ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[15 - 03 - 05, 05:55 ص]ـ
أخي " عبد الله الخليقي " لم ينتهي البحث بعد، وسيأتي تفصيل هذه المسألة
في الفصل الخاص ب (مواقف العلماء من أبي نعيم ومآخذهم عليه)
ثم ألا ترى معي تناقضاً ظاهراً في كلامك، حيث قلت:
(القول بأن أبا نعيم كان يميل للأشعري في الأعتقاد فيه نظر كبير!!)
ثم قلت (وقد نقل عنه الذهبي في كتاب العلو يبين مباينته للأشعرية في الأعتقاد أو على الأقل مباينته لمتأخري الأشاعرة)
ففي الأول نفيت (مجرد الميل)، وفي الثاني أثبت كونه أشعرياً لكن لم تصل درجة أشعريته درجة المتأخرين، إذاً وافق درجة المتقدمين!
ثم إليك هذا النقل، يقول الحافظ الذهبي:
(البلاء الذي بين الرجلين [سياق الكلام في ابن منده وأبي نعيم] هو الاعتقاد) ميزان الاعتدال 3/ 479.
والسؤال موجه لك أخي الكريم، ماهو اعتقاد الإمام ابن منده؟
وإليك هذا النقل أيضاً، يقول الحافظ الذهبي نقلاً عن الفرساني:
(حضرت مجلس أبي بكر بن أبي علي المعدل في صغري مع أبي، فلما فرغ من إملائه قال إنسان: من أراد أن يحضر مجلس أبي نعيم فليقم، وكان مهجوراً في ذلك الوقت بسبب المذهب [يقصد المعتقد ويؤكد ذلك الكلام الآتي] وكان بين الحنابلة وبين الأشعرية تعصب زائد، يؤدي إلى فتنة وقال وقيل وصراع. فقام إلى ذلك الرجل أصحاب الحديث بسكاكين الأقلام وكاد أن يقتل) اه تذكرة الحفاظ 1095.
فهذه الحكاية الواقعية تصور لنا درجة الحدة التي كانت فيها الخصومة، فأبو نعيم مهجور ومجفوّ في ذلك الوقت بسبب مذهبه الأشعري كما يقول فضيلة الشيخ الصباغ.
أيضاً:
هل ما نقلته عن الإمام الذهبي يكفي لنفي تهمة اعتقاد أبي نعيم بمذهب الأشاعرة؟ الإجابة بيقين
لايكفي البتة فالخلاف بين أهل السنة والجماعة وبين الأشاعرة خلاف كبير متشعب، مثلاً أين مسألة الإيمان فيما ذكرت؟
وهل تكفي مجرد الدعوى [طريقتنا طريقة السلف] حتى يصبح الرجل " سلفي المعتقد "!
وإليك النقل الأخير من " الحلية ":
[(قريء عند أبي يزيد يوماً: " يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً " مريم 85، قال: فهاج ثم قال: من كان عنده فلا يحتاج إلى أن يحشر لأنه جليسه أبدا) 10/ 41.
وهذا رد على القرآن لا يليق أن يُذكر أبدا،وإذا ذُكر فلابد من إنكاره وتزييفه، غير أن أبا نعيم يعقب على ذلك الكلام الفظيع بقوله: (اقتصرنا على هذا القدر من كلامه لما فيه من الإشارات العميقة التي لا يصل إلى الوقوف على مودعها إلا من غاص في بحره، وشرب من صافي أمواج صدره، وفهم نافثات سره، المتولدة من سكره) 10/ 41] (الصباغ 75)
وليُعلم أن بين الصوفية والأشعرية صلة وثيقة، فالفرقتان من عشاق التأويل المنحرف!
تنبيه مهم: الخلاف بسبب الاعتقاد لا يقبل عند المحدثين، فالإمام أبي نعيم حافظ كبير وثقة ضابط ثبت، وهو صوفي أشعري فله عقيدته ولنا حفظه وإتقانه.
قال الذهبي رحمه الله في أبي نعيم (الحافظ الكبير محدث العصر ... الصوفي الأحول) تذكرة
الحفاظ 1092.
راجع أيضاً: (المنتظم لابن الجوزي 8/ 100، البداية والنهاية 12/ 45).
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[16 - 03 - 05, 05:24 ص]ـ
شهرته ومنزلته:
أتيح لأبي نعيم في حياته شهرة نادرة المثال، وأهم أسباب ذلك:
1 - طول عمره (عَمَّر أربعاً وتسعين سنة)
ص22 - 23 - 24
2 - علو أسانيده.
3 - تفرده بالرواية عن أقوام متقدمين،بفضل الله أولا ً ثم والده، وهذا التفرد مكنه من إلحاق الصغار بالكبار.
4 - كثرة مؤلفاته.
5 - جمعه لجوانب عديدة فهو محدث كبير، وصوفي شهير ...
6 - حيويته وسعة اتصالاته وكثرة تلامذته ومشايخه.
وكان من مظاهر هذه الشهرة اهتمام الناس بما كتبه في حياته، فقد ذكر الحافظ الذهبي ما يأتي: (كانوا يقولون: لما صنف كتاب " الحلية " حمل الكتاب إالى نيسابور، فاشتروه بأربعمائة دينار) تذكرة الحفاظ 1094.
ويبدو أنه بعد تقدم العمر به وبعد أن مات أبو عبد الله بن منده وأصبح أبو نعيم من أعلى معاصريه إسناداً وخفت حدة الهجوم على الأشاعرة وشاع بين الناس التصوف أضحت له مكانة مرموقة.
رحلاته:
سمع ببغداد أبا علي الصواف وغيره، وسمع بمكة أبا بكر الآجري، وسمع بالبصرة فاروق بن عبد الكريم الخطابي وغيره، وسمع بالكوفة أبا عبد الله بن يحيى، وسمع بنيسابور أبا أحمد الحاكم.
وقد أشرنا في مبحث تلامذته إلى أن بعضهم سمع من أبي نعيم في البلدان الآتية: آمل وهمذان والري وتنيس وصقلية والأندلس.
وهذا مما يقتضي أن يكون صاحبنا قد رحل إلى هذه البلاد.
وبعد أن جمع ما لدى حفاظ عصره في الأقطار استقر في بلدته إصبهان، وصار الناس يقصدونه من كل مكان.
قال أحمد بن محمد بن مردوية:
(كان أبو نعيم في وقته مرحولاً إليه لم يكن في أفق من الآفاق أحد أحفظ منه ولا أسند منه) تذكرة الحفاظ 1094.
كيف كان يقضي وقته؟:
كان وقته كله مصروفاً إلى العلم والتعليم والتصنيف حتى إنه كان ربما يستغل وقت الطريق.
وكان عنده جَلَد على العلم والتعليم، يصف ذلك أحمد بن محمد بن مردوية:
( .. كان حفاظ الدنيا قد اجتمعوا عنده، فكان فكان كل يوم نوبة واحد منهم، يقرأ ما يريده إلى قريب الظهر، فإذا قام إلى داره ربما كان يقرأعليه في الطريق جزء وكان لا يضجر ولم يكن له غذاء سوى التسميع والتصنيف) تذكرة الحفاظ 1094 - طبقات الشافعية 4/ 21.
يتبع
¥