تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي بعضها: الحسنة بعشر أمثالها. فشهر بعشرة أشهر وستة أيام بشهرين، فمن صام رمضان وأتبعه ستا من شوال فكأنما صام الدهر هذا يبين أن السنّة هي المبادرة إلى الصوم بعد رمضان مباشرة، ويفصل بين الفرض والنفل بالفطر يوم الفطر.

وهذه هي القاعدة أنه يُفصل بين العبادات فرضها ونفلها، فلا يجوز أن يصل صيام الفرض بالنفل وهكذا صلاة الفريضة لا تُوصل بصلاة النافلة، وهكذا صوم الفريضة لا يوصل بصوم النافلة؛ لأنه ربما أوهم أنه منه وأنه تابع له.

ولهذا جنح مالك -رحمه الله- إلى كراهة صومها، وعلل بهذا التعليل، وكأنه -والله أعلم- لم يبلغه الخبر، أو كأنه تأول هذا الخبر من جهة أنه كرهها لأجل هذا المعنى، ولا شك أنه إذا وصل إلى هذا الحد فإنها لا تصام، ويبين أنه يجب الفصل بين صوم هذه الأيام وصوم رمضان.

وذكروا أن بعض الناس قديما في بلاد الأندلس من كان على مذهب مالك وغيره كانوا -كما قالوا- يبقون المسحرين ولا يعلنون العيد إلا في اليوم السابع من شوال، وأنهم يصِلون رمضان بستة أيام من شوال، فكأن هذه من البدع، وأن الواجب هو الفصل بالعيد، وهذا محل اتفاق من أهل العلم.

وأن هذه الأيام يجب فصلها كما سبق؛ ولهذا جاء في الحديث (عن عمرو بن عطاء بن أبي الخوار أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب بن يزيد ابن أخت نمر يسأله عن شيء رآه منه معاوية في الصلاة فقال نعم صليت معه الجمعة في المقصورة فلما سلم قمت في مقامي فصليت فلما دخل أرسل إلي فقال لا تعد لما فعلت إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تتكلم أو تخرج فإن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك لا توصل صلاة بصلاة حتى تخرج أو تتكلم.).

وفي الحديث الآخر عن الأزرق بن قيس (قال صلى بنا إمام لنا يكنى أبا رمثة قال صليت هذه الصلاة أو مثل هذه الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وكان أبو بكر وعمر يقومان في الصف المقدم عن يمينه وكان رجل قد شهد التكبيرة الأولى من الصلاة فصلى نبي الله صلى الله عليه وسلم ثم سلم?عن يمينه وعن يساره حتى رأينا بياض خديه ثم انفتل كانفتال أبي رمثة يعني نفسه فقام الرجل الذي أدرك معه التكبيرة الأولى من الصلاة يشفع فوثب إليه عمر فأخذ بمنكبه فهزه ثم قال اجلس فإنه لم يهلك أهل الكتاب إلا أنه لم يكن بين صلواتهم فصل. فرفع النبي صلى الله عليه وسلم بصره فقال أصاب الله بك يا ابن الخطاب) فأقره صلى الله عليه وسلم على ذلك بل أيد قوله، وأخبر أنه أصاب الحجة والدليل وهكذا أيضًا في مثل هذا الصوم أنه يجب الفصل.

والمقصود أنه يشرع المبادرة إلى هذا الصيام، وأن صومها يكون من شوال، وأنه ستة أيام، ولا بأس لو أنه فرقها في شهر شوال أو في بعض أيامه، والأفضل والأولى هو المبادرة إليها، وأنها لا يحسن صومها والفضل فيها إلا لمن صام رمضان.

ومن كان عليه قضاء من رمضان فعليه أن يصومه، فيكمل القضاء، ثم بعد ذلك يصوم ستة من شوال؛ لأن الأفضل والأكمل أن تتقرب إلى الله بالفريضة، ثم تتقرب إلى الله بالتطوع، لا تتقرب بالتطوع وفي ذمتك فريضة.

وقد قال -عليه الصلاة والسلام- كما في البخاري وغيره (أن الله تعالى قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلى مما افترضته عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه وإن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته) فهذه كلها فضائل تترتب بعد أداء الفرض فلهذا يصوم الفرض الواجب عليه إذا كان بقي عليه قضاء من رمضان، ثم بعد ذلك يصوم ستة من شوال.

وحديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه رواه مسلم -كما ذكره المصنف- وهو من طريق سعد بن سعيد الأنصاري، وفيه بعض الضعف، لكنه توبع، والقاعدة أن الراوي إذا علم ضبطه بطريق آخر فإنه يكون جيدًا، إنما ترد رواية الراوي إذا كان سيئ الحفظ أو كان له شيء مما ينكر عليه، في رواية يخشى عليه إذا انفرد بها.

أما إذا جاء من يوافقه من الرواة فهذا يعرف أنه ضبط، فتعتمد روايته، خاصة أن هذا الخبر له شواهد عنه -عليه الصلاة والسلام- تدل على هذا المعنى.

ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[03 - 09 - 06, 06:08 م]ـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير