تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بالنسبة للتحقيق عندما سجلت موضوع الحافظ العراقي كانت فكرتي عنه أنه له عدة كتب مطبوعة، وأني سأدرسه من خلال الكتب المطبوعة؛ لكن عندما دخلت في الكتابة بعدما كتبت عنه في الماجستير كتابة مختصرة كان لا بد أن أكتب عنه كتابة موسعة في الدكتوراه، فوجدت أن الرجل له كتب نفيسة جدّاًً ما تزال مخطوطة حتى الآن.

(البيان): مثل ماذا؟

شرحه لجامع الترمذي وهو من الكتب التي أعددتُها للطباعة قبل عشرين سنة من الآن، ولم يطبع حتى الآن، ولكني بدأت بعد ذلك فوجدت أن شرح العراقي لجامع الترمذي هو تكملة لشرح عالم آخر سبقه وهو ابن سيد الناس اليعمري، فوجدت أنه من القصور بعد التخرج أن أبدأ بتكملة العراقي دون شرح ابن سيد الناس، وهو عندي الآن ـ ما وجد من هذا الشرح ـ محقق منسوخ ومقابل ومعلق عليه تعليقات كثيرة من عشرين سنة.

وقد قمت بتوثيق النصوص وعزوها إلى مصادرها وتصويب ما يحتاج إلى تصويب منها، أما التعليق فهو الأصعب؛ لذلك طبع جزءان من الكتاب حتى الآن، وهناك جزءان في المطبعة التعليقات عليهما مطولة للغاية؛ بما أراه مفيداً نظراً إلى أن الأحكام التي أصدرها ابن سيد الناس على الرواة وعلى الأحاديث كان لا بد أن يكون لي موقف منها. فاقتضى هذا توسعاً؛ حتى إن أحد الإخوة الفضلاء غير المختصين في الحديث انتقدني في الإطالة؛ بأني كتبت في محمد بن إسحاق مائة وسبعين صفحة تعليقاً عليه، فكان رأيه ـ وهذه وجهة نظره ـ أن هذا خروج بالتحقيق عن منهجه وأن المفروض ألا أطيل بهذا الحجم. وقد كتبت في مقدمة الجزء الثالث رداً على هذا، وهو أن التحقيق يختلف منهجه بحسب خبرة المحقق، وذكرت بعض النماذج ممن طول تطويلاً ارتضاه الأخ الفاضل نفسه.

(البيان): الآن بوصفكم أستاذاً لعلوم الحديث ما هي أهم الرسائل التي أشرفتم عليها خلال رحلتكم العلمية المباركة؟

أهم الرسائل من حيث التخصص هي الرسائل التي عنيت بعلم علل الحديث، وأيضاً بتحقيق تراث من علم الحديث لم يكن طبع قبل أن أقترحه أنا على الطلاب ليشتغلوا به. على سبيل المثال في قسم السنَّة في كلية أصول الدين في الرياض كان مما اقترحته على الطلاب قبل أن يعمل فيه أحد كتاب: (الكامل في ضعفاء الرجال) لابن عدي، وخرج منه رسالتان قبل أن يطبع بواسطة الناشرين الآخرين، أيضاً كتاب (المختار) للضياء المقدسي كان من الكتب التي اقترحتها على الطلاب وخرج منه حوالي أربع رسائل قبل أن يطبع أيضاً، ومسند أبي يعلى الموصلي كان من الكتب التي اقترحتها على الطلاب في ذلك الوقت وخرج منه ثلاث رسائل قبل أن تطبع الأجزاء الأولى من المسند، وعلل الحديث كانت أول رسالة أشرفت عليها في ذلك التخصص في علل الحديث وأحوال الرجال في رواية المروزي عن الإمام أحمد، وهذه الرسالة نوقشت وانتهت قبل أن يطبع الكتاب بحوالي عشر سنوات، وأيضاً علل الحديث لابن أبي حاتم الرازي، والدارقطني.

(البيان): من خلال إشرافكم على حوالي مائة وأربع رسائل علمية في الدراسات العليا ما بين ماجستير ودكتوراه في الحديث وعلومه، ما هي توجيهاتكم للباحثين في مجال البحث العلمي عموماً ومجال السنَّة والاعتناء بها على وجه الخصوص؟

أولاً: أوصي الباحثين ألا يقتصروا في تكوين الخلفية العلمية على المقررات الدراسية؛ لأن المقررات الدراسية مهما بلغت لا يمكن من خلالها أن تتكون لدى الطالب الملكة العلمية التي تجعله ملمّاً دارياً بالحديث، فضلاً عن أن يكون دارساً متخصصاً، وحتى يكون الباحث باحثاً فعليه أن يديم الاطلاع بحسب ما يسمح به وقته ولا يقف عند مرحلة معينة، ويكون لديه اهتمام متواصل بالبحث في دائرة اختصاصه، وما يخدمها، لا سيما اللغة، وأن يكون هذا الاهتمام بالاطلاع الشخصي وبالمذاكرة مع أقرانه وبالمباحثة مع أساتذته، وأن يكون كل هذا مشمولاً بالحسنى وبحسن الخلق وعدم التعالي أو إظهار حظ النفس؛ فالعلم بدون حسن الخلق يكون وبالاً على صاحبه.

ثانياً: المحافظة على الوقت. ولا بد أن أذكر في هذا المجال أن قيمة الوقت في حياة الباحث العلمية تساوي أن يكون أو لا يكون؛ فالوقت لا بد أن يُحسب في عمر الباحث بالدقائق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير