تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالمقصود أنه يجوز إلى سحر، وما سوى ذلك، فلا يجوز. وجاء عن بعض السلف أنهم واصلوا أياما، وجاء عن عبد الله بن الزبير أنه ربما واصل خمسة عشر يوما - رضي الله عنه ورحمه-.

فالأظهر -والله أعلم- أنه لم تبلغه السنة، أو أنه بلغته فتأولها، كما تأول الصحابة -رضي الله عنهم- حينما نهاهم. وبالجملة، السنة إذا جاءت، فإنه يحتج على من خالفها، ومن خالفها يتأول له، إذا كان من أهل العلم والفضل، يتأول له، إما أنها لم تبلغه، أو بلغته وتأول، أو غير ذلك من الأعذار في هذا الباب.

ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[27 - 08 - 06, 11:44 ص]ـ

663 - وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم {مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ اَلزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ, وَالْجَهْلَ, فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ} رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ, وَأَبُو دَاوُدَ وَاللَّفْظُ لَهُ.

هذا الحديث موجود في البخاري بهذا اللفظ

لكن كلمة الجهل لم يذكرها البخاري -رحمه الله- في كتاب الصوم، إنما ذكرها في كتاب الأدب، وكأنه - الله أعلم- لم يذكرها في كتاب الصوم؛ لأنه في كتاب الأدب ذكره، وقال (قال أحمد: أفهمني رجل إسناده.) (5710)

وكأن إسناده عنده ليس بمستقيم، قال: , أفهمني رجل إسناده -؛ ولهذا لم يذكرها في الصوم -والله أعلم- لعله تردد في سندها

وهذا اللفظ -كما سبق- ذكره البخاري في كتاب الأدب، ولم يذكره في كتاب الصوم، قوله صلى الله عليه وسلم: , من لم يدع قول الزور، والعمل به - الزور: هو الكذب، يقول الكذب، ويعمل بالكذب، وبمقتضاه، فلا يجوز له في الصوم، وفي غير الصوم.

والجهل: هو السفه بالفعل، من الطيشان وغيره، , فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه - والله -سبحانه وتعالى- أمر عبده بالصيام، وأن يكون صيامه صياما سالما من هذه المكدرات.

فورب صائم، ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش فهو إذا صام هذا الصيام بهذه الحالة، فإنه يسقط من جهة براءة الذمة، وقال بعض أهل العلم: إنه إذا اغتاب، ووقع في مثل هذا، فإن صومه يبطل.

والأظهر أنه لا يبطل؛ ولهذا لم يخبر ببطلانه -عليه الصلاة والسلام-، وفي الحديث الآخر قال: , ليس له من صومه إلا الجوع والعطش - فأخبر أنه صائم، لكنه صيام ناقص وقاصر، والزور والجهل محرم على كل حال، وفي حال الصوم أشد.

وإذا كان الإنسان وهو صائم، لا يدع قول الزور، والعمل به، فكيف حاله وهو غير صائم؟! لا شك أن إقدامه على هذه الأمور أسهل وأيسر، وهذا يبين أنه ليس عنده يقين، ولا إيمان يحجزه عن هذه المحرمات، خاصة حاله وهو صائم، فوقوعه في مثلها في غير حال الصوم، ربما كان عنده أسهل؛ لأنه ليس في عبادة تحجزه عن مثل هذه الأمور المحرمة.

ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[27 - 08 - 06, 12:03 م]ـ

664 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: {كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ, وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ, وَلَكِنَّهُ أَمْلَكُكُمْ لِإِرْبِهِ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.

وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ: {فِي رَمَضَانَ}.

الحديث فيه دلالة على أنه لا بأس بالتقبيل والمباشرة في حال الصيام، وفرق بعض أهل العلم بين الشيخ والشاب، وقيل بجوازه لهما وهو الأظهر، من جهة أنه جائز على العموم.

وفي الحديث الآخر: عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ: أَنَّهُ {سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُقَبِّلُ الصَّائِمُ؟ فَقَالَ لَهُ: سَلْ هَذِهِ لِأُمِّ سَلَمَةَ، فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَقَالَ لَهُ: أَمَا وَاَللَّهِ إنِّي لَأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَخْشَاكُمْ لَهُ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

فدل على أنه لا بأس به في حق الصائم، إلا إذا خشي، وغلب على ظنه وقوع المحذور، فلا يجوز له، من جهة أنه سبب إلى أمر محرم

قالت (ولكنه أملككم لإربه) - أو لأربه، على اختلاف الروايتين، لأربه: لحاله، ولإربه: يعني لعضوه.

وهذا من كلام عائشة -رضي الله عنها-، وإلا ففعله صلى الله عليه وسلم دليل على أنه لا بأس به؛ ولهذا جاء في الرواية الأخرى" في رمضان"، ولم يقل هذا خاص بي، أو لا تقتدوا بي في مثل هذا.

دل على أنه من حيث الجملة لا بأس به، وجاء في حديث عمر عند أبي داود أن عمر رضي الله عنه قال: , هششت فقبلت وأنا صائم فقلت يا رسول الله صنعت اليوم أمرا عظيما قبلت وأنا صائم قال أرأيت لو مضمضت من الماء وأنت صائم -

فكما أن المضمضة لا تفسد الصوم، فهي مقدمة لدخول الماء إلى الجوف، فكذلك التقبيل، قد يكون مقدمة لما بعده، فإذا كان مأمون الشر، فلا بأس بذلك.

لكن قد يكون في قوله: "أرأيت لو مضمضت " إشارة إلى عدم المبالغة في مثل هذا؛ لأن الصائم لا يبالغ في المضمضة، كما أنه لا يبالغ في الاستنشاق؛ خشية أن ينزل إلى جوفه شيء، كذلك هو لا ينبغي له المبالغة في مثل هذا؛ قد يئول إلى أمر محرم، فيفسد الصوم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير