تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[06 - 09 - 06, 08:21 م]ـ

695 - وَعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عَمْرِوٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم {لَا صَامَ مَنْ صَامَ اَلْأَبَدَ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

696 - وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بِلَفْظِ: {لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ}.

هذا ظاهره النهي عن صيام الدهر (لا صام من صام الأبد) فظاهر الخبر النهي، وقال بعضهم: إنه مدح، قال: (لا صام من صام الأبد) لأن من صام الدهر تعود عليه، فكأنه لا يصوم، أو كأنه لم يصم من جهة أنه من اعتاد أن يصوم الدهر -في الغالب- أنه لا يشق عليه، ويصير يسيرا.

وظاهر النص هو خلاف ذلك، وأنه لا صام، وفي لفظ آخر: (لا صام ولا أفطر) وفي الحقيقة "لا صام" من جهة أنه لا أجر له على ظاهر النص "ولا أفطر" فهو في الحقيقة ممسك، فلا حصل له هذا ولا هذا.

وفي اللفظ الآخر -نعم- (لا صام ولا أفطر) كما في اللفظ الآخر، فهو ليس صائما ولا مفطرا.

وظاهر النصوص هو المنع من صوم الدهر.

وحديث عبد الله بن عمرو في الصحيحين مطول، وأختصره المصنف -رحمه الله- واقتصر على الشاهد وهو أنه قال (ذُكر للنبي -عليه الصلاة والسلام- أني أقوم الليل وأصوم النهار، فدعاه ودعا بوسادة -عليه الصلاة والسلام- وجلس عليها وجعلها بينه وبينه، ثم قال: أخبرت إنك تقوم الليل وتصوم الدهر، فقال: نعم، فقال -عليه الصلاة والسلام-: صم ثلاثة أيام، قال: إني أستطيع أقوى، قال: صم يومين، قال: إني أستطيع أفضل من ذلك أقوى أو قال: إني أقوى على ذلك، قال: صم يومًا وأفطر يومًا، قال: أستطيع أفضل من ذلك، قال: لا أفضل من ذلك)

وفي لفظ: , صم صوم داود، كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، ولا يفر إذا لاقى - وفي لفظ عند النسائي: (وإذا وعد لم يُخلف).

يبين أن الصوم ينبغي على صاحبه أن يكون صومه معتدلا حتى لا يفرط في العبادات الأخرى، فالله عز وجل لم يتعبدنا بالصوم وحده، بل تعبدنا بعبادات غير الصوم، فإذا صام الدهر ربما فرط وضعف جسمه حتى ولو اعتاد الصوم؛ لأن صوم الدهر يهلك البدن ويضعفه، فيضعف عن العبادات الأخرى.

والله تعالى تعبدنا بعبادات أفضل وأجل، عبادات عظيمة ربما كان الإنسان يضعف عنها إذا صام الدهر؛ فلهذا لا يصوم الدهر، ونهى عنه، وقيل بتحريمه.

وجاء عن بعض السلف أنه صام الدهر، ومنهم أبو طلحة رضي الله عنه وأنه كان بعد موت النبي -عليه الصلاة والسلام - كان لا يفطر إلا أيام العيد، ومحمول على أنه لم تبلغه السنة.

وذكر العلماء في هذا كلاما حول صوم الدهر، وهل يشرع أو لا يشرع؟.

والأظهر ما دل عليه هذا النص، أفضل الصوم صوم داود؛ ولهذا قال: , أفضل الصيام صوم داود -؛ لأن صوم يوم وإفطار يوم أصعب في الحقيقة من صوم الدهر؛ لأن من صام الدهر يعتاده ولا يشق عليه، مع إنهاكه لبدنه.

وربما عوقب الإنسان بعقوبة أيضًا، من جهة أنه قد لا يشتهي الطعام ولا الشراب، ومما سمعت من شيخنا ابن باز -رحمة الله- في تقريره إما على "البلوغ" أو على "صحيح" البخاري -نسيت- والأظهر أنه على صحيح البخاري، أنه ذكر يقول: إن أحد إخواننا في المدينة -وقال أني أبلغت أنه قد توفي، قال: وهو من أهل الحديث- كان يصوم الدهر وأبلغت عنه ودعوته ونُصح فلم يستجب، ودعوته وأمرته بالفطر فقال: إني لا أشتهي الطعام ولا الشراب في النهار.

يقول: نفسي لا تجد للطعام ولا للشراب طعما أبدًا، يقول الشيخ -رحمه الله-: هذه عقوبة معجلة، وعقوبة قدرية من جهة أنه لا يشتهي الطعام والشراب إلا في الليل.

ربما أيضا كانت شهوته ضعيفة، بسبب إنهاك بدنه، فمن اعتاده مثل ما جاء في الخبر: , لا صام ولا أفطر -.

وأيضًا أفضل الصوم صوم داود؛ لأن من استمر على صومه ربما كان له عادة زائدة فمشى عليها، أما الذي يصوم يوما ويفطر يوما فلا شك أنه ينتقل من صوم إلى فطر، ومن فطر إلى صوم، فهو أشق الصوم.

والإنسان يراعي ما تيسر، والرسول - عليه الصلاة والسلام- أوصى أصحابه بصيام ثلاثة أيام، وهذا الذي جاء في هديه وسنته -والله أعلم.

ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[07 - 09 - 06, 12:10 م]ـ

بَابُ اَلِاعْتِكَافِ وَقِيَامِ رَمَضَانَ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير