من انغمس واغتسل غسلاً كاملاً ونوى رفع الحدث الأصغر والأكبر أجزاءه، ولا يشترط فيه الترتيب لمكان الاندراج، واستدلوا على ذلك بحديث عائشة رضي الله عنها "أن النبي e اغتسل ولم يتوضأ بعد غسله وإنما صلى"، فدل على اندراج الوضوء تحت الغسل وأنه لا يشترط الترتيب، وعليه فإنه إذا غسل بدنه غسلاً كاملاً ولم يمس عضوه بعد تمام هذا الغسل أو أثناء الغسل، فإنه يحكم إذا نوى اندراج الطهارة الصغرى تحت الكبرى فإنه يجزيه ويصح له أن يصلي والله تعالى أعلم.
السؤال الثالث:
فضيلة الشيخ: ادركتني إقامة الصلاة وأنا أطوف حول البيت، فصليت الفرض ثم أكملت الطواف، والسؤال هل استأنف هذا الشرط أم اكمل من حيث وقفت؟، وجزاكم الله خيراً.
الجواب:
وجهان للعلماء بعض العلماء يقول إذا أقيمت الصلاة وأنت في الطواف ترجع إلى المكان الذي قطعت منه، وبضعهم يقول إنك ترجع من أول الشوط، وهذا هو الأحوط أنك ترجع من أول الشوط، ولكن القول الذي يقول إنك ترجع إلى نفس المكان له قوة من حيث الأصل، ولذلك لما لم يجب أن يعيد من أول الطواف لم يجب أن يعيد من أول الشوط، وعلى هذا فلو أقيمت الصلاة خاصة أيام الزحام فوقفت في نفس المكان وكبرت وصليت ثم قمت وأكملت في نفس مكانك أجزاءك، لكن يحتاط الإنسان والأفضل أن يبدأ من أول الشوط، وإذا ابتدأ من نفس المكان فإنه يصح شوطه وطوافه والله تعالى أعلم.
السؤال الرابع:
فضيلة الشيخ: هل اضطباع الرداء في طواف القدوم يكون في السبعة الأشواط كلها أو في الثلاثة الأولى منها فقط؟، وجزاكم الله خيراً.
الجواب:
هذه المسألة اختار جمع من العلماء أن يبقى مضطبعاً حتى يتم طوافه، وهذا مبنى على مسألة الاستصحاب قالوا "إن النبي e حفظ عنه أنه اضطبع ثم رَمَلَ الثلاثة الأشواط الأول"، ولم يحفظ عنه أنه غير حاله، فيستصحب إلى تمام الطواف، ومن أهل العلم من قال الاضطباع مقترن بالرَّمَلَ، وعلى هذا اضطبع عليه الصلاة والسلام حتى يخف عليه الرَّمَلَ، فإذا انتهى من الرَّمَلَ أعاد رداءه كما كان يعني على كتفيه، وعلى كل حال كلى القولين له وجهه، والقول الأول أقوى من حيث الأصول، بل حتى ذهب بعض العلماء إلى أنه يصلي الركعتين مضطبعاً، وهذا مبنى على أن النبي e لم يحفظ عنه أنه غير من حاله عليه الصلاة والسلام، والمسألة محتملة من بقي مضطبعاً وهو يطوف لا ينكر عليه لأن له وجه من السنة، ومن رد الرداء لا ينكر عليه لأن له وجهاً من السنة، وإذا صلى ركعتي الطواف والرداء على أحد عاتقيه لم يكن مرتكباً للمحظور، لأن نفس الطواف الطواف بالبيت صلاة وقد شرع فيه هذا الاضطباع، والمنهي عنه أن لا يكون على العاتق شيئاً، أما إذا كان على أحد عاتقيه فقد أجزاءه، لأن نهي النبي e أن يصلي الرجل وليس على عاتقيه، أما إذا كان مضطبعاً فمن المعلوم أنه يكون على عاتقه طرفا الرداء، وعلى هذا فلا ينكر على من اضطبع ولا ينكر على من رد الرداء والله تعالى أعلم.
