ولعله - رحمه الله - لم يكثر الرحلة نظراً لأن البصرة آنذاك من مراكز العلم، بل كانت محطاً للأنظار لكثرة المحدثين فيها، فمن شيوخه البصريين الإمام علي بن المديني وأبو داود السجستاني، ومحمد بن بشار ومحمد بن المثنى، وأبو الربيع الزهراني والعباس بن عبد العظيم العنبري، وغيرهم.
أقوال العلماء فيه
لقد تنوعت عبارات النقاد في الثناء على الإمام الساجي، وبيان إمامته ومكانته، وفقهه وتقدمه في الحديث والعلل، وقد جاءت تلك العبارات على لسان من عاصره من الأئمة، ومن أتى بعده، ومن أولئك الأئمة الأعلام:
ابن أبي حاتم حيث قال:
وكان ثقة يعرف الحديث والفقه، وله مؤلفات حسان في الرجال، واختلاف العلماء، وأحكام القرآن ().
وقال الخليلي:
فقيه حافظ ... وله تصانيف في هذا الشأن ... وهو متفق عليه مجروح من جرحه موثق من وثقه ().
وقال ابن عبد الهادي:
الإمام الحافظ محدث البصرة .. جمع وصف ().
وقال الذهبي:
الإمام الحافظ محدث البصرة وشيخها وفقيهها ... وكان من أئمة الحديث ().
وقال أيضاً:
وللساجي كتاب جليل في علل الحديث يدل على تبحره في هذا الفن ().
وقال أيضاً:
أحد الإثبات، ما علمت فيه جرحاً أصلاً ().
وقال أيضاً:
... وكان الساجي شيخ البصرة وحافظها ().
وذكره فيمن يعتمد قوله في لجرح والتعديل في الطبقة السادسة وقد قال فيهم: فنشرع الآن بتسمية من قال إذا تكلم في الرجال قبل قوله، ورجع إلى نقده (). وذكره في تذكرة الحفاظ في الطبقة التاسعة، وقد قال فيهم:
هذه تذكرة بأسماء معدلي حملة العلم النبوي، ومن يرجع إلى اجتهادهم في التوثيق والتضعيف، والتصحيح والتزييف ().
وقال الصفدي:
.. الحافظ كان من الأئمة الثقات ().
وقال السبكي:
أبو يحيى الساجي الحافظ كان من الثقات الأئمة ().
وقال الأسنوي:
كان أحد الأئمة الفقهاء للحفاظ الثقات ().
وقال ابن مفلح:
الحافظ ... وكان من الأئمة الثقات ().
وقال السيوطي:
الإمام للحافظ محدث البصرة ().
وقال الخزرجي:
... الحافظ أحد المصنفين ().
وقد رد الحافظان الذهبي، وابن حجر على ابن القطان قوله في الساجي: وهو بصري فقيه، ومختلف فيه وثقه قوم وضعفه آخرون ().
قال الذهبي:
أحد الإثبات ما علمت فيه جرحاً أصلاً، ثم نقل قول ابن القطان فيه ().
وقال ابن حجر:
ولا يغتر بقول ابن القطان قد جازف بهذه المقالة، وما ضعف زكريا الساجي هذا
أحد قط ().
وقال الكوثري:
شيخ المتعصبين كان وقاعاً ينفرد بمناكير عن مجاهيل، وتجد في تاريخ بغداد نماذج من انفراداته عن مجاهيل بأمور منكرة، ونضال الذهبي عنه من تجاهل العارف، وقال
أبو الحسن ابن القطان: مختلف فيه في الحديث وثقه قوم وضعفه آخرون، وقال أبو بكر الرازي بعد أن ساق حديثاً بطريقه: انفرد به الساجي ولم يكن مأموناً، وكفى في معرفة تعصب الرجل الإطلاع على أوائل كتاب العلل له ().
وقد رد المعلمي على الكوثري ذلك بقوله:
... إذا ثبتت ثقة الرجل وأمانته، لم يقدح ما يسميه الأستاذ تعصباً في روايته، ولكن ينبغي التروي فيما يقول برأيه لا اتهماماً له بتعمد الكذب والحكم بالباطل بل لاحتمال أن الحنق حال بينه وبين التثبت، وبهذه القاعدة نفسها نعامل ما حكاه الأستاذ عن أبي بكر الرازي إن كان ممن ثبتت ثقته، وأمانته فلا نقبلها منه بغير مستند مع مخالفته لمن هو أثبت منه، واعلم بالحديث ورجاله، ولأمر ما ستر الأستاذ على نفسه، وعلى الرازي، فلم يذكر الحديث، ولا بين موضعه فأما قوله “ كان وقاعاً “ فمن تصدي للجرح والتعديل، والتنديد بمن يخالف السنة احتاج إلى ما يسميه الأستاذ وقيعة، وإنما المذموم أن يقع الرجل في الناس بما لا يراه حقاً أو بما لا يعذر في جهل أنه باطل، وأما الانفراد بمناكير عن مجاهيل إن صح فلا يضره، وإنما الحمل على أولئك المجاهيل، ولا يترتب على ذلك مفسدة، ومثل ذلك ما يرويه عن الضعفاء كالحديث الذي في ترجمته في (لسان الميزان) سمعه من الساجي أبو داود،عبدان، والبزار وغيرهم، رواه الساجي عن عبد الله
¥