[وقفة حول قول بعض المحدثين: هذا يشبه حديث فلان، وهذا لا يشبه حديثه]
ـ[مبارك]ــــــــ[04 - 03 - 03, 07:04 م]ـ
في هذه الوقفة أناقش فيها قول بعض المحدثين: هذا يشبه
حديث فلان، وهذا لا يشبه حديثه.
قال الإمام الجليل أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ في عبدالعزيز الدراوردي: أحاديثه عن عبيدالله تشبه أحاديث عبدالله بن عمر (1).
قال الإمام الجليل أبو حاتم ـ رحمه الله ـ: وقد بان مصداق ما قال أحمد في حديث الدراوردي عن عبيدالله عن نافع: " من أتى عرافاً فصدقه بما يقول لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ".
قال: والناس يروونه عن عبدالله العمري، عن نافع، عن ابن عمر وليس هذا يشبه حديث عبيدالله " (2).
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في " شرح علل الترمذي ":
" قاعدة مهمة: حذاق النقاد من الحفاظ لكثرة ممارستهم للحديث ومعرفتهم بالرجال وأحاديث كل واحد منهم، لهم فهم خاص يفهمون به أن هذا الحديث يشبه حديث فلان ولا يشبه حديث فلان فيعللون الأحاديث بذلك وهذا مما لا يعبر عنه بعبارة تحضره، وإنما يرجع فيه أهله إلى مجرد الفهم والمعرفة التي خصوا بها عن سائر أهل العلم، كما سبق ذكره في غير موضع، فمن ذلك ... "
ثم ذكر أمثلة كثيرة، بعضها مسلم، وبعضها غير مسلم، ومن ذلك قول الإمام أحمد وأبو حاتم في الدراوردي فقال:
" ومن ذلك قول أحمد وأبو حاتم في أحاديث الدراوردي، عن عبيدالله بن عمر أنها تشبه أحاديث عبدالله بن عمر " (3).
قال شيخنا حافظ الوقت ومحدث العصر ونابغته الإمام المجاهد محمد ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله ـ في " سلسلته الصحيحة " (الذهبية) (1/ 1/ 550 ـ 551): معلقاً على قاعدة ابن رجب الحنبلي فقال:
". . . فإن هذه المشابهةَ إن كانت كافيةً لإقناعِ من كانَ مِن النُّقَّاد الحُذَّاقِ؛ فليس ذاك بالذي يكفي لإقناعِ الآخرين الذين قَنَعوا بصِدْق الراوي وحِفْظِهِ وضَبْطِه، ثم لم يَشْعُروا بذلك الشَّبَه، أو شعروا به، ولكنْ لم يَرَوا من الصواب في شيءٍ جَعْلَه علَّةً قادحةً يُسْتَنْكَرُ الحديث من أجلها، ويُسَلَّم للقادح بها ... " وقال:
" فإنَّ كونَ حديث الثقةِ مشابهاً لحديث الضعيف، لا يُوجَدُ في العالمِ الصحيح ما يدل على أن حديثه حديث الضعيف، وأن الثقة وهم فيه، إذ قد يروي الضعيف ما يُشبه أحاديثَ الثقاتِ على قاعدة: " صدقك وهو كذوب " (4)، فكيف يجوز معَ ذلك أن نَرُدَّ حديثَ الثقةِ لِمجرَّدِ مشابهتِه لحديث الضَّعيف؟! بل العكسُ هو الصوابُ: أنْ نَقْبَلَ مِن حديث الضعيفِ ما يُشبهُ حديثَ الثقةِ ويُوافِقُه. بل إن الراوي المجهولُ حِفْظًهُ وضَبْطُه لا يُعْرَف ذلك منه إلا بعرْضِه على أحاديثِ الثقاتِ، فما وافَقَها من حديثِهِ؛ قُبِلَ، وما عارَضَه وخالَفَه؛ تُرِك. وهذا علمٌ معروفٌ في مصطلحِ الحديثِ " أه.
قال أبوعبدالرحمن: أما حديث: " من أتى عرافاً فصدقه بما يقول لم تقبل له صلاة أربعين ليلة " فنستدرك على الإمام الجليل، الحافظ، النَّاقد شيخُ المحدِّثين أبي حاتم الرازي ـ رحمه الله ـ في قوله: والناس يروونه عن عبدالله العمري، عن نافع، عن ابن عمر وليس هذا يُشبه حديث عبيدالله. أقول: هو صحيح عن عبيدالله العُمري المصغَّر لا كما قال الإمام الكبير أبوحاتم رضي الله عنه وذلك:
أخرجه مسلم (14/ 227 ـ نووي) ومن طريقه ابن حزم في " المحلى " (4/ 50)، وأحمد (4/ 68 و5/ 380) وعنه الخلال في " السنة " (رقم: 1402)، وكذا البخاري في " التاريخ الصغير "
(2/ 56)،وأبو نعيم في " ذكر أخبار أصبهان " (2/ 236) وفي
" الحلية " (10/ 406 ـ 407)، وابن بطة الحنبلي في
" الإبانة " (2/ 730) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن عبيدالله، عن نافع، عن صفية، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أتى عرافاً فسألهُ لم تقبل له صلاة أربعين ليلةً ".
قلت: وقع عند أحمد وابن بطة: " يوماً " بدلاً من: " ليلة "
وأخرجه البخاري في " التاريخ الصغير " (2/ 56): حدثنا إبراهيم بن حمزة، قال: حدثنا الدراوردي عن أبي بكر بن نافع، عن نافع عن صفية قالت: سمعتُ عمر بن الخطاب يقول: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره.
¥