ربا موضوع، ولكم رءوس أموالكم، لا تظلمون ولا تظلمون، قضى الله أن لا ربا، وإن ربا عباس بن عبد المطلب موضوع كله، وإن كل دم في الجاهلية موضوع، وإن أول دمائكم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، كان مسترضعا في بني ليث فقتلته هذيل، فهو أول ما أبدأ به من دماء الجاهلية.
أما بعد، أيها الناس، فإن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم، ولكنه إن يطع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم فقد رضي به، فاحذروه أيها الناس على دينكم، وإن النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا إلى قوله ما حرم الله، وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً، منها أربعة حرم: ثلاث متواليات، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان "، وذكر سائر الحديث. اهـ.
" أحكام القرآن " (2/ 503 - 504).
2. أما التشاؤم من شهر صفر فقد كان مشهوراً عند أهل الجاهلية ولا زالت بقاياه في بعض من ينتسب للإسلام.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا عدوى ولا طيرة ولا هامَة ولا صَفَر وفر من المجذوم كما تفر من الأسد ".
رواه البخاري (5387) ومسلم (2220).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: و " صفر " فُسِّر بتفاسير:
الأول: أنه شهر صفر المعروف، والعرب يتشاءمون به.
الثاني: أنه داء في البطن يصيب البعير، وينتقل من بعير إلى آخر، فيكون عطفه على العدوى من باب عطف الخاص على العام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التكملة مع الجزء الثاني إن شاء الله
((أحكام شهر صفر)) الجزء الثاني.
الثالث: صفر: شهر صفر، و المراد به النسيء الذي يُضل به الذين كفروا، فيؤخرون تحريم شهر المحرم إلى صفر، يحلونه عاماً و يحرمونه عاماً.
و أرجحها: أن المراد: شهر صفر، حيث كانوا يتشاءمون به في الجاهلية.
و الأزمنة لا دخل لها في التأثير وفي تقدير الله عز وجل، فهو كغيره من الأزمنة يُقدَّر فيه الخير والشر.
و بعض الناس إذا انتهى من عمل معين في اليوم الخامس و العشرين - مثلاً - من صفر أرَّخ ذلك وقال: انتهى في الخامس والعشرين من شهر صفر الخير، فهذا من باب مداواة البدعة بالبدعة، فهو ليس شهر خير و لا شر؛ و لهذا أنكر بعض السلف على من إذا سمع البومة تنعق قال: (خيراً إن شاء الله)، فلا يقال خير و لا شر، بل هي تنعق كبقية الطيور.
فهذه الأربعة التي نفاها الرسول صلى الله عليه وسلم تدل على وجوب التوكل على الله و صدق العزيمة و ألا يضعف الملم أمام هذه الأمور.
و إذا ألقى المسلم بالَه لهذه الأمور فلا يخلو من حالين:
الأولى: إما أن يستجيب لها بأن يقدم أو يحجم، فيكون حينئذٍ قد علَّق أفعاله بما لا حقيقة له.
الثانية: أن لا يستجيب بأن يقدم و لا يبالي، لكن يبقى في نفسه نوع من الهم أو الغم، وهذا و إن كان أهون من الأول لكن يجب أن لا يستجيب لداعي هذه الأمور مطلقاً، و أن يكون معتمداً على الله عز وجل.
والنفي في هذه الأمور الأربعة ليس نفياً للوجود؛ لأنها موجودة، و لكنه نفي للتأثير، فالمؤثر هو الله، فما كان سبباً معلوماً فهو سبب صحيح، و ما كان سبباً موهوماً فهو سبب باطل، و يكون نفياً لتأثيره بنفسه و لسببيته. اهـ.
المرجع: مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين 2/ 113، 115.
ثانياً: ما ورد في الشرع مما يخالف أهل الجاهلية.
وقد سبق حديث أبي هريرة في الصحيحين، وفيه بيان أن اعتقاد أهل الجاهلية في صفر مذموم، فهو شهر من شهور الله لا إرادة له إنما يمضي بتسخير الله له.
ثالثاً: ما يوجد في هذا الشهر من البدع و الاعتقادات الفاسدة من المنتسبين للإسلام.
¥