[هل هذه جعالة أم هبة؟ أفتونا مأجورين]
ـ[عبد العزيز سعود العويد]ــــــــ[25 - 03 - 03, 07:45 ص]ـ
تقوم بعض الجهات الخيرية بعمل مسابقة علمية وتعلن أنه يصرف للفائزين (جوائز قيمة). فما هو التأصيل العلمي لهذه المسألة؟
هل نقول بأن الجوائز جعالة فلا تجوز هذه الصورة لأن الجعالة يشترط فيها أن تكون معلومة وهي هنا غير معلومة؟ أم نقول إنها هبة ولا يشترط في الهبة أن تكون معلومة؟ لا سيما وأن القاعدة أن الأصل في المعاملات الحل فكل معاملة لم يظهر تأصيلها على معاملة محرمة فإنها تبقى على الأصل وهو الجواز. يرجى المشاركة لأن هذا النوع من المسابقات منتشر جدا. بارك الله فيكم أجمعين.
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[25 - 03 - 03, 02:47 م]ـ
بل هو سبق، بفتح السين والباء ... وهو نوع من المراهنات أجازه
الشارع للحاجة، والأصل فيه قوله صلى الله عليه وسلم: لا سبق إلا
في نصل أو خف أو حافر ... وقاس عليه كثير من أهل العلم المسابقات
العلمية، والجوائز على السبق قد تكون من المتسابقين أو من المحلل
وهو العضو غير المشارك في السبق، وهو المنتشر هنا، وهو جائز
بالإجماع إذا كان على مثل هذه الصورة، ومن الناس من يجعلها جعالة،
وهي وإن خالفت شروط الجعالة في اشتراط المعلومية للمجعول فيه، إلا
أن هذه الجهالة مغتفرة في ضمن ما يغتفر في الجعالات ذات الصفات
الكثيرة، فليس كل جهالة مؤثرة، بل المقصود الجهالة التي تضر
بالعقد، ومثل هذه المسابقات ليس فيها جهالة تامة، بل المعروف
والمعلوم أن الانتصار أو النجاح في تحصيل مركز معين أو الإجابة أو
تحصيل شيء معين ستكون عليه الجعالة المعلومة، ومثل هذا تحتمل
فيه الجهالة اليسير كما حاصل في كثير من البيوع التي يغتفر
فيها بعض الجهالة ... فتخريج المسألة على الجعالة وارد أيضا، والأمر
يسير .. والله أعلم.
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[25 - 03 - 03, 04:37 م]ـ
هذه المسألة من المسائل المشكلة فعلاً، وقد ظهر لي أنها سبق _ كما ذكر الشيخ رضا _ ويجوز التسابق على جُعْل وأخذ السَبَق في العلم النافع والقرآن عند الحنفية وشيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وجمع من المحققين، وهو الصحيح.
قال ابن مفلح في الفروع:
والصراع والسبق بالأقدام ونحوهما طاعة إذا قصد به نصر الإسلام، وأخذ السبق عليه أخذ بالحق، فالمغالبة الجائزة تحل بالعوض إذا كانت مما ينفع في الدين، كما في مراهنة أبي بكر، اختار ذلك شيخنا. وقال: إنه أحد الوجهين، معتمدا على ما ذكره ابن البناء، وظاهره جواز الرهان في العلم، وفاقا للحنفية، لقيام الدين بالجهاد والعلم.اهـ
والأحوط اشتراط خلو المسابقة _ ولو فيما يباح فيه الجعل _ من المقامرة، وحيث إن الجاعل من غير المتسابقين في هذه الصورة المسؤول عنها فهي خالية من المقامرة، والحمد لله.
ولكن الذي أشكل عليّ، وتفكرت فيه البارحة وبحثت فيه كثيرا أمران:
(1) أن الفقهاء يجعلون المسابقة من الجعالة، ويسمون السَبَق جُعلاً، وكل ما وقفت عليه من كلام الفقهاء في الجعالة فيه اشتراط كون الجعل معلوما، ثم بعضهم يستثني صورا بعينها ليست هذه منها، وما ذكره الشيخ رضا من اغتفار الجهالة في الجعالة، إنما هو الجهالة في العمل وليس الجهالة في الجعل، ففي مجموع فتاوى ابن تيمية ج20:
أن يكون العمل مقصودا لكنه مجهول أو غرر فهذه الجعالة وهي: عقد جائز ليس بلازم فإذا قال: من رد عبدي الآبق فله مائة فقد يقدر على رده وقد لا يقدر وقد يرده من مكان قريب وقد يرده من مكان بعيد ; فلهذا لم تكن لازمة لكن هي جائزة فإن عمل هذا العمل استحق الجعل وإلا فلا ويجوز أن يكون الجعل فيها إذا حصل بالعمل جزءا شائعًا ; ومجهولا جهالة لا تمنع التسليم مثل أن يقول أمير الغزو: من دل على حصن فله ثلث ما فيه " ويقول للسرية التي يسريها: لك خمس ما تغنمين أو ربعه. اهـ
(2) أن الفقهاء نصوا في السبق أنه يشترط لجوازه كون السَبَق معلوما
ففي مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى:
ولا تجوز مسابقة بعوض) - أي: مال لمن سبق - (مطلقا إلا) في مسابقة (خيل وإبل وسهام بشروط خمسة
أحدها: تعيين المركوبين ..
الشرط الثاني: اتحاد المركوبين ...
الشرط الثالث: تحديد المسافة مبدأ وغاية ...
الشرط الرابع: علم عوض لأنه مال في عقد، فوجب العلم به كسائر العقود، ويعلم بالمشاهدة أو الوصف أو القدر إذا كان بالبلد نقد واحد أو أغلب، وإلا لم يكف ذكر القدر، بل لا بد من وصفه. (وإباحته) - أي: العوض -
الشرط (الخامس: الخروج) بالعوض (عن شبه قمار) اهـ
ولكن المخرج من الإشكال من وجهة نظري أحد ثلاثة أمور:
1) أن تقاس هذه الصورة على الصور التي أباحوا فيها الجهالة في الجُعل
2) أن يقال كما أباحوا الجهالة في العمل المبذول في مقابلة الجعل فنلحق به تجويز الجهالة في الجعل، لأنه أحد العوضين في العقد وما دامت الجهالة مغتفرة في أحد العوضين فينبغي اغتفارها في العوض الآخر
3) أن يقال الجهالة هنا يسيرة مغتفرة لأنه عندما يقال (جوائز قيمة) فإنه بحكم العرف سيعلم المتسابقون أن الجائزة لن تقل عن كذا ولن تزيد عن كذا، وهذا نوع علم، والتفاوت بين التقدير الأعلى والأدنى يسير، وفيه تراض، ولن يفضي إلى التنازع.
وتظل المسألة بحاجة إلى مزيد بحث وحبذا لو استفتينا فيها أهل العلم، وأرجو من إخواننا في الرياض أن يستفتوا لنا من يتيسر استفتاؤه من كبار العلماء، ليكمل البحث، والله تعالى أعلى وأعلم.
¥