677 678 - وَعَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا {أَنَّ اَلنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ, ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
زَادَ مُسْلِمٌ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ: [وَ لَا يَقْضِي].
حديث عائشة وأم سلمة -رضي الله عنهما- فيه أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ربما أصبح من الجنابة يعني من الجماع من غير احتلام، في هذا إشارة إلى أنه من قول عائشة: إنه لا يحتلم، وقد قيل: إن الأنبياء من خصائصهم عدم الاحتلام، أو من خصائصه عليه السلام عدم الاحتلام؛ لقول عائشة: من غير احتلام، قيل الاحتلام من تلاعب الشيطان، وهذا موضع نظر
فإنه لم يأت إلا من هذا الخبر من كلامها، ولم يأت من قوله -عليه الصلاة والسلام - وإلا فالاحتلام قد لا يكون من تلاعب الشيطان وقد يقع الاحتلام بدون أن يعرض شيء له في نومه.
فالمقصود أنها أخبرت أنه - عليه الصلاة والسلام- يصبح جنبًا من جماع من غير احتلام، ثم يصبح صائمًا. وهذا يدل على أنه لا بأس أن يصوم الجنب، وأنه ليس من شرط الصوم ألا يكون جنبًا، ولا بأس أن يعقد الصوم ولو كان جنبًا، ثم الغسل بعد ذلك.
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (من أصبح جنبًا فلا صوم له) فنوقش في ذلك، وأن عائشة وأم سلمة قالا كذلك عن علم ومعرفة بحال النبي صلى الله عليه وسلم وأبو هريرة عندما أخبر بقولهما: قال إنما أخبرني الفضل أو قال: كذلك حدثني الفضل بن عباس، وهو أعلم، وفي رواية بن جريج فقال أبو هريرة اهما قالتاه قال هما أعلم.
فهذا يبين أنه تردد رضي الله عنه أو أن هذا كان في أول الأمر لما كان الطعام والشراب محرمًا بعد النوم، في أول الأمر فكان من صام ثم حضر الفطر فنام قبل فطره حرم عليه الطعام والشراب إلى الغد، حتى اشتد عليهم الأمر.
حتى نزل قوله تعالى: (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) فحل لهم ذلك، وأن لهم الطعام والشراب والوقاع إلى طلوع الفجر، وفي هذا دلالة على أنه كان إذا كان حلالا إلى طلوع الفجر من دلالة أو من إشارة النص أنه في الغالب إذا كان إلى طلوع الفجر حلالا فيلزم منه أنه يطلع الفجر عليه وهو جنب، من إشارة النص.
وكذلك من نص هذا الخبر أنه كان يصبح -عليه الصلاة والسلام- جنبًا من غير احتلام فيصوم، وفي لفظ آخر: (لا يقضي).
أما حديث أبي هريرة فالأظهر أنه موافق للحالة الأولى حينما كان ممنوعا من الطعام والشراب بعد النوم، وأنه منسوخ، وأن هذا الأمر هو الذي استقر عليه الحال منه -عليه الصلاة والسلام- كما في هذا الخبر.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[01 - 09 - 06, 04:13 م]ـ
679 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا; أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: {مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وهذا اللفظ يشمل ظاهره عام لجميع أنواع الصوم , من مات وعليه صيام - وأخذ جمع من أهل العلم بهذا وقالوا: إن كل من كان عليه صيام صوم نذر أو صوم رمضان يصوم عنه وليه؛ لعموم هذا الخبر.
وقيل إنه لا يصام عن الميت، لا صوم النذر ولا صوم رمضان، هذا القول الثاني.
وقيل: إنه يصام عن صوم النذر دون صوم رمضان، وبهذا أفتى ابن عباس وعائشة -رضي الله عن الجميع-
وجاء عنهما عن عائشة وابن عباس: (لا يصم أحد عن أحد) وهذا قيل: إن المراد به الصيام الواجب في الشرع، وقالوا: إن هذا الخبر: "من مات وعليه صيام" هو الصيام الواجب بالنذر؛ لأنه هو الصوم الذي يكون أوجبه المكلف على نفسه، أما ذاك فمعلوم من الشرع.
وقالوا: فرق بين الواجب بالنذر والواجب بالشرع، فما أوجبه على نفسه والتزمه بنفسه فإنه يلزمه أن يأتي به، أما ما كان واجبا بالشرع فإن أمره أخف، من جهة أنه إذا مات ولم يقض فإن عليه الكفارة، وإن صِيم عنه فلا بأس.
وهذا القول اختاره العلامة ابن القيم -رحمه الله- ومثله ابن تيمية، وفرقوا بين صوم النذر وقضاء رمضان، فقالوا: إن صوم النذر يُقضى -يقضيه عنه وليه- وصوم رمضان لا يقضيه، بل عليه الكفارة، يُطعَم عن كل يوم مسكين من تركته.
¥