[أجوبة السؤالات الموجهة للشيخ يحيى البكري]
ـ[بندر العامر]ــــــــ[27 - 07 - 03, 01:27 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأجوبة على سؤالات الدورة الحديثية الأولى (بجامع الغنيم بخميس مشيط)
أسئلة الأخ الكريم هيثم حمدان
السؤال الأول: عند تخريج حديث ما .. هل يفضل ذكر أكبر عدد ممكن من المصادر التي وجد فيها الحديث .. أم يكتفى ببعضها؟.
ج/ 1 ـ الجواب عن هذا السؤال ينبني عليه معرفة الهدف من تخريج هذا الحديث أو ذاك:
1 ـ فإن كان الهدف معرفة الصحة من عدمها .. فقد نص الأئمة على أنه إذا كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما .. فإنه يكفي في ذلك تخريجه منهما .. فلا يلزم الاستكثار من المخرجين ..
قال النووي في المجموع (1: 4): ((إذا كان الحديث في صحيحي البخاري ومسلم (رضي الله عنهما) أو في أحدهما اقتصرت على إضافته إليهما ولا أضيفه معهما إلى غيرهما إلا نادرًا لغرض في بعض المواطن، لأن ما كان فيهما أو في أحدهما غنيٌّ عن التقوية بالإضافة إلى ما سواهما.
وأما ما ليس في واحد منهما فأضيفه إلى ما تيسر من كتب السنن وغيرها أو إلى بعضها: فإذا كان في سنن أبي داود والترمذي والنسائي التي هي تمام أصول الإسلام الخمسة أو في بعضها اقتصرت أيضًا على إضافته إليها: وما خرج عنها أضيفه إلى ما تيسر إن شاء الله تعالى مبينًا صحته أو ضعفه)). اهـ.
وقال ابن كثير في (تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب) (ص 98 ـ 100): ((ووجدت فيه أحاديث جمة لا يستغني من قرأه عن معرفتها ولا تتم فائدة الكتاب إلا بمعرفة سقمها من صحتها فأحببت إذ كان الأمر كذلك أن أجمعها كلها والآثار الواقعة فيه معها على حده وأن أعزو ما يمكن عزوه منها إلى الكتب الستة البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه أو إلى بعضها أو إلى غيرها إن لم يكن في شيء منها إن شاء الله تعالى فما كان في البخاري ومسلم معا أو في أحدهما اكتفيت بعزوه إليهما أو إلى أحدهما وإن كان مع ذلك في كتب السنن وإن لم يكن فيهما ولا في أحدهما وهو في السنن الأربعة قلت رواه الأربعة.
و إلا بينت من رواه منهم وما لم يكن في شيء من الكتب الستة المذكورة ذكرت من رواه من غيرهم)).
وقال ابن الملقن (804هـ) في (البدر المنير في تخريج أحاديث الشرح الكبير: ((فإن كان الحديث أو الأثر في صحيحي الإمامين البخاري ومسلم اكتفيت بعزوه إليهما، أو إليه، ولا أعرِّج على من رواه غيرهما من باقي أصحاب الكتب الستة، والمسانيد والصحاح؛ لأنه لا فائدة في الإطالة بذلك، وإن كان الحافظ مجدالدين عبدالسلام ابن تيمية اعتمد ذلك في أحكامه، لأن الغرض الاختصار، وذلك عندي بحمد الله من أيسر شيء. اللهم إلا أن يكون في الحديث زيادة عند غيرهما، والحاجة داعية إلى ذلك، فأشفعه بالعزو إليهم.
وإن لم يكن الحديث في واحد من الصحيحين عزيته إلى من خرجه من الأئمة)). اهـ.
وقال العراقي (806هـ) في المغني عن حمل الأسفار (1: 4): ((فإن كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما اكتفيت بعزوه إليه وإلا عزوته إلى من خرَّجه من بقية الستة.
وحيث كان في أحد الستة لم أعزه إلى غيرها إلا لغرضٍ صحيحٍ بأن يكون في كتاب التزم مُخرِّجه الصِّحة أو يكون أقرب إلى لفظه في الإحياء)).
وهذا نستطيع أن نسميه منهج تخريج المتون .. وهذا اللون من التخريج مختصر .. الهدف منه معرفة صحة الحديث فحسب.
أما المنهج المطول فيهتم فيه المخرج بتخريج المتون والأسانيد .. وبيان العلل والاختلاف .. وهذا نراه ونلمسه في تخاريج العلامة الألباني (رحمه الله).
2 ـ وإن كان الهدف تخريج أحاديث كتاب معين .. فإنك ملزم بأسماء صحابته من الرواة .. ومخارج حديثه .. وتقتصر عليها ولا تتوسع إلا بقدر الحاجة من أجل غرض صحيح .. كبيان زيادة .. أو نفي شذوذ .. أو بيان نكارة .. ونحو ذلك.
3 ـ وقد يكون الهدف الدربة على التخريج .. ومعرفة الاختلاف والاتفاق .. وسياق الأسانيد ومعرفة المدار .. والمتابعات والشواهد .. فهنا يلزم الاستقصاء .. والتتبع.
4 ـ وربما كان الهدف تخريج حديث بعينه وإفراده بالتصنيف .. وهذا لا حدود لسياق طرقه وتتبع رواته .. كما فعل غير واحد في حديث (إنما الأعمال بالنيات) كما سيأتي.
السؤال الثاني: ما الطريقة المثلى لترتيب المصادر عند عزو الحديث لها أثناء التخريج؟.
ج/2 ـ هنا ك ثلاث طرق معتبرة في العزو إلى المصنفات .. وسيأتي بيانها بالتفصيل والمثال .. فنختصر الجواب الآن في التالي:
الطريقة الأولى: تقديم الصحيحين .. ثم بقية الستة على حسب قوتها: أبو داود .. فالترمذي .. فالنسائي .. فابن ماجه.
الطريقة الثانية: تقديم الصحيحين .. فبقية الكتب التي شرط أصحابها الصحة .. ثم السنن .. وهكذا.
الطريقة الثالثة: على التاريخ: مالك .. فعبد الرزاق .. فابن أبي شيبة .. فأحمد .. فالدارمي .. فالبخاري .. فمسلم .. فابن ماجه .. فأبو داود .. فالترمذي .. فالنسائي ... الخ.
السؤال الثالث: هل يفضل ذكر الصحابي والتابعي وتابع التابعي الذين رووا الحديث؟.
ج/3 ـ يفضل ذكر صحابي الحديث إذا طابق اللفظ المراد تخريجه من رواية صحابي معين .. فنقول حديث كذا رواه أنس مثلاً .. أخرجه فلان وفلان ... الخ.
فتنزل بالإسناد .. كذلك فإن كان الرواة اختلفوا عن أنس في اللفظ مثلاً .. فتذكر صاحب اللفظ .. فتقول مثلاً: هذا لفظ قتادة رواه عن أنس .. أخرجه فلان وفلان.
هذا إذا كنت بصدد تخريج متن وقع لك لفظه على صورة معينة من الاختصار أو الطول.
وأما إذا كنت تعمل على كتاب معين .. أو في جمع أحاديث راو معين وتخريجها .. فالذي يحكمك المنهج المتبع في التخريج .. وهذا ما سيأتي بسطه في مناهج عرض الروايات وطرقها واختلاف الأسانيد (إن شاء الله تعالى).
والله أعلم.