تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فقلت: بلى وقد تكون موضوعة لأن الذي يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم- يكذب على الله تعالى، ولأن مدارها على الرواة وتوفر صفات القبول فيهم وعدمها.

الخلاصة أن هذه القصة أثارت أول بذور الرغبة والاندفاع عندي لدراسة هذا الموضوع وتعميم نفعه، وزادني عزماً وإقداماً طلب مجلة المنهل الكتابة في بعض البحوث المتعلقة بالأحاديث القدسية ومن ضمنها الموضوع الذي أنا بصدد البحث فيه فلم أتردد في اختياره مستعيناً بالله تعالى مع انشغالي بأعمال علمية أخرى ومعرفتي بأن دراسة هذا الموضوع بحاجة إلى وقت وجهد فَثَبّت العزيمة وبدأت في جمع المرام واقتناء المصادر المؤلفة في الموضوع حسب التيسر لأخذ العلم عن مناهجهم في جمع الأحاديث ومدى التزامهم بالأحاديث القدسية الصحيحة وبيان درجتها فتبين لي بعد إلقاء النظر وفحص هذه الكتب وأحاديثها ثغرة جديدة في هذا الموضوع وهي حاجة دراسة الأحاديث القدسية وكشف صحيحها من سقيمها حيث لم يتعرض مؤلفو الكتب السابقة الذكر في الموضوع ولم يلتزموا بذلك، فعلى سبيل المثال سأذكر في آخر البحث بعض المصادر المهمة وعدد أحاديثها وحصر ما صح من أحاديثها وما لم يصح وما هو مسكوت عنه مما توصلت إليه وهي بحاجة إلى دراسة أسانيدها بعد تخريجها من مظانها وإعطائها ما تستحق من الأحكام صحة وضعفا وقد بدأت والحمد للّه بسدّ هذه الثغرة والعمل جار بفضل الله تعالى- في جمعها وإنجازها إتماما للفائدة، وها أنا أبدأ في المقصود وقبل أن أدخل في صميم الموضوع أريد أن أوضح للقارئ الكريم معنى الحديث القدسي لغة واصطلاحا وأهم الفروق بين الحديث القدسي والقرآن الكريم وبينه وبين الحديث النبوي الشريف.

فأقول وبالله التوفيق:

الحديث: لغة الجديد، ويجمع على أحاديث على خلاف القياس.

اصطلاحا: ما أضيف إلى النبي-صلى الله عليه وسلم- من قول أو فعل أو تقرير أو صفة، هذا إذا أطلق، أما كلامنا فعَلى المقيد بالقدسي هنا، والقدس: بسكون الدال وضمها- لغة الطهر [1] والقدسي نسبة تكريمية إلى الذات القدسية وهو الله سبحانه وتعالى المسمى بالقدوس.

وقد يسمى بالحديث الإلهي أو الرباني نسبة إلى الإله المعبود أو إلى الرب تبارك وتعالى.

تعريفه بجزئيه: "الحديث القدسي اصطلاحا":

هو الحديث الذي يرويه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم- عن ربه تبارك وتعالى مسنداً ذلك إليه بقوله: قال الله تعالى أو يقول الله تعالى أو أوحى الله تعالى إليّ ونحوها من [2] الألفاظ وهذا التعريف هو الذي أراه صواباً.

فتبين من التعريف بأن الأحاديث القدسية هي من كلام الله تعالى والرسول صلى الله عليه وسلم ناقل لها فقط ولا داعي إلى القول بأن معناها من عند الله واللفظ من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإِطلاق وإن رجح عدد من العلماء المتأخرين وبعض المتقدمين من المتكلمين والأشاعرة هذا القول واستدلوا على ذلك ببعض الأدلة التي لا تقوم بها الحجة كما سأبين ذلك إن شاء الله تعالى.

ذكر أبو البقاء في كلياته [3] في الفرق بين القرآن والحديث القدسي:

"أن القرآن ما كان لفظه ومعناه من عند الله بوحي جلي وأما الحديث القدسي فهو ما كان لفظه من عند الرسول صلى الله عليه وسلم ومعناه من عند الله بالإِلهام أو بالمنام".

وبه قال الطيبي: وهذا نصه .. "القرآن هو اللفظ المنزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم، والقدسي إخبار الله معناه بالإلهام أو بالمنام فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بعبارة نفسه، وسائر الأحاديث لم يضفها إلى الله تعالى ولم يروه عنه تعالى" [4].

وهذا مذهب الشريف الجرجاني علي بن محمد حيث قال:

"الحديث القدسي هو من حيث المعنى من عند الله تعالى ومن حيث اللفظ من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فهو ما أخبر الله تعالى به نبيه بإلهام أو بالمنام فأخبر عليه السلام عن ذلك المعنى بعبارة نفسه فالقرآن مفضل عليه لأن لفظه منزل أيضاً" [5].

وهذا ما قاله الشيخ محمد المدني [6] ونقل أيضاً عن ملا علي القارئ أنه قال: "الحديث القدسي ما يرويه صدر الرواة وبدر الثقات عليه أفضل الصلوات وأكمِل التحيات عن الله تبارك تارة بواسطة جبريل عليه السلام وتارة بالوحي والإلهام والمنام مفوضاً إليه التعبير بأي عبارة شاء من أنواع الكلام .... ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير