ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[26 - 08 - 06, 06:06 م]ـ
661 - وَعَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ اَلضَّبِّيِّ رضي الله عنه عَنِ اَلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: {إِذَا أَفْطَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمْرٍ, فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى مَاءٍ, فَإِنَّهُ طَهُورٌ} رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.
في هذا الحديث الأمر بالإفطار على التمر، إذا أفطر أحدكم، فليفطر على تمر، وهو من طريق الرباب بنت صليع، قال في "التقريب": إنها مقبولة، ويشهد لها حديث أنس عند الترمذي وغيره أنه -عليه الصلاة والسلام- , أنه كان يفطر على رطبات، فإن لم يجد، فتمرات، فإن لم يجد، حسا حسوات من ماء -.
وهذا فيه زيادة على حديث سلمان الضبي، زيادة الرطب، فالسنة أن يكون التمر رطبا، فإن لم يجد تمرا رطبا، لا بأس أن يأكل تمرا يابسا، فإن لم يجد تمرا يابسا، فالماء.
لكن هل تقوم مثلا الحلويات مقام التمر ويقال إنها تغني؟.
قد يقال من جهة أن المقصود من التمر لما فيه من الحلاوة، وأنه يقوي البصر، ويأتي إلى المعدة، وهي ربما كانت خالية، فدخوله يكون من أحسن ما يكون، وهو سهل في دخوله، وفي استساغته، وفي بقائه،
فبعض أهل العلم قالوا: إن أنواع الحلويات التي تكون في هذه الحلاوة، حكمها حكم التمر، وقد تكون من باب لحن الخطاب، أو فحوى الخطاب، إذا كانت حلاوتها أشد من حلاوة التمر، كانت من باب فحوى الخطاب، أي أنها أولى، أو من باب لحن الخطاب، بأن يكون مساوياً في حلاوته للتمر.
وبالجملة، الأفضل التمر الرطب ثم التمر اليابس
فإن لم يجده، وأكل ما يكون فيه شيء من الحلاوة، من جهة أنه -كما ذكر كثير من أهل العلم- أن له تأثيرا، خاصة لأول دخوله؛ لما فيه من الحلاوة، وحاجة البدن إلى شيء مما فقده، فيقوي بدنه وخاصة لبصره، فلا بأس به، والماء كذلك. فهكذا جاءت السنة عنه -عليه الصلاة والسلام- والمعنى إذا عقل وظهر لا بأس من الإلحاق.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[26 - 08 - 06, 06:15 م]ـ
662 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: {نَهَى رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ اَلْوِصَالِ, فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ: فَإِنَّكَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ تُوَاصِلُ? قَالَ: " وَأَيُّكُمْ مِثْلِي? إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي ". فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنِ اَلْوِصَالِ وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا, ثُمَّ يَوْمًا, ثُمَّ رَأَوُا اَلْهِلَالَ, فَقَالَ: " لَوْ تَأَخَّرَ اَلْهِلَالُ لَزِدْتُكُمْ " كَالْمُنَكِّلِ لَهُمْ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
الوصال جاء من عدة أخبار عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، من حديث عائشة، ومن حديث أنس، ومن حديث أبي هريرة كما هنا. فالنهي عن الوصال متواتر، والوصال: هو مواصلة الصوم بعد الفطر، بعد دخول وقت الفطر، إما إلى الفجر، أو مواصلة يوم ثان.
واختلف العلماء: هل هو محرم أو مكروه؟ وظاهر النصوص هو المنع والتحريم، وجاء ما يدل على الجواز، من حديث أبي سعيد الخدري، أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: , فأيكم أراد أن يواصل، فليواصل إلى السحر -.
هذا يدل على أن المواصلة إلى السحر لا بأس بها، وإن كانت خلافا للسنة، من جهة أنهم لما أصروا، فدل على أنه لا بأس، والسنة هو المبادرة إلى الفطر، أما مواصلة يوم ثان، فظاهر النصوص هو المنع.
فيجمع بين النصوص بأنه يجوز إلى السحر، وفي اللفظ الآخر: , من وضح إلى وضح - يعني: من فجر اليوم، إلى فجر اليوم الثاني، وما سوى ذلك فظاهر النصوص هو المنع.
ولهذا لما أنهم أبوا، من جهة أنهم رأوه يواصل، وكأنه -والله أعلم- وقع في نفوسهم أن نهيه لهم عن الوصال من أجل الرفق بهم، وهم أرادوا أن يأخذوا بالشدة والعزيمة، فواصلوا، فلما أبوا أن ينتهوا، أراد أن يعلمهم ذلك، وأن يواصل، حتى يدركوا أنهم ربما شقّ عليهم، ولا يستطيعون.
فواصل بهم يوما، ويومين، وقال: , لو تأخر الهلال لواصلت بكم -؛ لأن الهلال في تلك الليلة أهلّ ليلة الثلاثين، كالمنكل لهم، يعني كالذي يعاقبهم، فيه دلالة على العقوبة بمثل هذا، كما فعل -عليه الصلاة والسلام-.
¥