السؤال الخامس:
فضيلة الشيخ: هل المسح على العمامة له وقت محدد كالخف؟، وجزاكم الله خيراً.
الجواب:
لا تحديد في مسح العمامة، وهذه من الفوارق بين مسح الخفين ومسح العمامة، من الفوارق الخفان لا يختصان بالرجال دون النساء، العمامة تخص الرجال دون النساء، من الفوارق تعميم العمامة بالمسح دون تعميم الخفين، من الفوارق هذه المسألة التي ذكرت الثالثة التي أشار إليها السائل والله تعالى أعلم.
السؤال السادس:
فضيلة الشيخ: ما حكم صلاة تحية المسجد في أوقات النهي؟، فمثلاً إذا دخلت المسجد قبل آذان المغرب فهل أصلي تحية المسجد أم لا؟، وجزاكم الله خيراً.
الجواب:
أوقات النهي نوعان موسعة ومضيقة، المضيق عند الطلوع عند طلوع الشمس، عند غروب الشمس عند انتصاف الشمس في كبد السماء وجهاً واحداً عند العلماء لا تصلى النافلة، سواءً كانت ذات سبب أو غيرها، لأن هذا الوقت وقت عبادة أهل الشرك، ونهي عن ما بعد الصلاة خوفاً وسداً من الذريعة لمشابهتهم، أن الوقت نفسه جزم غير واحد من العلماء أنه خارج عن موضع النزاع، موضع النزاع في الوقت الموسع، الذي هو ما بين صلاة الفجر إلى أن تتحين الشمس الطلوع وكذلك في العصر، فعلى هذا ينبغي أن يعلم أن أثناء الطلوع وأثناء الغروب لا صلاة، قال e:" فإذا طلعت فأمسك عن الصلاة"، وهذا يدل على أنه لا يجوز أن يصلي أثناء الطلوع وأثناء الغروب وأثناء انتصاف الشمس في كبد السماء وهو وقت انتصاف النهار، أما الأوقات التي ما بين الطلوع وما بين صلاة الصبح وصلاة العصر والغروب فالصحيح أنها لا تصلى ولذلك "نهي النبي e عن الصلاة بعد صلاة العصر".
ثانياً: أن كعب ابن مالك ثبت عنه في الصحيح أنه لما دخل في قصة توبته،"أنه دخل على النبي e مباشرة، وجلس بين يديه وبشره بتوبة الله عليه، ولم يذكر ركعتي التحية"، وقد قال e:" للرجل وقطع خطبته، وقال له: قم فأركع ركعتين"، فهذا يدل على أن ما بعد صلاة العصر والفجر ممنوع من النافلة فيه، ويدل على هذا أنه إذا تعارض نصان عمل الخلفاء الراشدون أو أحدهم بواحد منهما قدم الذي عمل به الخلفاء الراشدون أو أحدهم، وكان عمر ابن الخطاب يضرب من يراه يصلي بعد العصر والفجر، وكان لا يصلي الركعتين من ذوات الأسباب، ولذلك طاف بالبيت كما روى عنه مالك في موطأه إنه طاف طواف الوداع بعد الفجر فأخر ركعتي الطواف إلى ذي طوى، لأنه أنتظر حتى طلعت الشمس فصلاهما، وهو المُحدَّث المُلْهَم المأمور باتباع سنته.
ثالثاً: أنه إذا تعارض أمر ونهي قدم النهي على الأمر، "النبي e يقول لا صلاة بعد الصبح" وهذا مقام نهي، وقوله "إذا دخل أحدكم المسجد فليركع" مقام أمر، والنهي مقدم على الأمر لقوله "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم فانتهوا" وهذا هو أصح قولي العلماء والله تعالى أعلم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد.
¥