ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[28 - 08 - 06, 06:26 م]ـ
665 - وَعَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا; {أَنَّ اَلنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اِحْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ, وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ} رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ
.
666 - وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه {أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى عَلَى رَجُلٍ بِالْبَقِيعِ وَهُوَ يَحْتَجِمُ فِي رَمَضَانَ. فَقَالَ: " أَفْطَرَ اَلْحَاجِمُ [وَالْمَحْجُومُ] "} رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ إِلَّا اَلتِّرْمِذِيَّ, وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ, وَابْنُ خُزَيْمَةَ, وَابْنُ حِبَّانَ.
667 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: {أَوَّلُ مَا كُرِهَتِ اَلْحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ; أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ اِحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ, فَمَرَّ بِهِ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " أَفْطَرَ هَذَانِ ", ثُمَّ رَخَّصَ اَلنَّبِيُّ r بَعْدُ فِي اَلْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ, وَكَانَ أَنَسٌ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ} رَوَاهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ وَقَوَّاهُ.
حديث شداد بن أوس: , أفطر الحاجم والمحجوم - جاء له شواهد عدة، وهوحديث جيد، شاهده حديث رافع بن خديج، وحديث ثوبان، وحديث بلال، وحديث أسامة، وعائشة، وأحاديث كثيرة في هذا الباب، بل هي متواترة عند بعض من أهل العلم، تبلغ نحو أربعة عشر حديثا أو أكثر، وكثير منها جيد الإسناد، وهي دالة على أنه يفطر الحاجم والمحجوم.
وهو قول الإمام أحمد، والمشهور من مذهب الإمام أحمد -رحمه الله-، وذهب الجمهور إلى أن الحجامة لا تفطّر الصائم، واستدلوا بحديث أنس بن مالك، الذي ذكره المصنف -رحمه الله-، وفيه أنه رخص في الحجامة.
وهذا الخبر قواه الدارقطني -رحمه الله-، ورجاله رجال البخاري، وله شاهد بإسناد صحيح من حديث أبي سعيد عند النسائي، والدارقطني أيضا، أنه -عليه الصلاة والسلام- {رخص في الحجامة}
وله شاهد آخر من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن رجل من أصحاب النبي r , أنه نهى عن المواصلة والحجامة، ولم يحرمهما - فنهى عن الحجامة إبقاء على أصحابه، ولم يحرمها.
وجاء في حديث أنس بن مالك عند البخاري، أنه قيل له: , أتكرهون الحجامة للصائم؟ قال: لا، إلا من أجل الضعف -.
فهذه الأخبار متفقة على أن الفطر بالحجامة منسوخ، فعلى هذا إما أن يقال: إنها منسوخة بهذه الأخبار، أو يجمع بين هذه الأخبار بما ذكر أنس بن مالك t وهو أن الحجامة مكروهة للصائم، من جهة أنها تضعف البدن، , قال: إلا من أجل الضعف -.
ولهذا من علم أنه إذا احتجم فإنه يضعف، وضعفه قد يؤدي به إلى المرض، ومرضه يؤدي به إلى الفطر، فيحرم كما سبق أيضا في القاعدة، فما يئول إلى أمر محرم فإنه يحرم.
والأقرب هو قول الجمهور، من جهة أنها ليست مفطرة، لكن هي مكروهة، كما قال أنس t إنها مكروهة؛ لأن الحجامة في الغالب تضعف، وقد تسبب دوخة، أو دورانا للجسم.
وكذا الحاجم يفطر ولهذا قال: , أفطر الحاجم والمحجوم - قد يقول الإنسان: الحاجم كيف يفطر؟ المحجوم واضح، لكن الحاجم.
فنقول الحاجم لأنه كما قال العلامة ابن القيم -رحمه الله وغيره، يضع فمه في القارورة، أو الآلة التي يمص بها الهواء، والهواء يمص الدم من البدن، فربما مع مص الهواء، نزل أو صعد إلى جوفه قطرة، أو قطرات من الدم بدون أن يشعر، والقاعدة: أن الشيء إذا كان مظنة لشيء، جعل له حكمه، ولو لم يكن حقيقة.
فإنا نقول: قد يمص دما، وقد لا يمص دما، فنجعله بحكم مص الدم، فيفطر على هذا الخبر، مثله النوم، النوم ينقض الوضوء، لكن لماذا ينقض الوضوء؟ لأنه مظنة للحدث.
فلما كان النوم مظنة للحدث، نقض الوضوء، وقد لا يُحدث النائم، ولهذا قال -عليه الصلاة والسلام- في حديث معاوية حديث علي رضي الله عنه في معناه حديث علي , العينان وكاء السه، فإذا نامت العينان استطلق الوكاء -.
فهذا يبين أنه لو نام مثلا متمكنا من نومه، وغلب على ظنه عدم الحدث، فزالت المظنة هنا، وعلم عدم وجوب مظنة الحدث الذي مظنته النوم، فلا يحدث بذلك، ونومه لا يكون حدثا بهذا.
¥