ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[07 - 09 - 06, 12:25 م]ـ
701 - وَعَنْهَا قَالَتْ: {إِنْ كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيُدْخِلُ عَلَيَّ رَأْسَهُ -وَهُوَ فِي اَلْمَسْجِدِ- فَأُرَجِّلُهُ, وَكَانَ لَا يَدْخُلُ اَلْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةٍ, إِذَا كَانَ مُعْتَكِفًا} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيّ.
وفي هذا أنه لا بأس للمعتكف أن يرجل رأسه، وأن يتنظف وأن يزيل الأذى، كما كان يفعل -عليه الصلاة والسلام-: كان يرجل رأسه، مع أنه في هذه العبادة العظيمة، إلا أنه كان يدلي رأسه، وفي هذا أن المعتكف لو أخرج رأسه من المسجد، أو أخرج يديه من المسجد، أو أخرج بعض بدنه، ورجلاه قارتان في المسجد -أنه لا يعتبر خارجا من اعتكافه، بل هو في الاعتكاف، العبرة باستقرار قدميه؛ ولهذا كان يخرج رأسه.
وفي لفظ: (كان يدلي رأسه إليها) وربما كانت حائضا -رضي الله عنها-، فكانت ترجله وهو في المسجد، وهي خارج المسجد.
(وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة) وهذا في لفظ الصحيحين، وفي اللفظ عند مسلم: (إلا لحاجة الإنسان) بزيادة: "الإنسان". يعني: قيدت الحاجة لم تطلقها، بين أن الحاجة لحاجة الإنسان: وهو البول والغائط، وكذلك أيضا ما يحتاج إليه من طعام وشراب، فهذا هو حاجة الإنسان.
(كان لا يدخل بيته إلا لحاجة) وهذا لا بأس به، وإن أراد أن يتناول أكله في المسجد، على وجه لا يكون فيه تقذير وإيذاء لمن في المسجد، فلا بأس به.
وإن أراد الخروج أيضًا فلا بأس، وإذا كان عند المسجد أو قريبًا منه، محل قضاء الحاجة، وهو في مكان لائق به، يعني: لا يزرى به، وليس فيه أذى عليه -فإنه يقضي حاجته في هذا المكان.
وإذا كان المكان الذي في المسجد مثلا ليس لائقا، وليس مناسبًا من جهة إما عدم نظافته وقذارته، أو لشدة الزحام عليه، أو مثلاً لأنه قد يجده ليس لائقا به، فأراد أن يذهب إلى البيت، فلا بأس بذلك؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- كما في الخبر: , كان يخرج لحاجة الإنسان - وهذه الأمور امتلاء واستطرادًا كلها، وكلها من حاجة الإنسان التي لا بأس للمعتكف أن يفعلها.
والمعتكف عليه أن يجتهد في العبادة وقراءة القرآن والذكر، ولا بأس أن يتحدث، ولا بأس أن يتكلم بالكلام المباح، كما كان -عليه الصلاة والسلام- يتحدث.
وثبت في الصحيحين: (أنه كانت تأتيه صفية، وكان يحدثها حتى يقلبها إلى أهلها، ويمشي معها - وربما خرج معها) وكذلك لو أراد أن يقضي بعض الوقت في قراءة كتب العلم، أو هنالك حلق لطلب العلم، وأراد أن يحضرها فلا بأس، وهذا هو الصحيح.
وإن كان بعض أهل العلم يقول: إنه لا ينشغل بغير ذلك. والأظهر أنه ينوع من أنواع العبادات، ينوع لأنه أيضًا ربما لو استمر في عبادة واحدة، قد تمل نفسه ويحصل لها شيء من التململ، فإذا نوع في أنواع العبادات كان أنشط له، وأشد له في عبادته في اعتكافه.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[07 - 09 - 06, 12:31 م]ـ
702 - وَعَنْهَا قَالَتْ: {اَلسُّنَّةُ عَلَى اَلْمُعْتَكِفِ أَنْ لَا يَعُودَ مَرِيضًا, وَلَا يَشْهَدَ جِنَازَةً, وَلَا يَمَسَّ امْرَأَةً, وَلَا يُبَاشِرَهَا, وَلَا يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ, إِلَّا لِمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ, وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْمٍ وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ جَامِعٍ} رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَلَا بَأْسَ بِرِجَالِهِ, إِلَّا أَنَّ اَلرَّاجِحَ وَقْفُ آخِرِهِ.
يعني من قوله: "ولا اعتكاف إلا بصوم".
هكذا ذكره المصنف وذكر غيره أن قوله: (السنة على المعتكف) أن هذا كله موقوف، وأنه لم يثبت مرفوعا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأن الثابت ما جاء في سنته المنقولة، وهذا هو المشروع، والخبر هذا في رفعه نظر، هو لم يثبت رفعه إليه -عليه الصلاة والسلام إلا من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، واختلف فيه، ومن جهة أنه: هل هو مرفوع أم موقوف على عائشة رضي الله عنها؟
¥