هكذا أيضا في في مسألة الحاجم، وعلى هذا نقول: إنه كما ذهب إليه الجمهور، أن الحجامة لا تفطر؛ لهذه الأخبار من هذا الباب، ويلحق بالحجامة أيضا جميع ما يكون فيه إخراج الدم، بأي طريقة أُخرج الدم.
يعني ليس المقصود مجرد الحجامة، المقصود هو إخراج الدم بأي شيء، سواء كان بالفصد، أو بالشرط، أو بإخراج الدم بالوسائل الحديثة، بل ربما كان إخراج الدم بهذه الوسائل أشد؛ لأنه يخرج الدم الكثير والدم النافع.
فلهذا نقول الحجامة في حق الصائم لا بأس بها، إلا إذا كان تورثه ضعفا في البدن، فإنه تكون مكروهة فإذا آلت به إلى الفطر، فإنها تكون محرمة، كما جاء عن أنس رضي الله عنه.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[28 - 08 - 06, 06:40 م]ـ
668 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا, {أَنَّ اَلنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اِكْتَحَلَ فِي رَمَضَانَ, وَهُوَ صَائِمٌ} رَوَاهُ اِبْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ. قَالَ اَلتِّرْمِذِيُّ: لَا يَصِحُّ فِيهِ شَيْءٌ.
والحديث ضعيف كما ذكر المصنف -رحمه الله-.
وجاء أيضا من حديث آخر عند الترمذي، , بأنه سأله رجل عن الاكتحال للصائم، فأذن له في الاكتحال - وهو ضعيف أيضا، وجاء في حديث عند أبي داود , أنه -عليه الصلاة والسلام- أمر بالإثمد المروح، وقال: ليتقه الصائم -.
وهذه الأخبار كلها ضعيفة في النهي عنه، والأمر باتقائه، أو بالإذن به، كلها ضعيفة لا تثبت، والأصل براءة الذمة، وأن الكحل لا شيء فيه؛ ولأنه يكون في العين، والعين ليست منفذا إلى الجوف.
فعلى هذا نقول: إنه لا بأس به، وأيضا أشير لمسألة الحجامة، أنه قد يقال مثلا: كيف تكون الحجامة مفطرة، وهي شيء خارج من البدن؟.
فيقال كما قال العلامة ابن القيم -رحمه الله- وغيره: إن الصائم حال صيامه ممنوع أن يدخل في جوفه ما يقوي بدنه، ومنهي عن أن يخرج ما يضعف بدنه، فهو منهي أن يدخل إلى جوفه ما يقويه من الطعام والشراب، فيفسد صيامه ومنهي أن يخرج من بدنه ما يضعفه.
فهو وإن أمر بالصوم لكن لا يشرع له أن يسلك ما يكون سببا إلى إضعاف صومه؛ لأن المقصود هو الصوم، وأن يبقى في حال صومه نشيطا، فيؤدي العبادات.
فما كان سببا لإضعاف البدن، فهو منهي عنه، وما كان سببا إلى تقوية البدن، مما هو مفطر، فهو محرم، إلا في الشيء الذي لا خيرة فيه، أو لا حيلة فيه، في دم النفاس والحيض، فإنه يفطر الصائم، ويفسد الصوم؛ ولهذا هو خارج من البدن، لكن لما كان سببه إضعاف البدن، لم يجتمع مع الصوم، لكن ليست هذه هي العلة، فيقال: إن الحجامة تفطر.
فالمعنى الذي أخذ منه الفطر بالحجامة، من جهة تحريمه أو كراهته على حسب الحالين، مأخوذ من جهة أن دم النفاس، ودم الحيض، ربما كان سببا لإضعاف البدن. وكذا الحجامة تكون سبباً لإضعاف البدن
قد تكون هذه هي العلة أو غيرها -والله أعلم-، من هذه الجهة.
فلهذا الصائم منهي عنه، لكن هو مكروه له، إذا كان يضعف بدنه، ولا يئول به إلى الضعف الشديد، وإذا كان يضعفه ضعفا شديدا، ويئول به إلى المرض، فإنه لا يجوز له، كما هو قول جماهير أهل العلم والله أعلم.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[29 - 08 - 06, 06:01 م]ـ
669 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم {مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ, فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ, فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ, فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اَللَّهُ وَسَقَاهُ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
670 - وَلِلْحَاكِمِ: {مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ نَاسِيًا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ} وَهُوَ صَحِيحٌ.
حديث أبي هريرة الأول، متفق عليه، , من نسي فأكل أو شرب، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه - واللفظ الآخر عند الحاكم: , فلا قضاء عليه، ولا كفارة -.
وصححه الحافظ وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، وكذلك أخرجه الدارقطني، فهي زيادة صحيحة
فالصواب، ما دل عليه هذا الخبر عنه -عليه الصلاة والسلام- فمن نسي فأكل، أو شرب، فلا شيء عليه وصومه صحيح، وأجره تام، ولله الحمد.
ولهذا قال: , فإنما أطعمه الله وسقاه - وإذا كان الطعام والسقيا من الله U فلا يكون مفسدا، بل هو خير، إنما فساد أو إفساد الصوم ما يكون من العبد، ومن فعل العبد، أما ما أضيف إليه سبحانه وتعالى في مسألة أكله ناسيا، أو شربه ناسيا، ثم الإخبار بأنه إطعام من الله، وإسقاء من الله يدل على أنه لا شيء عليه.
والرواية الثانية صريحة وواضحة في هذا المعنى، فلا قضاء عليه في هذا اليوم، يعني الذي أكل، وشرب، ونسي، فلا كفارة لأجل أنه شرب وأكل، فالفعل لا يضاف إليه، وهذا متفق مع عموم الأدلة (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) قال الله تعالى كما في الحديث الصحيح: , قد فعلت -.
عند مسلم من حديث ابن عباس، ومن حديث أبي هريرة، وقال بعض أهل العلم: إن صومه لا يصح، وقال بعضهم: إن عليه القضاء والكفارة.
وقالوا: إن الإمساك عن الطعام والشراب، هو ركن الصيام، فهو إذا نسي، فأكل أو شرب، وترك ركن الصيام، فلا إثم عليه، لكن عليه أن يأتي بركنه، مثلما لو نسي ركعة، ناسيا من الصلاة، فلا شيء عليه، فعليه القضاء والجابر لها، وهو أداء الركعة، وما يجبرها بسجود السهو
قالوا: وهكذا في الصوم عليه أن يقضي هذا اليوم ويأتي بالجابر وهو الكفارة لكن لا قياس مع النص وإذا جاء نهر الله بطل نهر العقل؛ فلهذا نقول الصواب ما دل عليه هذا الخبر، وهو أنه لا قضاء عليه، ولا كفارة، ولله الحمد.
¥