قال ابن تيميّة: الترمذي شديد التساهل في التصحيح ..
ـ[صلاح]ــــــــ[10 - 06 - 03, 04:20 ص]ـ
قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى (1\ 97):
(إن أهل العلم متفقون على أن الحاكم فيه من التساهل والتسامح في باب التصحيح. حتى أن تصحيحه دون تصحيح الترمذي والدارقطني وأمثالهما.
فكيف بتصحيح البخاري ومسلم؟ بل تصحيحه دون تصحيح أبي بكر بن خزيمة وأبي حاتم بن حبان البستي وأمثالهما.
بل تصحيح الحافظ أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي في مُختارته، خيرٌ من تصحيح الحاكم. فكتابه في هذا الباب خيرٌ من كتاب الحاكم بلا ريب عند من يعرف الحديث. وتحسين الترمذي أحياناً يكون مثل تصحيحه أو أرجح.
وكثيراً ما يُصَحِّحِ الحاكمُ أحاديثَ يُجْزَمُ بأنها موضوعة لا أصل لها).
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[10 - 06 - 03, 06:27 ص]ـ
أخي الحبيب
يبدو أنه حصل خلط بين كلامي وبين كلام شيخ الإسلام. فإن لي اصطلاح في كل كتاباتي أن كل ما (بين قوسين) هو تعليق مني وليس من صاحب القول. والقول الأصلي هو:
قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى (1\ 97): «إن أهل العلم متفقون على أن الحاكم فيه من التساهل والتسامح في باب التصحيح. حتى أن تصحيحه دون تصحيح الترمذي والدارقطني وأمثالهما (وهما من المتساهلين) بلا نزاع. فكيف بتصحيح البخاري ومسلم؟ بل تصحيحه دون تصحيح أبي بكر بن خزيمة وأبي حاتم بن حبان البستي وأمثالهما (وهما من أشد المتساهلين من المتقدمين نسبيا). بل تصحيح الحافظ أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي في مُختارته، خيرٌ من تصحيح الحاكم. فكتابه في هذا الباب خيرٌ من كتاب الحاكم بلا ريب عند من يعرف الحديث. وتحسين الترمذي أحياناً (رغم تساهله الشديد) يكون مثل تصحيحه أو أرجح. وكثيراً ما يُصَحِّحِ الحاكمُ أحاديثَ يُجْزَمُ بأنها موضوعة لا أصل لها».
فكما ترى أن ما بين قوسين هو شرح مني لكلام شيخ الإسلام.
لكن إليك بعض ما قيل حول تساهل الترمذي في التوثيق:
قال الذهبي ميزان الاعتدال (7\ 231): «فلا يُغتَرّ بتحسين الترمذي. فعند المحاقَقَةِ غالبُها ضعاف». وفي نصب الراية (2\ 217): قال ابنُ دِحْيَة في "العَلَم المشهور": «وكم حَسّن الترمذي في كتابه من أحاديث موضوعة وأسانيد واهية!». وقال الذهبي في السير (13\ 276) عن سنن الترمذي «"جامعه" قاضٍ له بإمامته وحفظه وفقهه. ولكن يترخّص في قبول الأحاديث، ولا يُشدّد. ونفَسهُ في التضعيف رَخو». وقال الذهبي في تاريخ الإسلام (ص460): «نفَسه في التجريح ضعيف». وقال كذلك (ص352): «والترمذي يتساهل في الرجال».
وقد حاول بعض المعاصرين الاعتراض على كلام الذهبي رغم قوته. فكتب الدكتور عبد الرزاق الشايجي كتاباً بعنوان "منهج الحافظ الترمذي في الجرح والتعديل" هو إعادة لكتاب شيخه الدكتور نور الدين عتر "الإمام الترمذي والموازنة بين جامعه وبين الصحيحين"، وحاول اعتبار الترمذي من المعتدلين. وكأنه فهم من دعوى التساهل إسقاط أحكام الترمذي، مع أن الذهبي لم يقصد ذلك، وإنما أراد التنبيه للتساهل فحسب.
ثم عاد واعترف بتساهل الترمذي فقال (ص17): «يُلاحظ أن الترمذي لا يستخدم العبارات شديدة الجرح كالاتهام بالوضع أو الكذب، مع أنه أخرج لجماعة ممن نزل هذه المنزلة كمحمد بن سعيد المصلوب، ولا ينبه على ضعفه». وقال عنه (ص10): «إنه متساهل فيما انفرد به مخالفاً لأئمة الحديث الآخرين». وقال (ًص9): «ولا يعني هذا إهمال أقول الإمام الترمذي، كلا وحاشا، ولا هذا مراد الذهبي. فإن المتساهلين في التعديل إذا جرحوا أحداً فإن تجريحهم يفيد وهاء هذا الرجل وعدم صلاحيته. وكذلك ما لو ضعفوا حديثاً ما. أما في سياق التعديل فيُعتبر قولهم، ويُنظر هل توبعوا أم لا؟».
وهذا كلام صحيح، وكذلك نقول. والنتيجة الاستقرائية التي قام بها الشيخ الشايجي تؤيد هذا القول. فما حاجه إلى كل هذا التقلب؟
وقال ابن القيم في "الفروسية" (ص243): «الترمذي يصحّح أحاديثَ لم يتابعه غيره على تصحيحها. بل يصحّح ما يضعّفه غيره أو ينكره»، ثم ضرب عدة أمثلة.
وأخرج الترمذي حديث: «المسلمون على شروطهم، إلا شرطاً حرّم حلالاً أو أحلّ حرماً». قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح». لكن في إسناده كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه، وهو مُجمعٌ على ضعفه كما قال ابن عبد البر. وقال فيه الشافعي وأبو داود: هو ركنٌ من أركان الكذب. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال ابن حبان: له عن أبيه عن جده نسخة موضوعة. وضرب أحمد على حديثه. وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال الدارقطني وغيره: متروك.
وقال الذهبي في ميزان الاعتدال (5\ 493): «وأما الترمذي فروى من حديثه الصلح جائز بين المسلمين، وصحّحه. فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي». قلت: فقد نقل الذهبي عن جمهور العلماء عدم الاعتماد على تصحيح الترمذي، وهو الصواب إن شاء الله. وليس ذلك معناه إسقاط الإمام الترمذي وتجاهل أحكامه، بل المقصود أن تصحيحه في بعض التساهل، فيجب إعادة النظر فيه.
¥