جداً وإذا لم يفعل ما يطالبونه يحذرونه بأنهم سيأخذون ابنتهم؟

الجواب:

أولاً وقبل كل شيء كل إنسان تتهمه أنه في نصيحتي ربما يكون إلا العالم والوالدان، الوالد والوالدة غالباً لا يردون للولد إلا كل خير، وأوصي البنات أن يتقوا الله- U - في الوالدين، وهذه النظرة التي أثر فيها أعداء الإسلام في المسلمين، وبعض الكتاب وبعض القصص من الغزو الفكري، أحدثت عند الأبناء نفرة والبنات نفرة من الوالدين، وشوهت صورة الوالدين، يتدخلون إذا لم يتدخل الوالدان فمن الذي يتدخل؟

وإذا لم يعطف عليك والداك فمن الذي يعطف عليك؟ ففسر الأمر بحسن ظن، وخذه بروية وتعقل حتى تستطيع كيف تعالج الأمور، فالوالدان فيهما شفقة وفيهما حنان، والأم ربما إذا خرجت بنتها من بيتها غلبتها الغيرة حتى لا تستطيع أن تتمالك تصرفها، وهذا من محبتها لأبنتها، فإذا أصبحت البنت تسيء الظن بها، وأنها تريد الأضرار بها، ساءت الأمور، لكن إذا فسرت هذا بالمحبة والعاطفة، وجاءت وقالت: يا أماه أنتِ تريدي لي الخير وأنتِ وكلمتها بالتي هي أحسن ودخلت إلى قلب أمها وفتحت مغاليق ذلك القلب، استطاعت أن تبين لها أنها مرتاحة، وأنها راضية، وإذا بالأم بعد حين تقول لها ما دمتي مرتاحة فأنا مرتاحة، وينتهي كل شيء، لكن هذا يتدخل في أمري، وهذا يدمر مستقبلي، وأبي يتدخل في شؤوني، تفسر الأمر بالعاطفة، ونقول للوالدين أيضاً اتقوا الله في الأولاد، ولا تتدخلوا في شؤونهم إلا بقدر الحاجة، فيما يحتاج إليه لصلاح دينٍ أو دنيا، وإذا قبل الوالدان فالحمد لله وإذا لم يقبلا مالم يكن فيه ضرر عليهما هذا شيء آخر، فعلى كل حال الوالدان يحسن الظن بهما، وعلى الوالدين أيضاً أن يتقا الله- U - في الأولاد، ولا يكونا سبباً في حصول الفراق بين الزوج وزوجته، وأن لا يؤذوا الزوج، ويقولون له إذا لم تلبي هذه الأغراض نأخذ البنت منك، أو نضرك في بنتنا، أو الأم تمنع بنتها من زيارتها، أو الأب يمنع ابنه من زيارته، هذا كله من الظلم، وعلى الأب أن يتقى الله وأن يحمد الله على العافية وأن الله رزقه ابناً سكن في بيته، فيحمد الله على العافية ويترك هذه الفتن وهذه الخلافات فإنها شر وبيل، ولربما أساء الوالد إلى ولده حتى جعل الله إساءته لولده سبباً في شرٍ عليه في دينه، فعلى الوالد أن يحذر عقوبة الله، فإن ظلم الأبناء وظلم البنات عواقبه وخيمة، لأن ظلم القريب أعظم ذنباً من ظلم الغريب، فأوصى الجميع بتقوى.

- ونسأل الله العظيم أن يرزقنا الإخلاص في القول العمل -.

وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحمَْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَميْنَ وصلَّى اللَّهُ وسلَّم وبارك على عبده ونبيّه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير